برلمان مصر.. اقتراع خارج الصندوق ونخبة جديدة تتشكل

الحزبيون يتصدرون المشهد.. وضعف المشاركة أبرز التحديات

برلمان مصر.. اقتراع خارج الصندوق ونخبة جديدة تتشكل
TT

برلمان مصر.. اقتراع خارج الصندوق ونخبة جديدة تتشكل

برلمان مصر.. اقتراع خارج الصندوق ونخبة جديدة تتشكل

في غياب القواعد التقليدية للانتخابات في مصر، أجريت المرحلة الأولى من الاستحقاق النيابي منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأعلنت نتائجها النهائية نهاية الشهر نفسه. وتكفل فاصل الأسبوعين هذا، بين انطلاق المرحلة وإعلان النتائج، بإدخال تعديل جذري على المشهد؛ فالاقتراع الذي بدأ فاترا، تصاحبه أصداء ضحكة مجلجلة لرئيس نادي قضاة مصر حين سئل عن وجود تجاوزات، فعلق قائلا: «لا.. لا توجد تجاوزات.. ولا ناخبون»، انتهى بحسب مراقبين إلى ترتيب جديد للنخبة السياسية في البلاد، عبر «علاقات قوة» غير مسبوقة في أروقة الحكم.
وأظهرت النتائج النهائية للمرحلة الأولى حضورا قويا للأحزاب التي فازت بـ108 مقاعد، مقابل 105 مقاعد للمستقلين في النظام الفردي. وتصدر حزب «المصريين الأحرار»، الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس، السباق الانتخابي بـ36 مقعدا، يليه حزب «مستقبل وطن» حديث العهد بـ21 مقعدا، وتقاسم حزبا «الوفد» أعرق الأحزاب المصرية و«الشعب الجمهوري» المركز الثالث محققين 11 مقعدا لكل منهما، فيما اكتفى حزب النور، الممثل الوحيد لتيار الإسلام السياسي، بـ8 مقاعد في الجولة الأولى، وتوزعت باقي المقاعد على 11 حزبا.

يتوقع الدكتور ضياء رشوان، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن يستحوذ حزب «المصريين الأحرار» على ما بين 90 إلى 80 مقعدا بنهاية الجولة الثانية التي تنطلق أواخر الشهر الحالي، كما توقع أن يحصل حزب «مستقبل وطن» على نحو 60 مقعدا، معتبرا أن هذا النسب ستؤدي حتما إلى برلمان مختلف جذريا عن البرلمانات التي شهدتها البلاد طوال تاريخها.
وجاء أول اقتراع نيابي في مصر بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، من خارج المقررات التاريخية المتعارف عليها، فمنذ رأى الرئيس الراحل أنور السادات أن الوقت حان لإنهاء تجربة الحزب الواحد، معلنا عودة الأحزاب في نوفمبر (تشرين الثاني) 1976، قاد الحزب الذي يتزعمه الرئيس البرلمانات المنتخبة، بأغلبية تراوحت بين المريحة أو الساحقة، ولم يكن الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي في تجربته التي لم تتجاوز العام بمنأى عن ذلك.
ويرى الدكتور معتز بالله عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن «البرلمان الجديد أدخلنا إلى مساحة غير مطروقة في حياتنا السياسية، فللمرة الأولى يأتي البرلمان من دون أهلي وزمالك الحياة السياسية (في إشارة لحالة الاستقطاب الحاد والمنافسة التقليدية بين أهم ناديين لكرة القدم في البلاد)، فلا وجود للحزب الوطني الديمقراطي بالصيغة الرسمية، ولا لإخوان مسلمين بالصيغة الرسمية».
في غياب المشهد التقليدي وجد المرشحون والناخبون أنفسهم أمام انتخابات برلمانية بلا بوصلة هادية، وخارج المربع المريح للموالاة أو المعارضة، فالرئيس عبد الفتاح السيسي، القادم من المؤسسة العسكرية رأسا إلى سدة الحكم، تعهد ألا يؤسس حزبا أو يدعم حزبا من الأحزاب الموجودة على الساحة، وهو أمر كرسه الدستور الجديد، رغم محاولات جرت للإيحاء بعكس ذلك من قبل تحالفات انتخابية.
ووضع الدكتور رفعت السعيد، السياسي المخضرم، رئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع، محاولات قائمة «في حب مصر» للإيحاء بأنها قائمة الرئيس السيسي ضمن الأسباب التي أدت إلى عزوف الناخبين، وهو التحدي الأبرز أمام البرلمان المقبل. وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الإيحاء غير الذكي من قائمة (في حب مصر) جعل الناخب يتصور أنها آتية للمجلس لا محالة، وقد كان».
وتنفي قائمة «في حب مصر» هذا الاتهام، وتعلن بوضوح أنها تدعم الرئيس السيسي دون أن يعني هذا أنها مدعومة من طرفه. وقال اللواء سامح سيف اليزل، الذي يتزعم القائمة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعتزم بناء تحالف واسع داخل المجلس، متعهدا بأن يقوم تحالفه بدور رقابي قوي.
الحيوية الموعودة لمجلس تتوزع مواقع القوة فيه بين عدة أحزاب، وائتلافات تسعى حاليا لتوسيع نفوذها باستمالة نواب مستقلين، تعاني من أزمة جوهرية تتعلق بضعف المشاركة، الأمر الذي من شأنه أن يلقي بظلال من الشك حول شرعية المجلس التمثيلية.
ويرى الدكتور نور فرحات، أستاذ فلسفة القانون والفقيه الدستوري بجامعة الزقازيق، أن توافر الشرعية القانونية للانتخابات لا يغني عن الشرعيتين؛ السياسية والشعبية، مؤكدا أن الحديث عن الشرعية القانونية وحدها لا يجوز بعد ثورتين شعبيتين شهدتهما البلاد.
وبالنظر للدور الذي حدده الدستور للبرلمان المقبل، تبدو أزمة الشرعية أكثر إشكالية، فمجلس النواب الجديد منوط به وضع القوانين المكملة للدستور، إلى جانب توسيع صلاحيات المجلس الذي سيكون بمقدوره أن تشكل أغلبيته الحكومة إذا لم يحظ مرشح الرئيس لرئاسة مجلس الوزراء برضا النواب، كما سيكون بمقدور المجلس طلب طرح الثقة عن الرئيس في استفتاء شعبي، وإن رفض الشعب طرح الثقة يعني ذلك حل المجلس.
وقبيل الانتخابات البرلمانية، قادت تحليلات لمراقبين ورؤساء أحزاب إلى تهيئة الساحة لـ«انتخابات ضعيفة»، يهيمن عليها المستقلون ونواب الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل) الذي احتكر السلطة طوال عقود حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
يعارض الدكتور ضياء رشوان، وهو عضو لجنة كتابة الدستور، تلك الآراء، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتخابات البرلمانية أحيطت بكم هائل من التحليلات التي بنيت على انطباعات، وأحيانا معلومات غير مدققة، فبينما كان طيف واسع من المراقبين يتحدثون عن برلمان سيهيمن عليه المستقلون، عكست الأرقام حضورا قويا لمرشحي الأحزاب؛ فمن بين 2548 مرشحا في الانتخابات كان هناك 883 مرشحا حزبيا، وهذا أمر انعكس بدوره على النتائج النهائية للمرحلة الأولى، وهذه النتائج لم تأت من فراغ».
وتابع: «المؤكد أن المجلس وبخلاف ما تردد يشهد حضورا هائلا للأحزاب يتجاوز 50 في المائة، ربما للمرة الأولى منذ عقود، ومعظم تلك الأحزاب جديد على الساحة، باستثناء حزب واحد قديم هو حزب الوفد، كما أن اللافت أيضا أن هذا الحضور الحزبي برز في المحافظات وهو أمر غير متوقع، بعد أن تعودنا على أن وجودها يقتصر على المناطق الحضرية فقط، وهو ما يعني أن الأحزاب اخترقت المجتمع من أسفل».
ويحاجج البعض بأن الأحزاب التي تحظى بدعم سخي من رجال أعمال نجحت في استقطاب مرشحين أقوياء في دوائرهم الانتخابية من دون أن تربطهم أي صلة بالحزب أو أفكاره أو برنامجه، مما يعني أن نجاحها لا يعبر عن وزنها الفعلي ولا يعكس حضورا شعبيا. لكن رشوان يشير إلى ضرورة تجاوز قراءة المشهد من منطلق نظرية الدوافع فقط؛ ويقول: «الأحزاب كان أمامها طريقان، بناء كوادرها أو استقطاب كوادر موجودة على الأرض بالفعل، وبحكم التوقيتات اختارت الحل الثاني، وعلينا أن ننتظر لنرى التجربة خلال الممارسة، فهؤلاء النواب سينشطون بحكم عدة أمور داخل هياكل أحزابهم، وهو أمر سيكون له مردود جيد جدا على الحياة السياسية».
لا يبدي الدكتور عبد الفتاح، وهو أيضا أستاذ للعلوم السياسية في جامعة ميشيغان الأميركية، الثقة نفسها في أداء البرلمان المقبل، ويشير إلى أن «نتائج الانتخابات التي ترتب عليها خروج جيل من السياسيين من المشهد السياسي لصالح جيل جديد، سيشغل المساحة الأكبر من مقاعده، تضعنا أمام نواب ليست لديهم خبرة كافية».
ويضيف عبد الفتاح قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «سيكون تحديا وفرصة ربما يحسنون (النواب الجدد) استغلالها بالبناء على قواعد مختلفة، أو ربما لا يحسنون استغلالها وبالتالي نكون أمام برلمان هو تكرار للبرلمانات السابقة، برلمان مفتت، وجوده كغيابه، وهذا هو الخوف الأكبر، أن يفقد البرلمان دوره كأداة للتفاوض الجماعي بين فئات المجتمع المختلفة، وكأداة لحل الصراعات السياسية بطريقة منضبطة».
يعبر الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، عن المخاوف نفسها معتبرا أن البرلمان لن يعارض سياسات الرئيس السيسي، مشيرا إلى أن النواب يريدون أن يظلوا قريبين من الرئيس لأنه لا يزال مركز النظام السياسي في البلاد.
الرأي نفسه يؤيده أستاذ العلوم السياسية حازم حسني، الذي يقول إن «البرلمان سيكون برلمان الرئيس». ويضيف أن البرلمان «سيترك للرئيس حرية إدارة شؤون البلاد كما يشاء، سيكون برلمانا للحفاظ على الأمر الواقع كما هو مع إعطاء مسحة من الديمقراطية».
ويختلف الدكتور رشوان مع هذه الانتقادات المسبقة أيضا، ويقول إن التصريحات التي خرجت من أكبر حزبين في البرلمان تنقد هذا الأمر، فرئيس حزب «مستقبل وطن» أعلن صراحة أنه لن يؤيد رئيس الوزراء شريف إسماعيل المدعوم من الرئيس المصري، إذا ما عرض برنامج الحكومة على البرلمان، كما أكد اللواء سيف اليزل أن بقاء حكومة إسماعيل لا يزال أمرا غير محسوم.
ورغم المخاوف يتوقف الدكتور رشوان، وهو نقيب الصحافيين السابق، أمام ظواهر أخرى تؤشر في اعتقاده على وجود منحى جديد للناخبين، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لأول مرة في تاريخ البرلمانات المصرية نجد 24 قبطيا في جولة الإعادة، منهم مرشحان اثنان تنافسا على المقعد نفسه في بندر ملوي (في محافظة المنيا بصعيد مصر)، كما شهدنا للمرة الأولى أيضا منذ حصول المرأة على حق التصويت حضور 11 سيدة في جولة الإعادة».
وأضاف أن محافظة المنيا التي شهدت أكبر عدد من حرق الكنائس (في أعقاب موجة العنف التي تلت فض اعتصام أنصار الإخوان العام قبل الماضي)، والتي شهدت منع تصويت الأقباط في الانتخابات الرئاسية عام 2012، هذه المحافظة دخل جولة الإعادة فيها 10 أقباط. نحن هنا نتحدث عن نوع جديد من الناخبين لا تشكل العائلات والقبليات عصبه الأساسي، رغم أنها لا تزال موجود بالطبع فهي جزء من تركيب اجتماعي.
وكان رئيس اللجنة العليا للانتخابات، المستشار أيمن عباس، قد أعلن في وقت سابق أن نسبة التصويت في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب بلغت 26.56 في المائة بإجمالي بلغ نحو 7.3 مليون صوت، فيما شارك في جولة الإعادة بالمرحلة الأولى 5 ملايين و554 ألفا و678 ناخبا، من أصل 25 مليونا و582 ألفا و518 ناخبا لهم حق التصويت في الجولة التي شملت 14 محافظة من بينها محافظتا الجيزة والإسكندرية.
وأوضح المستشار عباس أن مجموع النواب الفائزين في الجولة الأولى بلغ 273 نائبا، بينهم 5 نساء و12 شابا و108 حزبيين و105 مستقلين و60 نائبا فازوا بنظام القوائم (قائمة في حب مصر حسمت الانتخابات في الجولة الأولى).
ورغم الإيجابيات التي تحدث عنها رشوان، بدا لعدد من المراقبين أن الاقتراع جرى «خارج الصندوق»، بالنظر لنسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات البرلمانية، لكن بقي الخلاف حول من حصد «مقاعد الفراغ»؛ اللامبالاة التي وسمت الانتخابات طوال العقود الثلاثة ما قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، أم أنه الغضب مما عده معارضون «إغلاقا للمجال العام»، أم استفتاء جديد على شعبية الرئيس السيسي؟
وترى الدكتورة هالة شكر الله، الرئيسة السابقة لحزب الدستور، أن عزوف الناخبين عن الاقتراع في أول مجلس نواب في مصر بعد 30 يونيو (حزيران) لا يعبر عن قرار قصدي، بقدر ما يشير إلى إحساس عام عبرت عنه بـ«الإيمان بالمستقبل».
وقالت شكر الله لـ«الشرق الأوسط» إن «قطاعا كبيرا جدا من المصريين لم يذهب لأنه شعر بأنه غير مطلوب منه المشاركة.. هناك علاقة ديناميكية بين الجماهير والسلطة، والمصريون عبر تراكم الخبرة يدركون متى يكون لمشاركتهم أثر ومتى لا يكون لهذه المشاركة معنى».
وتضيف شكر الله أن «القطاع الوحيد الذي يمكن أن نعتبر مقاطعته للعملية الانتخابية مقاطعة واعية هو قطاع الشباب. هناك غضب بالتأكيد، وربما يأس، ولدى البعض رغبة في الانسحاب من المجال العام».
عزوف الشباب عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية كثفه مشهد احتشاد ما يزيد على 40 ألف شاب من روابط مشجعي النادي الأهلي في استاد مختار التتش بوسط القاهرة غير بعيدين عن ميدان التحرير لتشجيع ناديهم، في حين خيم الصمت على مراكز الاقتراع القريبة.
وفي رسالة مباشرة، انتشرت في شوارع بالقاهرة ملصقات دعائية لمجموعة من شباب الثورة المحبوسين في قضايا تتعلق بالتظاهر دون الحصول على ترخيص. وحملت تلك الملصقات صور النشطاء علاء عبد الفتاح (مسجون)، أحمد دومة (مسجون)، وأحمد ماهر، وآخرين، مع دعوة للتصويت للقائمة التي أطلق عليها قائمة «أفرجوا عن مصر».
وتتابع شكر الله قائلة: «على الدولة أن تستفيد من الرسائل التي مررها المصريون عبر العزوف عن المشاركة في الانتخابات، هذه مؤشرات قوية على أن هناك خطبا ما، وأننا لسنا على طريق المستقبل».
ومن ثم، يطالب الدكتور السعيد الحكومة بمراجعة مواقفها أيضا، لكنه يحمل لجنة قانونية أنيط بها وضع قوانين الانتخابات وترأسها وزير العدالة الانتقالية (ألغيت في الحكومة الحالية) مسؤولية عزوف الناخبين. وقال السعيد إن قوانين الانتخابات أساءت للعملية الانتخابية بقدر ما استبعدت بشدة الفئات الوسطى والفقراء، نظرا للالتزامات المادية التي فرضتها على المرشحين والتي بلغت في الانتخابات الحالية نحو 11 ألف جنيه، وهذا يعني أن 60 في المائة من المصريين أجبروا على عدم الترشح، وهو أمر يفتقر إلى المنطق خاصة حينما نعلم أن المرشح لرئاسة الجمهورية غير مطالب بدفع مليم واحد.
ويشير السعيد إلى قيمة الكشف الطبي والتي تقدر بـ3 آلاف جنيه، وقد اضطر المرشحون لإعادته مرة أخرى بعد أن تأجلت الانتخابات بحكم قضائي، بالإضافة لمبلغ 5 آلاف جنيه رسوم نظافة تحصلها المحافظات. وكانت هذه التكلفة المادية سببا في تراجع قائمة «صحوة مصر» عن السباق الانتخابي.
وانتقد السعيد أيضا موقف اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات. وقال إن «اللجنة وقفت مكتوفة الأيدي وعاجزة عن تفعيل المادة 74 من الدستور التي تمنع الدعاية الانتخابية على أساس ديني، كما وقفت مكتوفة الأيدي أمام أكوام الأموال التي تدفقت من الخارج على حزب بعينه، ومن الداخل على أحزاب أخرى، حتى إن تلك الأحزاب بدأت تتباهى بحجم الإنفاق، والنتيجة العملية أن قطاعا واسعا ابتعد عن العملية الانتخابية ترشيحا وتصويتا».
ويحدد قانون الانتخابات ضوابط وسقفا للدعاية الانتخابية، لكن معظم المراقبين يعتقدون أن عددا من الأحزاب تجاوز سقف الدعاية المسموح به.
الانتقادات التي وجهها السعيد للعملية الانتخابية لم تمنعه من التأكيد على أنها تمت بشفافية ونزاهة، وهو أمر شككت فيه أحزاب صغيرة أعلنت انسحابها قبل أيام من بدء جولة الإعادة في المرحلة الأولى.
وقال طارق زيدان، القيادي في تحالف نداء مصر المنسحب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار انسحاب التحالف جاء كرد فعل طبيعي للتجاوزات التي شهدتها العملية الانتخابية، وتجاوبا مع نبض الشارع الذي قاطع الانتخابات».
وهكذا، بين فتور مشهد الاقتراع وسخونة التنافس الحزبي على أكثرية البرلمان المقبل، ينتظر المصريون نتائج الجولة الثانية للبرلمان التي ستجرى يومي 22 و23 نوفمبر الحالي في 13 محافظة مصرية من بينها العاصمة القاهرة، ليعرفوا إذا ما كانت الأحزاب ستكرس حضورها بالفعل كلاعب رئيسي على الساحة السياسية، أم لا.. كما سيعرف قادة تلك الأحزاب ما إذا كان الناخبون سيعيرونهم هذه المرة الاهتمام الكافي، أم لا.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.