رغم سحب التفويض البرلماني عنه.. العبادي يتعهد للتحالفين السني والشيعي بالمضي في الإصلاح

تصاعد الحديث حول إمكانية استبدال رئيس الوزراء

حيدر العبادي
حيدر العبادي
TT

رغم سحب التفويض البرلماني عنه.. العبادي يتعهد للتحالفين السني والشيعي بالمضي في الإصلاح

حيدر العبادي
حيدر العبادي

تعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بمواصلة سياساته الإصلاحية التي تعهد بها، مؤكدا أنه سيمضي في طريق الإصلاح وسيلتزم بالبرنامج الحكومي المتفق عليه.
إعلان العبادي جاء عشية إعلان البرلمان سحب التفويض الممنوح من قبله له. وباستثناء كتلة التحالف الكردستاني التي لم تتحرك ضد العبادي على الرغم من الخلاف النفطي العميق بين بغداد وأربيل، فإن كلا من التحالف الشيعي ممثلا بالتحالف الوطني العراقي ذي الأغلبية البرلمانية، واتحاد القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) الذي يمثل التكتل السني، تحركا ضد العبادي مؤخرا، في وقت يستمر فيه ضغط الموالين لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي في ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة بالتزامن مع ما يدور من كلام بشأن إمكانية استبدال العبادي.
مكتب العبادي أعلن في بيان له أمس أن رئيس الوزراء عقد في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس الاثنين اجتماعا مشتركا مع الهيئتين السياسيتين للتحالف الوطني واتحاد القوى العراقية. وأضاف البيان أن «العبادي أكد التزامه بالبرنامج الحكومي ومضيه في الإصلاحات ومحاربة (الفاسدين)»، مضيفا أنه «جرت خلال الاجتماع مناقشة المستجدات على الساحة السياسية والأوضاع التي يشهدها البلد». وأضاف البيان أنه «تمت في الاجتماع مباركة الانتصارات المتحققة في قواطع العمليات وأهمية إدامة زخمها وتوحيد الكلمة والجهود لتجاوز التحديات التي يمر بها البلد على المستويين السياسي والأمني، بالإضافة إلى مناقشة الوضع الاقتصادي والمالي الذي يمر به العراق وضرورة إيجاد الحلول والمعالجات له». ولفت إلى أن «الاجتماع أكد على أهمية تكامل العمل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ودعم هذا العمل والإصلاحات بما يخدم مصلحة الشعب العراقي». وتابع أن «الاجتماع ناقش قضية المهجرين وإعادة العوائل إلى المناطق التي تم تحريرها، وأن يكون ما حدث في صلاح الدين بعد تحريرها وعودة النازحين أنموذجا يطبق في جميع المناطق المحررة، وفتح معبر بزيبز أمام الحالات الإنسانية ولنقل المواد الغذائية».
وأكد العبادي، بحسب البيان، على «التزامه بالبرنامج الحكومي وبنوده ومضيه بالإصلاحات ومحاربة الفاسدين، وهو ما يتطلب أن تتوحد الكلمة والموقف للسير بالعراق إلى الطريق الصحيح والابتعاد ونبذ كل ما من شأنه أن يسهم في عرقلة ما يخدم المواطن ويحقق مصالحه».
لكنه وفي السياق نفسه، وبعد التصعيد السياسي والبرلماني ضده من قبل جهات من داخل ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي إليه، فقد أكد العبادي في بيان مقتضب عزمه وإصراره على «الاستمرار في الإصلاحات ومحاربة الفساد والفاسدين وعدم التراجع عن ذلك رغم التحديات والعقبات»، مضيفا أنه «لن تفلح محاولات من خسروا امتيازاتهم بإعاقة الإصلاحات أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ونقض ما أنجزناه، فإرادة المواطنين أقوى منهم وستقتلع جذور الفساد وتحقق العدل في العراق».
وفي هذا السياق، أكد عضو البرلمان العراقي عن المجلس الأعلى الإسلامي سليم شوقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المجلس الأعلى الإسلامي وكتلته البرلمانية كتلة المواطن يؤكدان دعمهما وتأييدهما للإصلاحات التي يقوم بها رئيس الوزراء حيدر العبادي شريطة أن تكون هذه الإصلاحات جذرية وليس ترقيعية مثلما هو حاصل في العديد من الجوانب والميادين، وأن تكون جدية بمعنى عميقة وشاملة وليست إجراءات إدارية ذات طبيعة تقشفية في الغالب، وأن تكون متوازنة تتوخى المصلحة الوطنية العليا وأن تكون قانونية ودستورية». وأضاف: «هذه ثوابتنا على صعيد عملية الإصلاح، وقد أبلغناها للسيد العبادي وللكتل الأخرى، وأصبح هناك توافق وطني عام بشأن هذه الثوابت». وفي ما يتعلق بالموقف الكردي، فقد أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني فرهاد قادر أن «عملية الإصلاح واسعة ومعقدة، ونحن كنا قد طالبنا بوضع سقوف زمنية للإصلاحات حتى لا تختلط الصورة بحيث تتداخل الأوراق وتختلط، حيث إننا كنا وما زلنا نرى أن كل خطوة تحتاج إلى وقت لتنفيذها».
في السياق نفسه، أكد نائب الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي ومنسق التيار المدني الديمقراطي رائد فهمي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخلافات داخل الكتل السياسية سواء التحالف الوطني الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء أو تحالف القوى العراقية تنعكس بشكل أو بآخر على الإصلاحات والإجراءات التي يقوم بها العبادي والتي لم تعد تحظى بتأييد هؤلاء لأسباب مختلفة، لعل من أهمها الخلاف حول إدارة الإصلاحات وليس حول حزمة الإصلاحات التي كانت قد حظيت بتأييد المرجعية الدينية وكذلك الشارع من خلال المظاهرات الكبرى التي لا تزال تشهدها المدن العراقية بدءا من العاصمة بغداد». وأوضح فهمي أن «الجهات السياسية والبرلمانية التي تضررت من سياسة العبادي الإصلاحية وجدت في قضية سلم الرواتب نافذة للدخول إلى قصة الإصلاحات بهدف إظهار العبادي وكأنه عاجز أو يتخبط في سياسته لا سيما أن سلم الرواتب يتيح المجال للحديث بهذا الاتجاه لأنه غير مدروس بالفعل».



إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
TT

إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)

في خطوة أولى وغير مسبوقة للحكومة اليمنية، أحالت النيابة العامة مسؤولَين في مصافي عدن إلى محكمة الأموال العامة بمحافظة عدن، بتهمة الإضرار بالمصلحة العامة والتسهيل للاستيلاء على المال العام، وإهدار 180 مليون دولار.

ووفق تصريح مصدر مسؤول في النيابة العامة، فإن المتهمَين (م.ع.ع) و(ح.ي.ص) يواجهان تهم تسهيل استثمار غير ضروري لإنشاء محطة طاقة كهربائية جديدة للمصفاة، واستغلال منصبيهما لتمرير صفقة مع شركة صينية من خلال إقرار مشروع دون دراسات جدوى كافية أو احتياج فعلي، بهدف تحقيق منافع خاصة على حساب المال العام.

«مصافي عدن» تعد من أكبر المرافق الاقتصادية الرافدة للاقتصاد اليمني (إعلام حكومي)

وبيّنت النيابة أن المشروع المقترح الذي كان مخصصاً لتوسيع قدرات مصافي عدن، «لا يمثل حاجة مُلحة» للمصفاة، ويشكل عبئاً مالياً كبيراً عليها، وهو ما يعد انتهاكاً لقانون الجرائم والعقوبات رقم 13 لعام 1994. وأكدت أن الإجراءات القانونية المتخذة في هذه القضية تأتي ضمن إطار مكافحة الفساد والحد من التجاوزات المالية التي تستهدف المرافق العامة.

هذه القضية، طبقاً لما أوردته النيابة، كانت محط اهتمام واسعاً في الأوساط الحكومية والشعبية، نظراً لحساسية الموضوع وأهمية شركة «مصافي عدن» كأحد الأصول الاستراتيجية في قطاع النفط والطاقة في البلاد، إذ تُعد من أكبر المرافق الاقتصادية التي ترفد الاقتصاد الوطني.

وأكدت النيابة العامة اليمنية أنها تابعت باستفاضة القضية، وجمعت الأدلة اللازمة؛ ما أدى إلى رفع الملف إلى محكمة الأموال العامة في إطار الحرص على تطبيق العدالة ومحاسبة المتورطين.

ويتوقع أن تبدأ المحكمة جلساتها قريباً للنظر في القضية، واتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة بحق المتهمين، إذ سيكون للحكم أثر كبير على السياسات المستقبلية الخاصة بشركة «مصافي عدن»، وعلى مستوى الرقابة المالية والإدارية داخلها.

إصلاحات حكومية

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني، أحمد عوض بن مبارك، أن صفقة الفساد في عقد إنشاء محطة كهربائية في مصفاة عدن قيمتها 180 مليون دولار، ووصفها بأنها إهدار للمال العام خلال 9 سنوات، وأن الحكومة بدأت إصلاحات في قطاع الطاقة وحققت وفورات تصل إلى 45 في المائة.

وفي تصريحات نقلها التلفزيون الحكومي، ذكر بن مبارك أن مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة ليست مجرد شعار بل هي نهج مستمر منذ توليه رئاسة الحكومة. وقال إن مكافحة الفساد معركة وعي تتطلب مشاركة الشعب والنخب السياسية والثقافية والإعلامية.

بن مبارك أكد أن الفساد لا يقتصر على نهب المال العام بل يشمل الفشل في أداء المهام (إعلام حكومي)

وقال إن حكومته تتعامل بجدية؛ لأن مكافحة الفساد أصبحت أولوية قصوى، بوصفها قضية رئيسية لإعادة ثقة المواطنين والمجتمع الإقليمي والدولي بالحكومة.

ووفق تصريحات رئيس الحكومة اليمنية، فإن الفساد لا يقتصر على نهب المال العام بل يشمل أيضاً الفشل في أداء المهام الإدارية، مما يؤدي إلى ضياع الفرص التي يمكن أن تحقق تماسك الدولة.

وأوضح أنه تم وضع خطة إصلاحية للمؤسسات التي شاب عملها خلل، وتم توجيه رسائل مباشرة للمؤسسات المعنية للإصلاح، ومن ثَمَّ إحالة القضايا التي تحتوي على ممارسات قد ترقى إلى مستوى الجريمة إلى النيابة العامة.

وكشف بن مبارك عن تحديد الحكومة مجموعة من المؤسسات التي يجب أن تكون داعمة لإيرادات الدولة، وفي مقدمتها قطاعات الطاقة والمشتقات النفطية؛ حيث بدأت في إصلاح هذا القطاع. وأضاف أن معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي «تتوازى مع معركة مكافحة الفساد»، وشدد بالقول: «الفساد في زمن الحرب خيانة عظمى».

تعهد بمحاربة الفساد

تعهد رئيس الوزراء اليمني بأن يظل ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى لحكومته، وأن تواصل حكومته اتخاذ خطوات مدروسة لضمان محاسبة الفاسدين، حتى وإن تعالت الأصوات المعارضة. مؤكداً أن معركة مكافحة الفساد ليست سهلة في الظروف الاستثنائية الحالية، لكنها ضرورية لضمان الحفاظ على مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة والمساءلة.

ووصف بن مبارك الفساد في زمن الحرب بأنه «خيانة عظمى»؛ لأنه يضر بمصلحة الدولة في مواجهة ميليشيا الحوثي. واتهم بعض المؤسسات بعدم التعاون مع جهاز الرقابة والمحاسبة، ولكنه أكد أن مكافحة الفساد ستستمر رغم أي ممانعة. ونبه إلى أن المعركة ضد الفساد ليست من أجل البطولات الإعلامية، بل لضمان محاسبة الفاسدين والحفاظ على المؤسسات.

الصعوبات الاقتصادية في اليمن تفاقمت منذ مهاجمة الحوثيين مواني تصدير النفط (إعلام محلي)

وكان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة قد سَلَّمَ رئيس الحكومة تقارير مراجعة أعمال «المنطقة الحرة عدن»، وشركة «مصافي عدن»، و«المؤسسة العامة لموانئ خليج عدن»، وشركة «النفط اليمنية» وفروعها في المحافظات، و«مؤسسة موانئ البحر العربي»، والشركة «اليمنية للاستثمارات النفطية»، و«الهيئة العامة للشؤون البحرية»، و«الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية»، و«الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري»، والشركة «اليمنية للغاز مأرب»، إضافة إلى تقييم الأداء الضريبي في رئاسة مصلحة الضرائب ومكاتبها، والوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين وفروعها في المحافظات.

ووجه رئيس الحكومة اليمنية الوزارات والمصالح والمؤسسات المعنية التي شملتها أعمال المراجعة والتقييم من قِبَل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالرد على ما جاء في التقارير، وإحالة المخالفات والجرائم الجسيمة إلى النيابات العامة لمحاسبة مرتكبيها، مؤكداً على متابعة استكمال تقييم ومراجعة أعمال بقية المؤسسات والجهات الحكومية، وتسهيل مهمة فرق الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للقيام بدورها الرقابي.

وألزم بن مبارك الوزارات والمؤسسات والمصالح والجهات الحكومية بالتقيد الصارم بالقوانين والإجراءات النافذة، وشدد على أن ارتكاب أي مخالفات مالية أو إدارية تحت مبرر تنفيذ التوجيهات لا يعفيهم من المسؤولية القانونية والمحاسبة، مؤكداً أن الحكومة لن تتهاون مع أي جهة تمتنع عن تقديم بياناتها المالية ونتائج أعمالها للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، لمراجعتها والعمل بشفافية ومسؤولية، وتصحيح كل الاختلالات سواء المالية أو الإدارية.

وكانت الدول المانحة لليمن قد طالبت الحكومة باتخاذ إجراءات عملية لمحاربة الفساد وإصلاحات في قطاع الموازنة العامة، وتحسين موارد الدولة وتوحيدها، ووقف الجبايات غير القانونية، وإصلاحات في المجال الإداري، بوصف ذلك شرطاً لاستمرار تقديم دعمها للموازنة العامة للدولة في ظل الصعوبات التي تواجهها مع استمرار الحوثيين في منع تصدير النفط منذ عامين، وهو المصدر الأساسي للعملة الصعبة في البلاد.