قوات برية تعزز عمليات تحرير تعز.. والميليشيات تنسحب من مناطق بعد زراعتها بالألغام

هادي يلتقي عددًا من الشخصيات الاجتماعية من أبناء المحافظة

عربة تابعة لقوات الجيش اليمني والتحالف تتفقد الأوضاع قرب ميناء عدن (أ.ف.ب)
عربة تابعة لقوات الجيش اليمني والتحالف تتفقد الأوضاع قرب ميناء عدن (أ.ف.ب)
TT

قوات برية تعزز عمليات تحرير تعز.. والميليشيات تنسحب من مناطق بعد زراعتها بالألغام

عربة تابعة لقوات الجيش اليمني والتحالف تتفقد الأوضاع قرب ميناء عدن (أ.ف.ب)
عربة تابعة لقوات الجيش اليمني والتحالف تتفقد الأوضاع قرب ميناء عدن (أ.ف.ب)

بدأت فعليًا العمليات العسكرية لتحرير محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية وسط اليمن، بمشاركة قوات عسكرية من التحالف العربي بقيادة السعودية إلى جانب الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
وخلال الساعات الماضية دخلت قوات برية من التحالف إلى محافظة تعز عبر طرق مختلفة بعد عمليات إنزال مظلي لذخائر وأسلحة نوعية عبر طيران التحالف، وكذا دخول أسلحة برية نوعية تتضمن آليات عسكرية ومدرعات. في حين كان المجلس العسكري قد أعلن في وقت سابق من اليوم الأول عن بدء الترتيبات والتجهيزات لعملية معركة تحرير المدينة.
وفي غضون ذلك، التقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، عددًا من الشخصيات السياسية والاجتماعية من أبناء محافظة تعز بحضور مستشار رئيس الجمهورية سلطان العتواني.
ووفقًا لوكالة أنباء «سبأ» اليمنية الموالية للشرعية، عبّر الجميع عن تقديرهم لجهود هادي في نجدة محافظة تعز لتجاوز ما تعيشه تحت رحى الحرب ونيران ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية منذ أشهر، الذين استماتوا في محاصرة المدينة ومعاقبة سكانها لوقوفهم في وجه القوى الظلامية. وأثنوا على التحولات الأخيرة التي تشهدها المدينة، وتواصل الرئيس اليمني مع المقاومة ومساندة قوات التحالف التي أشعرت الجميع بأن تباشير النصر قادمة.
ووضع هادي أمام الجميع مستجدات الأوضاع على الساحة الوطنية وتعز بدرجة رئيسية.. مؤكدًا إيلاء المحافظة الاهتمام الذي تستحقه باعتبارها لم تكن يومًا غائبة عنه.
وقال رئيس الجمهورية: «إن لتعز مكانتها الخاصة على الصعيد الجغرافي والوطني والإنساني وهي خاصرة الوطن وملاذه الآمن على مر المراحل والمنعطفات من تاريخ البلد».
وشدد على ضرورة شحذ الهمم وتوحيد الصفوف بالتعاون مع الجميع لوضع حد لمعاناة تعز وأبنائها العزل المسالمين والأبرياء أمام آلة الحرب لميليشيا الحوثي وصالح الإنقلابية.
وقال هادي: «إن تعز مدينة السلام ونحن جميعا دعاة السلام ومشروعنا وطن آمن مستقر مبني على العدالة والمساواة والحكم الرشيد بعيدا عن الإقصاء الفئوي والمناطقي، وهذا ما تجسد في مخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور التي انقلب عليها الحوثيون وصالح بإعلانهم الحرب على الشعب اليمني تنفيذا لأجندة دخيلة على وطننا ومجتمعنا ومحيطنا». حضر اللقاء نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية الدكتور عبد الله العليمي.
إلى ذلك، تستمر ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح بارتكاب مجازر وجرائم بحق الأهالي بتعز خاصة بعد البدء الفعلي للعمليات العسكرية لتطهير محافظة تعز بكاملها من الميليشيات الانقلابية وقوات المخلوع في مختلف جبهات القتال الشرقية والغربية.
ويقول مصدر من المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الميليشيات الانقلابية ارتكبت جريمة غير مسبوقة في تعز قبل انسحابها من بعض المناطق الواقعة شرق المدينة، حيث قامت بزرع ألغام على الطريق الوحيد أمام الأهالي بتعز في منطقة ثعبات، ونتج عنه انفجار حافلة ركاب يقدر عددهم بـ16 راكبًا ونتج عن الانفجار مقتلهم جميعا، بالإضافة إلى استشهاد 2 من المواطنين جراء انفجار لغم آخر بإحدى سيارات المواطنين بحي العسكري، شرق المدينة».
ويضيف: «شنت ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح، أمس، هجوما عنيفا بصواريخ الكاتيوشات والهاون ومختلف أنواع الأسلحة كرد انتقامي لها لبدء العمليات العسكرية لتطهير المحافظة منهم حيث قصفت الكثير من الأحياء السكنية بما فيه قصف عنيف على جبر صبر بأكثر من 10 صواريخ كاتيوشا، والمجلية والدمغة وطريق صبر الموادم»، مؤكدا أن الميليشيات لا تزال تقصف وبشكل عنيف وعشوائي من مواقع لهم في تبة سوفتيل ومن ساحة القصر الجمهوري.
وعلى الصعيد الميداني والعسكري قتل العشرات من الميليشيات الانقلابية خلال مواجهات بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني، من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح، من جهة أخرى، في جبهات القتال وكذا جراء غارات التحالف العربي التي شنتها وبشكل مباشر على مواقع وتجمعات ومخازن أسلحة الميليشيات.
وتركزت غارات التحالف على مواقع الميليشيات في نقطة الثلاثين، التي تربط بين خط الضباب والحديدة، وموقع حذران، غرب المدينة، ومعسكر اللواء 22 بالجند وجامعة تعز بحبيل سليمان حيث تمكنت من تدمير دبابة متمركزة في حرم الجامعة، ومواقع أخرى وسط المدينة.
وبينما تشهد تعز كارثة إنسانية وحصار مطبق للشهر السابع على التوالي من قبل الميليشيات الانقلابية على مداخل المدينة وتمنع عليهم دخول الماء والغذاء والأدوية وحتى أسطوانات الأكسجين للمستشفيات وكل مستلزمات العيش، أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ إزاء تطورات الأوضاع في تعز واصفة ما تتعرض له «حرب تجويع عمدية».
وقالت المنظمة في بيان لها: «لقد باتت إمدادات الغذاء المحدودة تصل إلى المدينة عبر التهريب وبأسعار باهظة تضاعفت إلى نحو 600 في المائة على صلة بالرشى التي يضطر المهربون سدادها لحواجز ودوريات الميليشيا التي تحاصر الدروب المؤدية للمدينة، في حين يتسبب القصف العشوائي في انهيار تام لإمدادات مياه الشرب النقية في المدينة وتدني الطاقة التي تؤذي استمرار الخدمات الطبية المحدودة المتوافرة وتعمق مأساة السكان».
وبدوره يقول بليغ التميمي، رئيس شبكة إنقاذ للإغاثة ومؤسسة فجر الأمل الخيرية للتنمية الاجتماعية ورئيس تنفيذية المجلس الثوري بتعز، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع الإنساني في تعز يزداد تعقيدًا يومًا بعد آخر بسبب الحصار المفروض على المدينة وتوقف الناس عن العمل وإغلاق أكثر من 90 في المائة من المحلات والمراكز والمنشآت الصناعية؛ الأمر الذي أدى إلى فقدان كثير من الأسر مصادر دخلها الذي تقتات منه، وهذا ينذر بكارثة ومجاعة قد بدت ملامحها تظهر».
ويضيف: «هناك انهيار للمنظومة الصحية وتوقف المستشفيات عن العمل بسبب نفاد المستلزمات الطبية وانعدام المشتقات النفطية ولم يتبقى إلا 3 مستشفيات عاملة تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات في الوقت الذي تستقبل فيه أعداد هائلة من الجرحى والمرضى بفعل القصف العشوائي المستمر والتلوث البيئي الحاصل نتيجة تراكم القمامة في الشوارع والحارات».
ويؤكد التميمي أن هناك «3285 من المنازل والمنشآت تعرضت للهدم الكلي أو الجزئي، و10 ألف من الأطفال فقدوا آباءهم ومليون و600 ألف بحاجة إلى مياه صالحة للشرب، نعم فتعز تغرق في ظلام دامس لا تكاد تسمع فيها إلا أصوات المآذن أو قذائف الهاون والهاوزر وصواريخ الكاتيوشا ورصاصات القناصة، في تعز لا ماء لا كهرباء لا غذاء لا دواء لا وقود».
وناشد رئيس شبكة إنقاذ للإغاثة ورئيس تنفيذية المجلس الثوري بتعز، عبر «الشرق الأوسط»، المنظمات ورجال الخير، القيام بواجبهم تجاه تعز. وقال: «من خلال صحيفتكم، نناشد المنظمات ورجال الخير القيام بواجبهم تجاه تعز المنكوبة، فنحن لا نريد أن نسمع بيانات وإدانات فقط، هذا وحده لا يكفي».
وأضاف: «تعز تحتاج إلى توفير ما يقارب من 500 ألف سلة غذائية وتوفير مليوني لتر من الماء يوميا وتوفير مراكز إيواء وتزويد القائمة منها بالاحتياجات الإيوائية والغذائية وتزويد المستشفيات العاملة بالأدوية والمستلزمات الطبية وفتح مستشفيات ميدانية وإقامة حملات نظافة وإعادة تأهيل الآبار وتوفير العلاجات للمرضى».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.