القضاء العراقي يبطل قرارات مفوضية الانتخابات باستبعاد أربعة نواب

الناطق باسم المفوضية لـ {الشرق الأوسط}: تعاملنا مع بعض الحالات وفقا لاجتهادنا

موظف بمفوضية الانتخابات العراقية يقوم بتسليم بطاقة هوية الناخب الإلكترونية لشرطي عراقي في النجف أمس (أ.ف.ب)
موظف بمفوضية الانتخابات العراقية يقوم بتسليم بطاقة هوية الناخب الإلكترونية لشرطي عراقي في النجف أمس (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يبطل قرارات مفوضية الانتخابات باستبعاد أربعة نواب

موظف بمفوضية الانتخابات العراقية يقوم بتسليم بطاقة هوية الناخب الإلكترونية لشرطي عراقي في النجف أمس (أ.ف.ب)
موظف بمفوضية الانتخابات العراقية يقوم بتسليم بطاقة هوية الناخب الإلكترونية لشرطي عراقي في النجف أمس (أ.ف.ب)

أبطلت الهيئة القضائية التمييزية أمس قرار مفوضية الانتخابات القاضي باستبعاد أربعة نواب في البرلمان، مرشحين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في الثلاثين من أبريل (نيسان) المقبل.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أعلنت، في 25 فبراير (شباط) الماضي، استبعاد كل من النواب سامي العسكري وصباح الساعدي وعمار الشبلي وعالية نصيف من الترشيح للانتخابات البرلمانية المقبلة، مؤكدة أن القرار جاء لصدور قرارات سابقة من محكمة النشر والإعلام بشأنهم.
وأثار القرار حفيظة النواب الأربعة فضلا عن الكتل والزعامات السياسية في البلاد من منطلق أن هذا الأمر يمكن أن يفتح الطريق أمام حالات مماثلة قد تدخل في باب تصفية الحسابات، لكن القرار الذي اتخذته الهيئة القضائية التمييزية بإعادة النواب الأربعة إلى ميدان المنافسة الانتخابية لاقى ردود فعل إيجابية من مختلف القوى والكتل السياسية.
وبينما جرى استبعاد النائب عن كتلة «متحدون للإصلاح» حيدر الملا نهائيا من المشاركة بالانتخابات، فإن السياسي العراقي مشعان الجبوري أبلغ «الشرق الأوسط» أن «النائب قتيبة الجبوري يحاول أن يثير حفيظة بعض القضاة ضده من خلال تلفيق قصص وحكايات مفصولة عن سياقها الطبيعي للحيلولة دون مشاركتي بالانتخابات المقبلة». وتوقع الجبوري صدور حكم قريب بشأنه، مشيرا إلى أنه سوف يواصل «المسيرة حتى لو لم يصدر القرار لصالحي، حيث إنني سوف أبقى داعما للكثير من المرشحين من كتلتي، فضلا عن دعمي للنائب عزة الشابندر المرشح عن بغداد، وكذلك النائب والمفكر حسن العلوي، لأننا نحتاج في البرلمان القادم إلى أصوات وقامات بحجمهما».
وكانت النائبة عالية نصيف التي جرى استبعادها أعلنت أمس الأحد أن الهيئة القضائية التمييزية أبطلت قرار المفوضية العليا المستقلة للانتخاب باستبعادها.
وقال رئيس ائتلاف العراقية الحرة قتيبة الجبوري خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع النائبة عالية نصيف أمس إن «مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أبلغنا بأن الهيئة القضائية التمييزية أصدرت قرارا بإبطال استبعاد النائبة عالية نصيف من الانتخابات البرلمانية المقبلة». وأضاف الجبوري أن «قرار استبعاد نصيف الذي صدر من المفوضية كان بسبب تصريحاتها تجاه دولة الكويت».
من جانبها قالت النائبة عالية نصيف خلال المؤتمر إن «قرار استبعادي كان غير مطابق للدستور والقانون ولذلك جرى نقضه».
من جانبه أعلن كل من النواب سامي العسكري وعمار الشبلي وصباح الساعدي عن صدور قرارات مماثلة بشأن إعادتهم إلى السباق الانتخابي. وقال الشبلي في مؤتمر صحافي إن «مجلس المفوضين قبل الطعن الذي قدمته ونقض قرار استبعادي من الترشيح في الانتخابات البرلمانية المقبلة». وأضاف الشبلي أن «الشكوى المقدمة ضدي كانت من وزير الصناعة أحمد الكربولي بدعوة نشر، وهي دعوة مدنية وكان الحكم فيها غرامة مالية»، مبديا استغرابه من «استهداف الكربولي لثلاثة نواب من ائتلاف دولة القانون». وتابع الشبلي: «لا أنوي رفع دعوة قضائية ضد الوزير الكربولي، وإذا كان الوزير يمتلك وثائق أو استفسارات عليه الذهاب إلى المحاكم».
من جهتها رحبت المفوضية العليا المستقلة في العراق بالقرار الذي اتخذته الهيئة القضائية التمييزية بإعادة النواب الأربعة المستبعدين من السياق الانتخابي. وقال الناطق الرسمي باسم المفوضية صفاء الموسوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «القانون رسم الطريق الذي تمضي في ضوئه المفوضية التي هي جهة تنفيذية يهمها تطبيق القانون على الجميع، وبالتالي فإن ما يردها من شكاوى تتعامل معه طبقا لكل حالة وتحيلها في النهاية إلى الهيئة القضائية التمييزية التي تصدر حكمها النهائي بذلك».
وأضاف الموسوي أن «بعض الحالات تعاملنا معها وفقا لاجتهادنا مثل قضية النائب حيدر الملا، حيث إننا رددنا الشكوى ولكن المشتكي ذهب إلى الهيئة القضائية التي أصدرت حكمها النهائي بشأن قضيته وبالتالي فإن لكل حالة ظروفها، ونحن من جهتنا نلتزم بما تتخذه الهيئة القضائية من قرارات ملزمة للجميع». وكانت هيئة المساءلة والعدالة كشفت، في 12 فبراير 2014، عن تراجع عدد المشمولين بالاجتثاث من المرشحين لانتخابات عام 2014 الحالي، إلى 442 فقط بعد أن كان 650 في دورة 2010، مبينة أن إجراءاتها شملت الكثير من النواب الحاليين بعد أن تسلمت 12 مليون وثيقة جديدة عززت عملها، في حين عدت كتل سياسية أن اجتثاث نواب حاليين وسابقين يدل على «ارتفاع الطائفية السياسية والهيمنة» على قرارات الهيئة، و«عقابا» من الحكومة لكل من «يخالفها في الرأي ويتقاطع معها»، متهمين الهيئة بـ«الخضوع للضغوط ومخالفة الدستور».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.