عباس: نحن لا نسعى إلى إلغاء اتفاق أوسلو ومقاطعة إسرائيل

الرئيس الفلسطيني طالب مدعية لاهاي بإجراء تحقيق فوري في جرائم الاحتلال

شبان فلسطينيون يفرون من قنابل الغاز التي أطلقتها باتجاههم قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال المواجهات التي جرت بين الجانبين في الضفة  أمس (رويترز)
شبان فلسطينيون يفرون من قنابل الغاز التي أطلقتها باتجاههم قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال المواجهات التي جرت بين الجانبين في الضفة أمس (رويترز)
TT

عباس: نحن لا نسعى إلى إلغاء اتفاق أوسلو ومقاطعة إسرائيل

شبان فلسطينيون يفرون من قنابل الغاز التي أطلقتها باتجاههم قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال المواجهات التي جرت بين الجانبين في الضفة  أمس (رويترز)
شبان فلسطينيون يفرون من قنابل الغاز التي أطلقتها باتجاههم قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال المواجهات التي جرت بين الجانبين في الضفة أمس (رويترز)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه لا يعتزم التخلي عن اتفاق أوسلو، ولا ينوي الإصرار على استيعاب ملايين اللاجئين الفلسطينيين داخل إسرائيل، مضيفا في لقاء عقده بالقرب من مدينة لاهاي الهولندية مع أعضاء من مركز المعلومات والتوثيق حول إسرائيل «CIDI»، وهو منظمة يهودية هولندية داعمة لإسرائيل، وتعمل على رصد حالات «معاداة السامية»، إننا «لن نلغي أي شيء ما دامت إسرائيل تحترم التزاماتها».
وأضاف عباس أثناء اللقاء، الذي نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، أن السلطة الفلسطينية لم تطالب أبدا بمقاطعة إسرائيل، بل بمنتجات المستوطنات فقط. وسؤاله حول «حق العودة» لملايين الفلسطينيين إلى إسرائيل، أوضح عباس «أنا لا أطالب بعودة ستة ملايين فلسطيني، بل أريد حلا لهم».
وسألت حنا لودن، مديرة المركز، الرئيس الفلسطيني عباس قائلة إن «هناك قلقا حقيقيا بشأن التحريض، بما في ذلك من تحريض قبلك بالقول إن إسرائيل تريد بناء هيكل ثالث في الحرم القدسي»، فرد عليها عباس بالقول إنه على استعداد لمعالجة مسألة التحريض من قبل إسرائيل والفلسطينيين بوساطة أميركية، ولكن إسرائيل لا تبدي استعدادا لذلك.
وأضاف عباس أن إسرائيل تنتهك الوضع الراهن في الحرم القدسي منذ عام 2000، وذلك عندما قام شارون بغزوه، في إشارة منه إلى زيارة أرييل شارون، الذي كان آنذاك زعيما للمعارضة في إسرائيل، إلى الحرم القدسي مع مجموعة من أعضاء الكنيست من «الليكود»، والذي أطلق شرارة الانتفاضة الثانية عام 2000.
وبينما ترفض الوفاء بالاتفاقات مع السلطة، اتهم عباس إسرائيل بإجراء مفاوضات مع حركة حماس في أوروبا، في دولة لم يذكر اسمها، مضيفا أنها أجريت كذلك محادثات غير مباشرة حتى الشهر الماضي من خلال توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق.
وجاء اللقاء مع الجالية اليهودية بينما التقى عباس المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا في لاهاي، وقدم لها مذكرة حول الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب في الأراضي الفلسطينية.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، الذي قام بتسليم المذكرة، إن الوفد الفلسطيني برئاسة الرئيس محمود عباس دعا محكمة الجنايات الدولية خلال لقائه بنسودا، إلى فتح تحقيق فوري في جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، مشددًا على ضرورة إرسال وفد من المحكمة إلى الأراضي الفلسطينية لتوثيق المعلومات والحقائق.
وأوضح المالكي في حديث إذاعي بثته الوكالة الرسمية، إن مهمة وفد المحكمة الذي دعا الجانب الفلسطيني إلى إرساله للأراضي الفلسطينية، هي الاطلاع على حقيقة الأوضاع وتوثيق كل جرائم الاحتلال الإسرائيلي للاستفادة من المعلومات، والمعطيات في عملية تسريع فتح تحقيق رسمي ضد حكومة الاحتلال، وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني.
وأشار المالكي إلى أن الوفد الفلسطيني حمل القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية مسؤولية الجرائم، التي يرتكبها جيشها بحق الشعب الفلسطيني، قائلاً «لقد أكدنا للمحكمة الجنائية أن بقاء دولة الاحتلال الإسرائيلي فوق القانون قد سمح لها باستمرار انتهاك القانون الدولي، وارتكاب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، وأن الإفلات من العقاب هو منبع كل الجرائم»، مضيفا أننا «كنا قد قدمنا سابقًا للمحكمة ملفات تتعلق بإحراق وقتل عائلة دوابشة، وبالأمس قدمنا ملفات حول كل ما قام به جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة الماضية، من إعدامات ميدانية وجرائم القتل وهدم للمنازل».
وأوضح المالكي أن «المعلومات الآن أمام مكتب المدعية العامة لاعتمادها ضمن سياق الفحص الأولي، حيث أشرنا إلى أن جرائم حكومة الاحتلال الإسرائيلي نمطية وممنهجة وواسعة النطاق، وشددنا على دور المحكمة في تشكيل نظام حماية للشعب الفلسطيني ضد هذه الجرائم، وذلك من خلال مساءلة منفذي الجرائم وعدم إفلاتهم من العقاب، كما أكدنا على أهمية المحكمة في عدم إعفاء الدول من تحمل مسؤولياتها والتزاماتها في ضمان احترام القانون الدولي، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي».
وحول لقاء الرئيس بالجالية اليهودية، أوضح المالكي أن «الرئيس حريص على لقاء الجالية اليهودية من أجل تصحيح الصورة النمطية التي لقنوا بها، ومن أجل إنهاء محاولات السفارة الإسرائيلية بفرض هذه الصورة في عقولهم، ولاطلاعهم مباشرة على حقيقة المواقف الفلسطينية، ورغبة فلسطين في الوصول إلى اتفاق سلام مع الجانب الإسرائيلي»، مضيفًا أنه «رغم حدة الأسئلة التي بدأوا بها، وتلقين بعضهم بأسئلة من السفارة الإسرائيلية، إلا أن نتائج اللقاء كانت مهمة جدًا في إطار أهداف الاستراتيجية التي يعمل الرئيس على تحقيقها، وذلك نتيجة حكمته وحنكته».
وعلى الرغم مما قاله عباس في لقائه مع الجالية اليهودية في هولندا، فقد وصفه وزير إسرائيل مقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه غير مؤهل لأن يكون شريكا، حيث قال وزير الدولة أوفير أكونيس إن «فكرة حل الدولتين للشعبين قد ماتت، والبديل يتمثل بالبحث عن حل انتقالي طويل المدى»، مضيفا أنه «لا يوجد شريك فلسطيني.. ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليس طرفًا أهلاً للحوار في الوقت الحاضر».
وتابع أكونيس موضحا «نحن في أوج موجة إرهاب كانت متوقعة، حركها وأشعلها رئيس السلطة الفلسطينية بعد عملية تحريض مجنونة، إنه لم يعد من الممكن أن نحاوره.. نريد فعلا حلا مرحليا طويل الأمد طالما لا يوجد أي شريك فلسطيني».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».