قتيل وأكثر من 50 جريحًا في جمعة غضب جديدة بالضفة والقطاع.. والقدس تشتعل

6 مسعفين من الهلال الأحمر الفلسطيني ومصور صحافي من بين الجرحى.. وعباس التقى المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية

شبان فلسطينيون في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي في مدينة الخليل التي شهدت ومدن فلسطينية أخرى جمعة غضب أمس (أ.ف.ب)
شبان فلسطينيون في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي في مدينة الخليل التي شهدت ومدن فلسطينية أخرى جمعة غضب أمس (أ.ف.ب)
TT

قتيل وأكثر من 50 جريحًا في جمعة غضب جديدة بالضفة والقطاع.. والقدس تشتعل

شبان فلسطينيون في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي في مدينة الخليل التي شهدت ومدن فلسطينية أخرى جمعة غضب أمس (أ.ف.ب)
شبان فلسطينيون في مواجهة مع الجيش الإسرائيلي في مدينة الخليل التي شهدت ومدن فلسطينية أخرى جمعة غضب أمس (أ.ف.ب)

بعد هدوء دام نحو الأسبوعين في مدينة القدس الشرقية المحتلة، وانتقال المعارك إلى منطقتي الخليل وبيت لحم، عادت القدس لتشتعل، في حين أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن إصابة أكثر من خمسين فلسطينيا بجروح في جمعة غضب جديدة شهدت مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا للبحث في موجة العنف المتصاعدة مع إسرائيل، بحسب ما أفاد مسؤولون فلسطينيون.
وقال مصدر في وزارة الصحة الفلسطينية إن 51 مواطنا أصيبوا بالرصاص الحي والمعدني وقنابل الغاز من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في المواجهات التي حدثت أمس، مبينا أن «اثنين من المصابين في حالة خطرة». وقال المصدر إن «12 مواطنا من بين المصابين أصيبوا في المواجهات قرب معبر بيت حانون في شمال قطاع غزة و16 في منطقة الشجاعية (قرب نقطة نحال عوز العسكرية الإسرائيلية شرق مدينة غزة) و17 في منطقة الفراحين بخان يونس (جنوب) و6 شرق مخيم البريج (وسط)».
وذكر المصدر أن من بين المصابين «ستة مسعفين» يعملون لصالح جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ومصورا صحافيا محليا إضافة إلى «تضرر سيارة إسعاف» شرق خان يونس.
وأوضح القدرة أن 19 من الجرحى أصيبوا برصاص حي و22 برصاص معدني وهو عبارة عن رصاصة معدنية مغلفة ببلاستيك، والباقين وهم عشرة أصيبوا إما مباشرة بالقنابل المسيلة للدموع أو بحالات اختناق استدعت نقلهم إلى المستشفى. وتوفي رضيع فلسطيني أيضا خلال مواجهات في بيت لحم في الضفة الغربية. وذكرت مصادر فلسطينية أن الرضيع الذي لم يتجاوز الثمانية أشهر توفي اختناقا جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي قنابل الغاز المسيل للدموع على منازل سكنية في بلدة بيت فجار في بيت لحم.
وتجددت المواجهات بعد صلاة ظهر الجمعة في المناطق الحدودية الشرقية والشمالية بين قطاع غزة وإسرائيل. وتعليقا على هذه المواجهات قال نافذ عزام القيادي في حركة الجهاد في كلمة ألقاها خلال مظاهرة نظمتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي في خان يونس جنوب قطاع غزة بمشاركة الآلاف «رغم كآبة المشهد فإن جهادنا ماض ومستمر ولا يمكن التخلي عنه»، مطالبا الأمة الإسلامية بـ«ضرورة حشد الدعم والإسناد اللازم للقضية الفلسطينية».
من جانبه دعا القيادي البارز في حماس محمود الزهار في خطبة الجمعة بمسجد العمري الكبير في غزة إلى «توحيد الصف الوطني الفلسطيني لدعم انتفاضة القدس». وأضاف أن «الانتفاضة بدأت ولا نعلم متى ستنتهي ونحن كلنا يقين أننا سننتصر على المحتل الغاصب»، مشددا «لا تسمحوا للمستوطنين أن يدخلوا المسجد الأقصى بعد اليوم فالصلاة للمسلمين في الأقصى ليست منحة من (وزير الخارجية الأميركي جون) كيري ولا غيره ولن نسمح بزيارة اليهود للأقصى».
وبعد هدوء دام نحو الأسبوعين في مدينة القدس الشرقية المحتلة، وانتقال المعارك إلى منطقتي الخليل وبيت لحم، عاد القدس لتشتعل. وحاول شاب فلسطيني (23 عاما) طعن مواطن إسرائيلي في المنطقة الغربية، فانقض جندي باللباس المدني عليه وراح يطعنه بالسكين حتى أغمي عليه. وقال الأطباء إن حالته صعبة للغاية. وقالت الشرطة إن الشاب وهو من سكان حي كفر عقب في القدس الشرقية أصيب إصابة خطرة ونقل إلى المستشفى لتلقي العلاج. وأصيب شخص آخر برصاصة في ساقه بينما كان رجال الأمن يطلقون النار على الشاب الفلسطيني. ووقع الحادث بالقرب من محطة قطار عند الشارع رقم واحد الذي يفصل بين القدس الشرقية والقدس الغربية، وهو الأول منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) في القدس.
وقد استمرت أمس الصدامات بين قوات الاحتلال وجمهرة المواطنين الفلسطينيين في منطقتي بيت لحم والخليل.
من جهة ثانية التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا للبحث في موجة العنف المتصاعدة مع إسرائيل، بحسب ما أفاد مسؤولون فلسطينيون. وقال مسؤول في الممثلية الفلسطينية في هولندا لوكالة الصحافة الفرنسية إن اللقاء هو الأول بين عباس وبنسودا منذ انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية في يناير (كانون الثاني). ومنذ بداية أكتوبر، أدت مواجهات بين إسرائيليين وفلسطينيين تخللتها عمليات طعن وإطلاق رصاص إلى مقتل 64 فلسطينيا (بينهم عرب إسرائيليون) وتسعة إسرائيليين، في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل. وأصدرت الممثلية الفلسطينية في هولندا بيانا قالت فيه إن عباس الذي يقوم بجولة أوروبية، يزور بنسودا «في سياق التصعيد الإسرائيلي الخطير.. وفي إطار الفحص التمهيدي الذي تجريه المدعية العامة حول الوضع في فلسطين».
وبناء على طلب من السلطة الفلسطينية، بدأت بنسودا في يناير فحصا تمهيديا تحدد على أساسه ما إذا كانت توجد أدلة كافية لفتح تحقيق في جرائم حرب قد تكون ارتكبتها إسرائيل منذ الحرب على قطاع غزة في صيف عام 2014.
واستمرت الحرب في قطاع غزة خمسين يوما وخلفت أكثر من 2200 قتيل فلسطيني غالبيتهم من المدنيين و73 قتيلا في الجانب الإسرائيلي معظمهم من الجنود. ويتناول الفحص التمهيدي التصرفات الفلسطينية كما الإسرائيلية، علما بأن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية وتنتقد الإجراءات الحالية فيها التي تطالها. ومن الأحداث التي تؤخذ على إسرائيل في حرب غزة قصف مدارس تابعة للأمم المتحدة كانت تستخدم كملاجئ، فيما تقول إسرائيل إن حركة حماس كانت تستخدم هذه الملاجئ لتكديس السلاح.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.