تناول النقانق واللحوم الحمراء ينتصر على تقرير الصحة العالمية

بعد أن حذرت المنظمة من تناولها لأنها مسببة للسرطان

تناول النقانق واللحوم الحمراء ينتصر على تقرير الصحة العالمية
TT

تناول النقانق واللحوم الحمراء ينتصر على تقرير الصحة العالمية

تناول النقانق واللحوم الحمراء ينتصر على تقرير الصحة العالمية

استنكرت بعض الدول التي تتلذذ شعوبها بتناول النقانق وحفلات الشواء في الهواء الطلق من تقرير لمنظمة الصحة العالمية يحذر من تناول اللحوم المصنعة والمحفوظة مثل النقانق واللحوم المقددة ولحوم الخنزير لأنها تسبب السرطان.
وفي برلين، قال وزير الزراعة الألماني يجب على الألمان ألا يمتنعوا عن تناول وجبتهم المفضلة من النقانق المسماة «براتفورست» على الرغم من تقرير المنظمة. كان الخبراء قد خلصوا في الدراسة التي أجرتها منظمة الصحة العالمية إلى أن تناول اللحوم المصنعة والمحفوظة مثل النقانق واللحوم المقددة ولحوم الخنزير وغيرها يمكن أن يسبب سرطان القولون والمستقيم لدى البشر كما أن اللحوم الحمراء تعتبر سببا مرجحا للإصابة بالمرض، حسب رويترز.
كانت المراجعة التي أجرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان ومقرها باريس التابعة لمنظمة الصحة العالمية قد صنفت اللحوم المصنعة على أنها «مسببة للسرطان لدى البشر» وذلك في الفئة الأولى من قائمتها المسببة للمرض التي تشمل أيضا التبغ والحرير الصخري «الاسبستوس» وهي مواد توافرت بشأنها أدلة كافية.
وكان تقرير منظمة الصحة قد استرعى الانتباه في ألمانيا حيث يشيع استهلاك النقانق واللحوم المصنعة الأخرى بوصفها وجبات رئيسية. وقال وزير الأغذية والزراعة الألماني كريستيان شميت في بيان أرسل إلى رويترز بالبريد الإلكتروني «يجب ألا يخشى أحد من تناول براتفورست بين الحين والآخر».
وشبه شميت النقانق بأشعة الشمس قائلا بأن لها فوائد جمة إذا تم تناولها باعتدال. وأضاف: «يعتمد الأمر على الكمية إذ أن الإفراط غير صحي».
إلى ذلك، وصف وزير الزراعة الأسترالي النتائج التي توصلت إليها منظمة الصحة بأن لحم الخنزير المقدد والنقانق مرتبطان بزيادة معدلات الإصابة بالسرطان بأنها «مهزلة». وقال بارنابي جويس «إذا امتنعت عن تناول جميع الأشياء التي تقول منظمة الصحة العالمية إنها تسبب السرطان وحذفتها من متطلباتك اليومية فإنك كأنما تعود إلى حياة الكهف». ولدى أستراليا، المشهورة بمطبخها الذي يركز بشكل كبير على اللحوم وثقافة الشواء، أعلى نصيب فرد في العالم من استهلاك اللحوم، وفقا لتقرير صدر عام 2014 عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ومن جهتها حثت إيطاليا - وهي مهد شرائح لحوم الخنزير المقددة والمملحة المصنعة في مدينة بارما - المستهلكين على ألا يصيبهم الهلع ويحجموا عن تناول هذه الوجبة التقليدية التي تشتهر بها إحدى دول حوض البحر المتوسط وذلك بعد تحذير من أن مثل هذه اللحوم يسبب السرطان.
وردت الهيئات الإيطالية المعنية بالأغذية والزراعة ساخطة على تقرير لمنظمة الصحة العالمية قال: إن تناول اللحوم المصنعة والمحفوظة مثل النقانق واللحوم المقددة ولحوم الخنزير علاوة على التعرض للتبغ والحرير الصخري «الاسبستوس» تعتبر أسبابا مرجحة للإصابة بالسرطان.
وقالت الرابطة الزراعية الإيطالية «كولديريتي» في بيان «لا ترهيب بشأن اللحوم إذ أن اللحوم الإيطالية هي الوجبات الصحية بدرجة أكبر» مشيرة إلى أن الأغذية الإيطالية تقف وراء أعلى توقعات بشأن طول العمر في العالم التي تصل إلى 80 عاما بالنسبة إلى الذكور و85 عاما للنساء.
بالنسبة إلى الكثيرين في جنوب أفريقيا فإن مجرد الإشارة لأن اللحوم قد تسبب السرطان قد يكون مدعاة للسخرية والمساس بالتقاليد المرعية في بلد يشتهر بحفلات الشواء في الهواء الطلق التي يشارك فيها البيض والسود على حد سواء كأحد أنماط الحياة.
وقال أهالي جنوب أفريقيا في رد فعلهم على تقرير المنظمة الذي صنف لحوم الأبقار والضأن والخنازير على أنها قد تسبب السرطان بأنهم سيجازفون بتعريض أنفسهم للخطر بدلا من أن يديروا ظهورهم لهذه العادة الاجتماعية المتأصلة في ثقافتهم المحلية.
يرجع عهد حفلات الشواء في الهواء الطلق التي يسمونها «براي» إلى المستوطنين الهولنديين في القرن السابع عشر لكن هذه العادة شاعت عبر القرون الثلاثة التالية بين مختلف أعراق البلاد كعادة غذائية ترفيهية مع الأصدقاء وأفراد الأسرة.
وقال جان سكالينز - مؤسس حملة لتحويل عطلة يوم التراث التي توافق 24 سبتمبر (أيلول) من كل عام إلى العيد الوطني «للبراي» بأنها عادة «يعشقها سكان جنوب أفريقيا إذ ترسخ أواصر المودة بينهم أثناء التحلق حول النيران ولحوم البراي. يخالجني قدر كبير من الشك في أن مثل هذا البحث سيكون له أي تأثير على ذلك».
ويؤيد مبادرة عيد البراي القس الجنوب أفريقي ديزموند توتو أحد أبرز المناهضين لنظام الفصل العنصري والحائز على جائزة نوبل للسلام الذي رسخ هذه العادة بوصفها قوة من أجل التوحد في جنوب أفريقيا متعددة الأعراق. وإجمالا يستهلك المواطن الجنوب أفريقي 60 كيلوغراما من اللحوم سنويا بارتفاع عن المتوسط العالمي البالغ 42 كيلوغراما.
وبالنسبة إلى القادرين على شراء اللحوم في جنوب أفريقيا لا سيما الحمراء منها فإنها تعتبر سيد المائدة فيما يطلق أهالي جنوب أفريقيا على من يقتصر طعامهم على لحوم الدجاج بأنهم نباتيون.
كان الخبراء قد خلصوا في الدراسة التي أجرتها منظمة الصحة العالمية إلى أن تناول اللحوم المصنعة والمحفوظة مثل النقانق واللحوم المقددة ولحوم الخنزير وغيرها يمكن أن تسبب سرطان القولون والمستقيم لدى البشر كما أن اللحوم الحمراء تعتبر سببا مرجحا للإصابة بالمرض.
وكانت المراجعة التي أجرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان ومقرها باريس التابعة لمنظمة الصحة العالمية قد صنفت اللحوم المصنعة على أنها «مسببة للسرطان لدى البشر» وذلك في الفئة الأولى من قائمتها المسببة للمرض التي تشمل أيضا التبغ والحرير الصخري «الاسبستوس» وهي مواد توافرت بشأنها أدلة كافية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».