«داعش» يحقق أول تقدم استراتيجي له في الشمال منذ 14 شهرًا

المرصد: مؤشّر على فشل الغارات الروسية

ملصقات تنعى قادة من الحرس الثوري الإيراني أمس بينهم الجنرال حسين همداني (يمين)والذين قتلوا في سوريا في الفترة الأخيرة (أ.ف.ب)
ملصقات تنعى قادة من الحرس الثوري الإيراني أمس بينهم الجنرال حسين همداني (يمين)والذين قتلوا في سوريا في الفترة الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يحقق أول تقدم استراتيجي له في الشمال منذ 14 شهرًا

ملصقات تنعى قادة من الحرس الثوري الإيراني أمس بينهم الجنرال حسين همداني (يمين)والذين قتلوا في سوريا في الفترة الأخيرة (أ.ف.ب)
ملصقات تنعى قادة من الحرس الثوري الإيراني أمس بينهم الجنرال حسين همداني (يمين)والذين قتلوا في سوريا في الفترة الأخيرة (أ.ف.ب)

حقق تنظيم داعش أمس أول تقدم استراتيجي له في شمال سوريا، منذ 14 شهرًا، حيث سيطر على نقاط تابعة للقوات الحكومية على أطراف مدينة السفيرة الاستراتيجية، إثر هجوم مباغت، أعقب هجمات مستمرة منذ يوم الجمعة الماضي، أدت إلى قطع خطوط إمداد قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد من ريف حماه الشرقي باتجاه حلب.
وتزامنت العملية العسكرية للتنظيم المتشدد مع ضربات جوية روسية، تقول موسكو إنها تستهدف تمركزات التنظيم. ولم تمنع هذه الغارات تنظيم داعش من تحقيق تقدم استراتيجي على الأرض، تمثل أمس بوصوله إلى بلدة السفيرة، في جنوب شرقي حلب، وبات يهدد «معامل الدفاع» التي استعادت القوات النظامية السيطرة عليها في خريف 2013، إثر حملة عسكرية واسعة استغرقت 40 يومًا، بهدف فتح خطوط الإمداد إلى مدينة حلب.
وأكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن أن هذا التقدم «يشير إلى أن الغارات الروسية لم تفلح بوقف التنظيمات المتطرفة، سواء أكانت (داعش) أم (جبهة النصرة)»، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قوات النظام، وبعد تقدم التنظيم إلى الأطراف الشمالية الشرقية للسفيرة، «تحولت في المنطقة من موقع الهجوم إلى موقع الدفاع»، كما أن تمركزاتها «باتت محاصرة في ريف حلب، بعدما كانت تحاصر معارضيها وقوات (داعش) في المنطقة». وقال إن هذا التقدم «يهدد بتشتيت قوات النظام وكسر دفاعاتها في الريف الشرقي لحلب» التي تقع على تماس مع مواقع «داعش».
وقال عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية ياسر النجار لـ«الشرق الأوسط» إن التنظيم «شن هجومًا مباغتًا على السفيرة، انطلاقًا من مواقع سيطرته في شرق حلب، عبر انتحاريين مهدوا لمحاولة دخول زملاء لهم إلى المنطقة»، قائلاً إن المعركة «تسير لمصلحة (داعش)».
ومهّد التنظيم لهذه المعركة، بإطلاق هجمات استهدفت خلال اليومين الماضيين خط الإمداد من أثريا بريف حماه الشمالي الشرقي، إلى خناصر بريف حلب الجنوبي الشرقي، «عزل بموجبه المناطق عن بعضها، ما ساعده على استهداف السفيرة»، بحسب النجار، لافتًا إلى أن معركة خناصر «دفعت قوات النظام إلى سحب تعزيزات من السفيرة، وهو ما نتجت عنه ثغرة استغلها (داعش)»، معتبرًا أن المعركة «مؤشر على أن قوات النظام لا يمكن أن تكون في كل مكان».
وقال النجار: «فوجئنا بوصول المعركة إلى السفيرة، وباتت قوات النظام بالفعل مهددة، في حال استطاع التنظيم أن يسيطر على السفيرة، ما يعني أنه سيصل إلى الواحة، وهي حامية معامل الدفاع، وبالتالي يكون قد فتح ثغرة حقيقية، لا يمكن لقوات النظام النفاذ منها نظرًا لخطورتها».
وقال النجار إن خطوط النظام «أصبحت تحت مرمى قذائف (داعش)، حتى إن التنظيم بات يهدد مطار حلب الدولي (المعروف بمطار النيرب) مع تقدمه إلى السفيرة».
ويعد هذا التقدم لـ«داعش» في شمال سوريا ضد قوات النظام الأول منذ سيطرة التنظيم على مطار الطبقة العسكري في محافظة الرقة في أغسطس (آب) 2014، بينما سجل التنظيم تقدمًا في مايو (أيار) الماضي في وسط سوريا، إثر سيطرته على مدينة تدمر بريف حمص الشرقي.
بالتزامن، تواصلت المعارك بين قوات النظام والفصائل الإسلامية والمقاتلة في محيط قرية خان طومان بريف حلب الجنوبي، كما أفاد «المرصد»، رغم أن وتيرة تلك المعارك بالريف الجنوبي لحلب تراجعت إلى حد كبير. ويرجع النجار هذا التراجع بالمعارك إلى سببين، الأول يتمثل في الهجوم الذي نفذه «داعش» في ريف حلب الشرقي، وهو ما حول الأنظار والجهود العسكرية إلى معركة السفيرة، إضافة إلى فتح قوات المعارضة معركة مدينة حلب، حيث حشدت قوات المعارضة طاقاتها لمنع تحقيق قوات النظام أي تقدم، و«إرباكها»، مشددًا على أن الهجومين «خففا الضغط عن ريف حلب الجنوبي».
إلى ذلك، تجددت الاشتباكات بين قوات النظام و«داعش» في منطقة الشيخ هلال بريف مدينة سلمية في ريف حماه الشرقي، بينما تجددت الاشتباكات في حماه الشمالي، حيث استهدفت الفصائل الإسلامية بصاروخ تاو آلية لقوات النظام في بلدة مورك بريف حماه الشمالي، ما أدى إلى إعطابها، كما اندلعت اشتباكات بين قوات النظام مدعمة بمسلحين موالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في محيط قرية معركبة بريف حماه الشمالي.
وقصفت الطائرات الحربية الروسية مناطق في الأطراف الشرقية لبلدة معرشمارين بريف معرة النعمان الشرقي، حيث استهدفت الغارات مقرًا لحركة إسلامية، كما أفاد المرصد السوري.
هذا، وواصلت القوات النظامية قصفها المدفعي والصاروخي المكثف على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في ريف اللاذقية، تزامنًا مع غارات جوية شنها الطيران الحربي الروسي، بحسب «مكتب أخبار سوريا»، بينما اندلعت اشتباكات بين القوات النظامية المتمركزة في مدينة مورك بريف حماه الشمالي وفصائل المعارضة المنضوية في غرفة عمليات جيش الفتح المتمركزة في قرية لحايا، إثر محاولة الأخيرة التقدم إلى مدينة مورك.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.