إنذار أميركي مع تزايد الأنشطة الروسية قرب «طرق الكوابل البحرية» الحيوية

مع احتمال تخطيط موسكو لمهاجمتها وقطع الاتصالات الاستراتيجية

غواصة التجسس الروسية
غواصة التجسس الروسية
TT

إنذار أميركي مع تزايد الأنشطة الروسية قرب «طرق الكوابل البحرية» الحيوية

غواصة التجسس الروسية
غواصة التجسس الروسية

تكثف الغواصات وسفن التجسس الروسية أنشطتها بالقرب من الكوابل البحرية الحيوية التي تنقل معظم اتصالات الإنترنت العالمية، مما يثير تخوف بعض المسؤولين الأميركيين في القوات المسلحة والاستخبارات من احتمال تخطيط الروس إلى مهاجمة تلك الخطوط في أوقات التوتر أو الصراع.
وتتجاوز المسألة المخاوف القديمة التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة، حيث كان الأميركيون يخشون من تنصت الروس على الكوابل، وهي المهمة التي برعت فيها أيضًا أجهزة الاستخبارات الأميركية منذ عدة عقود.
القلق الآن أكثر عمقًا، فالاختراق الروسي للولايات المتحدة يمكن أن يشمل قطع كوابل الألياف الضوئية في المواقع الأكثر صعوبة من حيث الوصول إليها لوقف الاتصالات الفورية التي يتزايد اعتماد الحكومات والاقتصادات الغربية عليها.
وبينما تغيب الأدلة على قطع أي من هذه الكوابل، إلا أن هذه المخاوف تأتي في إطار قلق متنامي بين كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين في الولايات المتحدة وحلفائها إزاء النشاط المتسارع للقوات المسلحة الروسية في مختلف أرجاء العالم.
في غضون ذلك، يكشف الجدل الداخلي الدائر في واشنطن مقدار الشك العميق والمتزايد الذي تنظر به الولايات المتحدة إلى كل تحرك روسي فيما يذكرنا بأجواء الحرب الباردة. ويعتبر البنتاغون ووكالات الاستخبارات الوطنية تقديرات الأنشطة البحرية الروسية المتزايدة غاية في السرية ولا تتم مناقشتها علانية قط. كما يتكتم المسؤولون الأميركيون على ما يفعلونه لرصد هذه الأنشطة وإيجاد السبل لسرعة إعادة الاتصالات في حال تعرضت الكوابل للقطع. لكن أكثر من 12 مسؤولا أكدوا بعبارات عامة أن المسألة باتت تحظى باهتمام كبير في البنتاغون.
ويقول أدميرال فريديريك روج، قائد أسطول الغواصات التابع للبحرية الأميركية في المحيط الهادي، والذي رفض الإجابة عن أسئلة حول خطط روسية محتملة لقطع الكوابل البحرية: «إنني أشعر بالقلق كل يوم إزاء ما قد يفعله الروس». من جهته، قال الكوماندر ويليام ماركس الناطق باسم البحرية الأميركية إن «سماع أنباء عن عبث أي بلد بكوابل الاتصالات أمر مثير للقلق، ولكن بسبب الطبيعة السرية لعمليات الغواصات لا نناقش أمورًا محددة».
إلا أن القادة ومسؤولي الاستخبارات يكونون أكثر صراحة في الأحاديث الخاصة، ويفيدون بأنهم يرصدون تزايدا كبيرًا في الأنشطة الروسية على طول الطرق المعروفة للكوابل، من بحر الشمال حتى شمال شرقي آسيا وحتى في المياه القريبة من الشواطئ الأميركية، مشيرين إلى أنها تمثل شريان الحياة للاتصالات الإلكترونية والتجارة العالمية.
وفي الشهر الماضي فقط، أبحرت ببطء سفينة التجسس الروسية «يانتار»، والمزودة بغواصات صغيرة ذاتية الدفع قبالة الساحل الشرقي للولايات المتحدة في طريقها إلى كوبا، حيث يقع كابل رئيسي بالقرب من المحطة البحرية الأميركية في خليج غوانتانامو.
وتخضع السفينة لرقابة مستمرة من قبل أقمار التجسس والسفن والطائرات الأميركية، وقال مسؤولون في البحرية إن «يانتار» والغواصات ذاتية الدفع التي يمكنها إسقاطها من على أسطحها تمتلك القدرة على قطع الكوابل الواقعة على بعد أميال تحت سطح البحر، وقال دبلوماسي أوروبي كبير إن «مستوى النشاط.. يماثل ما كنا نراه إبان الحرب الباردة».
واستبد القلق بالنرويج، إحدى الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، حتى إنها طلبت من جيرانها المساعدة في تتبع الغواصات الروسية.
من جانبه، قال الأدميرال جيمس ستافريديس، القائد الأعلى السابق لقوات الناتو، الذي يشغل الآن منصب عميد كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية، في رسالة عبر البريد الإلكتروني الأسبوع الماضي إن «ذلك يعد مثالاً آخر على نظام شديد الإصرار والعدوانية يعود إلى اللجوء إلى أدوات الحرب الباردة، لكن بمستوى مرتفع من التطور التقني».
وتتسق هذه الأنشطة مع توسعة روسيا لعملياتها العسكرية في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا وسوريا، حيث يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إثبات اليد الطولى لقواته البرية والجوية والبحرية.
ويقول مايكل سيكريست، وهو مدير سابق في مشروع بحثي أجراه معهد «إم آي تي» للتكنولوجيا بتمويل جزئي من قبل وزارة الدفاع الأميركية إن «الخطر يكمن في قدرة أي دولة على إلحاق الضرر بالنظام على نحو خفي، ومن دون وجود مباشر لسفينة حربية مزودة بمعدات لقطع الكوابل في المنطقة».
وقال سيكريست الذي نشر دراسة في 2012 عن نقاط الضعف في شبكة الكوابل تحت البحر إن «الكوابل تتعرض للقطع طوال الوقت، سواء من قبل المراسي أو نتيجة الكوارث الطبيعية». لكن معظم هذه الحوادث تقع في نطاق أميال قليلة من الشاطئ ويمكن إصلاحها في غضون أيام.
إلا أن ما يثير قلق مخططي البنتاغون بالأحرى هو المساعي الروسية التي تبدو أنها تستهدف نقاط الضعف على أعماق أكبر كثيرًا، حيث يصعب مراقبة الكوابل والعثور عليها وإصلاحها، ويضيف سيكريست أن «مواقع الكوابل البحرية ليست سرية بالمرة»، ويقول إن «الكوابل البحرية تتبع نفس المسار الذي وضعت فيه إبان ستينيات القرن التاسع عشر»، لأن مشغلي تلك الكوابل يريدون وضعها في أجواء مألوفة بموجب اتفاقيات قائمة منذ أمد بعيد.وقال مسؤولون إن هناك استثناءات تنسحب على كوابل خاصة تتمتع بمواقع سرية خصصتها الولايات المتحدة لعمليات عسكرية، ولا تظهر على الخرائط واسعة التداول، ويرجحون أن الروس ربما يبحثون عنها بالذات.
* خدمة: «نيويورك تايمز»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.