تعثر عمليات الرمادي يثير استياء العشائر

نقص السلاح يعرقل مشاركة عشرات المقاتلين لتحرير الأنبار

مقاتلان عراقيان قرب قذيفة لم تنفجر خلال مواجهات في بلدة «السنية» ببيجي (إ.ب.أ)
مقاتلان عراقيان قرب قذيفة لم تنفجر خلال مواجهات في بلدة «السنية» ببيجي (إ.ب.أ)
TT

تعثر عمليات الرمادي يثير استياء العشائر

مقاتلان عراقيان قرب قذيفة لم تنفجر خلال مواجهات في بلدة «السنية» ببيجي (إ.ب.أ)
مقاتلان عراقيان قرب قذيفة لم تنفجر خلال مواجهات في بلدة «السنية» ببيجي (إ.ب.أ)

تباطأت إلى حد كبير العمليات العسكرية التي تشنها القوات الأمنية العراقية المشتركة في استعادة السيطرة على مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار التي سقطت بيد مسلحي تنظيم داعش في 17 من شهر مايو (أيار) الماضي، ومع استمرار توجيه ضربات جوية لمراكز وجودهم، فإن الحكومة المحلية في المحافظة وزعماء وشيوخ العشائر، أبدوا استغرابهم من منح التنظيم فرصة لالتقاط الأنفاس من جديد مع تعثر العمليات، بينما أشار بعضهم إلى وجود مفاوضات تجريها أطراف من الأنبار مع ما يعرف بـ«المجلس العسكري»، وبدعم أميركي، مع جماعات مسلحة في الأنبار، للانسحاب من دون قتال، بينما استبعد مجلس المحافظة حدوث مثل تلك المفاوضات.
وكانت العمليات العسكرية قد استؤنفت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بعد توقف دام أكثر من شهر، وسبقتها ضغوط أميركية، لإبعاد ميليشيات «الحشد الشعبي» عن الرمادي، مقابل تسريع وتيرة العمليات. وتقدمت القوات العراقية المشتركة، خلال الأسبوعين الماضيين، صوب مركز المدينة من محاور عدة، لتحكم حصار التنظيم من كل الجهات. وهناك تسريبات أشارت إلى أن الهجوم توقف بـ«أوامر أميركية» منذ أسبوع تقريبا.
وقال الناطق بلسان مجلس محافظة الأنبار عيد عمّاش إن «القوات الأمنية فرضت حصارًا على المسلحين بطوق محكم، لكن العمليات توقفت منذ تحرير بيجي، وربما هناك خطط وضعتها القوات الأمنية لمباغتة المسلحين والهجوم على مراكز وجودهم حسب التوقيتات التي تراها قيادة العمليات المشتركة مناسبة، إلا أننا نخشى من إطالة فترة المعركة وعدم تحرير المدينة قبل حلول فصل الشتاء، حيث ستعيق الأمطار والأوحال تقدم القوات».
وأضاف عمّاش أن «قرار توقف العمليات أو البطء في سيرها يعود إلى رفض الجانب الأميركي لـ(الاتفاق الرباعي) بين العراق وروسيا وإيران وسوريا. فبعد الإعلان عنه، تباطأ الاندفاع الأميركي لتحرير الرمادي ومدن الأنبار، خصوصًا بعد ورود أنباء عن الدعم الروسي لتحرير بيجي. وأعطى هذا التوقف للمسلحين المجال لإعادة ترتيب أوضاعهم، بعد أن تراجعت أعدادهم بشكل كبير، ومقتل العشرات من أبرز قياداتهم العسكرية، وإصابة زعيمهم في الأنبار الذي تزامن مع موجات هروب لقيادات التنظيم الأجنبية صوب الأراضي السورية».
وكان «داعش» قد استهدف القوات العراقية، في المحورين الشرقي والغربي من الرمادي، بنحو 30 مفخخة و11 انتحاريًا خلال الأسبوع الماضي في سلسلة من العمليات الانتحارية، سعيا إلى فك الخناق عنه.
وشارك نحو 30 ألف مقاتل في العملية العسكرية، ومن ضمنهم 5 آلاف عنصر من مقاتلي العشائر. في حين وجه الطيران الدولي أكثر من 40 ضربة خلال الأسبوعين الماضيين بحسب مصادر أمنية، واقتربت القوات العراقية عند المحور الجنوبي مسافة كيلومتر واحد فقط عن المجمع الحكومي وسط المدينة.
من جهته، نفى نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي توقف العمليات العسكرية في المدينة، كاشفا أنها لم تعد بالقوة ذاتها والزخم الذي بدأت به، وأن حركة القوات لا توحي بأنها ما زالت تسعى إلى شن هجوم كبير لتحريرها.
وقال العيساوي إن «التقدم في تحرير المناطق داخل المدينة لا يخلو من المصاعب والمخاطرة، بسبب وجود مقاومة شرسة من قبل مسلحي (داعش)، وإن العمليات العسكرية تحتاج إلى وجود قوات مدربة تضاف إلى قوات جهاز مكافحة الإرهاب التي تعد من أقوى القوات الموجودة على الأرض وأكثرها كفاءة في القتال داخل المدن، وتزداد صعوبة المعارك كلما اقتربت قواتنا من مركز المدينة».
وأضاف العيساوي أن «الغارات الأميركية لم تتوقف سواء في الرمادي أو في أطرافها، ولكن عددها تراجع بشكل كبير، وهو أمر لا نعده تراجعًا من قبل القوات الأميركية أو احتمال تواصلها مع التنظيم لعقد اتفاق بإيقاف ضرباتها، مقابل انسحاب آمن من الرمادي، بسبب أن الأميركيين لم يفعلوها حين كان لديهم أكثر من 100 ألف جندي في البلاد، ولم تستطع التفاوض في عام 2006 لإخراج تنظيم (القاعدة) من مدينة الفلوجة، كما أن (داعش) لا يؤمن بالحوار مع أي طرف. أما عن الأنباء التي تسربت هنا وهناك بشأن حوارات تجريها جهات في الأنبار مع ما يسمى (المجلس العسكري) في الرمادي وحقيقة وجوده وعلاقته بـ(داعش)، فهي أنباء لا صحة لها على أرض الواقع».
من جهته، أكد شيخ عشائر البو فهد في الأنبار الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي أن «العمليات العسكرية في المدينة أصبحت بطيئة للغاية، مقابل استمرار صد الهجمات والتعرضات التي يشنها التنظيم ضد القوات العراقية».
وقال الفهداوي إن «كمية العبوات الناسفة التي زرعها التنظيم في شوارع ومنازل المناطق التي تم تحريرها من قبل القوات العراقية المشتركة، كانت من أهم أسباب ذلك البطء، كما أن قلة العناصر التي يفترض أن تمسك الأرض بعد تحريرها، شكلت عاملاً آخر في تأخير التحرير».
وأضاف الفهداوي: «لدينا الآن أكثر من 5 آلاف منتسب من أفواج شرطة الرمادي، ممن أعيد تأهيلهم وتدريبهم في الآونة الأخيرة، هم بلا أسلحة، كما أن هناك أعدادًا أخرى مقاربة ممن عادوا إلى الخدمة بعد صدور العفو لم تكتمل إجراءاتهم القانونية بغية استئنافهم للعمل من جديد، وهذه أسباب أخرى تضاف إلى تأخير التحرير».
ميدانيًا، قتل العشرات من مسلحي التنظيم خلال ضربات جوية في مناطق البو ذياب والبو فراج والجراشي في المحافظة. وقالت خلية الإعلام الحربي إن «طائرات سلاح الجو العراقي وجهت ضربتين جويتين في منطقة البو ذياب والبو فراج، أسفرت الأخيرة عن قتل 4 إرهابيين يرتدون الزي العسكري، كما قتلت مجموعة أخرى في منطقة الجراشي».
وأشار مصدر إلى أن قوات تابعة لـ«قيادة عمليات الجزيرة والبادية» عثرت على مدفع يسمى «جهنم» مع 12 صاروخا تدعى «صواريخ الخلافة» خلال حملة تفتيش للبساتين عند ضفاف نهر الفرات، إضافة إلى العثور على ورشة لتصنيع العبوات الناسفة مع كمية من المواد المتفجرة، فيما نفّذت «مفرزة معالجة القنابل غير المنفجرة» في منطقة شرق ناحية البغدادي حملة تفتيش أخرى، أسفرت عن العثور على أربعة منازل مفخخة و25 عبوة ناسفة، وحزامين ناسفين تم تفجيرهما وتفكيك المنازل الأربعة.
من جانب آخر، أكد عضو «لجنة الأمن والدفاع النيابية» في البرلمان العراقي النائب نايف الشمري أن اللجنة التحقيقية البرلمانية المعنية بأسباب سقوط مدينة الرمادي ستباشر مهامها خلال الأيام المقبلة، وأنها ستكون برئاسة النائب حامد المطلك.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.