أميركا: تخفيف الحكم على مساعد أبو حمزة المصري

انقلب عليه وقدم أدلة رئيسية في محاكمات أخرى بالإرهاب

أميركا: تخفيف الحكم على مساعد أبو حمزة المصري
TT

أميركا: تخفيف الحكم على مساعد أبو حمزة المصري

أميركا: تخفيف الحكم على مساعد أبو حمزة المصري

صدر حكم على رجل، كان مدانا في عام 2002 بتهمة التآمر لإنشاء معسكر تدريب للمتطرفين في ولاية أوريغون، يوم الجمعة، بالمدة التي قضاها في السجن، حيث قال المدعون العامون والقاضية الفيدرالية، إنه قدم أدلة رئيسية في محاكمات أخرى بالإرهاب.
اتبع الرجل، الذي يسمى إرنست جيمس أوجاما، مسارا غير مألوف في المحاكمة التي جرت في محكمة المقاطعة الفيدرالية بحي مانهاتن. امتد هذا المسار عبر أكثر من 15 عاما، وشمل أدوارا باعتباره داعما للإرهاب مشتبه به، وهاربا دوليا – وهما تهمتان قضى في السجن ما مجموعه نحو ست سنوات بسببهما – وفي النهاية، دخل في شراكة مع المدعين العامين الفيدراليين الذين يسعون لإدانة الآخرين المتهمين بجرائم تتعلق بالإرهاب.
ووصف جون كرونان، نائب رئيس وحدة الإرهاب والمخدرات الدولية في مكتب المدعي العام الأميركي للمنطقة الجنوبية من مدينة نيويورك، تعاون السيد أوجاما، يوم الجمعة، بأنه «غير عادي» و«غير مسبوق إلى حد كبير».
وأخبر أوجاما – متحدثا بصوت خافت - القاضية كاثرين فورست، قبل صدور الحكم عليه، أنه يأمل في بدء حياة جديدة كشخص أكاديمي.
وأجابته القاضية فورست: «لديك قدرة كبيرة على التحرك قدما في طريق إيجابي للغاية». وأضافت: «آمل أن تغتنم الفرصة التي تمتلكها الآن».
وقبل انتباه السلطات الفيدرالية له، كان السيد أوجاما، 49 عاما، يحظى باحترام مجتمعه في مدينة سياتل، لكنه أيضا كان محتالا صغيرا. وأشارت القاضية فورست في المحكمة إلى أنه كتب كتابا حظي بقبول الكثيرين، وكان بمثابة معلم للشباب. لكنه حوّل بعض المدفوعات من شريك تجاري له، وتاجر في الساعات المزيفة. ويبدو أيضا أنه لم يقدم أبدا إقرارا ضريبيا، بحسب القاضية.
كانت محكمة فيدرالية في ولاية واشنطن أدانت السيد أوجاما في عام 2002 بتهمة التآمر في عام 1999 لتوفير الدعم المادي للإرهاب من خلال اقتراح إنشاء معسكر تدريب للمتطرفين في مدينة بلاي بولاية أوريغون، وكذلك المساعدة في إدارة موقع «أنصار الشريعة» المستخدم للدعوة إلى العنف ضد الولايات المتحدة.
وحسم السيد أوجاما هذه القضية في عام 2003، باعترافه بأنه مذنب بالتآمر لانتهاك قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية عبر – من بين أمور أخرى – تثبيت برمجيات على أجهزة كومبيوتر في أفغانستان تابعة لمسؤولي حركة طالبان. وصدر حكم على أوجاما بالسجن لمدة سنتين، واتفق على التعاون في ملاحقة المشتبه بهم الآخرين. وبدلا من ذلك، هرب إلى دولة بليز في عام 2006 لتجنب الإدلاء بشهادته ضد المتآمرين معه.
عاد السيد أوجاما لاحقا إلى الولايات المتحدة، وأقر بالذنب في عام 2007 في تهم جديدة قدمتها النيابة العامة في مانهاتن. وتضمنت الاتهامات الجديدة التآمر لتقديم وإخفاء الدعم المادي أو الموارد للإرهابيين، وتقديم الدعم المالي أو الموارد للإرهابيين، والطيران غير المشروع لتجنب الإدلاء بالشهادة.
وأدلى أوجاما بعد ذلك بشهادته في محاكمات رجلين يقال إنهما شاركا في التآمر لإنشاء معسكر إرهابي في أوريغون: أسامة قصير، السويدي من أصل لبناني، ومصطفى كامل مصطفى، المعروف أيضا (بأبو حمزة المصري)، وهو رجل دين مولود في مصر، كان واعظا في مسجد بشمال لندن، وساعد في تدبير عملية اختطاف 16 سائحا أميركيا وبريطانيا وأستراليا في اليمن في عام 1998.
أُدين أبو حمزة في عام 2014 بـ11 تهمة متعلقة بالإرهاب، بعضها ترتبط بعملية الخطف في اليمن، مع تقديم السيد أوجاما شهادة حاسمة في تلك المحاكمة.
وشهد أوجاما – على سبيل المثال – بأن أبو حمزة أرسل في عام 1999 السيد قصير ورجلا آخر من بريطانيا إلى الولايات المتحدة، ليساعدا في تنظيم معسكر تدريب في أوريغون للمتطوعين الذين سيتوجهون في نهاية المطاف إلى أفغانستان ليقاتلوا إلى جانب طالبان ضد تحالف الشمال.
كما شهد السيد أوجاما لاحقا بأنه عندما كان يعيش في لندن، وصمم موقع «أنصار الشريعة»، وأعد نشرة إخبارية، طالبه أبو حمزة بإرسال رجل يدعى فيروز عباسي إلى أفغانستان، وتسليمه إلى أحد قادة طالبان يدعى ابن الشيخ.
وذكر أوجاما: «وجهني أبو حمزة بأخذه إلى ابن الشيخ». وتابع: «أخبرني بأن عباسي كان ذاهبا للتدريب على الجهاد، ومن ثم الذهاب إلى خط الجبهة».
وكذلك شهد السيد أوجاما بأن السيد مصطفى اتصل بوزير خارجية طالبان، وكيل أحمد متوكل، من أجل «ترتيب دخول آمن لي والسفر داخل أفغانستان».

*خدمة «نيويورك تايمز»



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.