إيران تعود إلى ساحة غزة عبر دعم حركة جديدة «متشيعة» تدعى «الصابرين»

بعد وقف دعمها لحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»

إيران تعود إلى ساحة غزة عبر دعم حركة جديدة «متشيعة» تدعى «الصابرين»
TT

إيران تعود إلى ساحة غزة عبر دعم حركة جديدة «متشيعة» تدعى «الصابرين»

إيران تعود إلى ساحة غزة عبر دعم حركة جديدة «متشيعة» تدعى «الصابرين»

بعد سنوات من القطيعة بين إيران و«حماس» والتي تخللها وقف الدعم المالي والعسكري للحركة، وما تبعها من وقف دعم مالي لتنظيم «الجهاد الإسلامي»، تركز طهران على دعم قوة ثالثة في القطاع، والتي أصبحت ممثلا شبه رسمي لها.
ويعتقد مراقبون أن تأسيس الحركة الجديدة التي تتهم بـ«التشيع» في غزة، وهي حركة «الصابرين»، مرتبط إلى حد ما بوقف الدعم الإيراني لـ«حماس» و«الجهاد الإسلامي» بسبب الخلافات السياسية.
وظهرت «الصابرين» التي تدعمها وتوجهها إيران في قطاع غزة منذ نحو 3 أعوام، ويتهمها مسلمون سنيون في غزة بأنها تتبنى «النهج الشيعي».
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «إيران تضع كل ثقلها لدعم (الصابرين) ماديا، فيما قلصت دعمها بشكل كبير لـ(الجهاد الإسلامي) بعد أن أوقفته عن حماس».
وأضافت: «هناك غضب داخل الحركات الإسلامية من توجيه الدعم لـ(الصابرين) بدلا منهم». ويظهر الدعم الإيراني واضحًا على الحركة الجديدة من خلال قدرتها على دفع رواتب موظفيها، وتسليح عناصر التنظيم.
وتصرف «الصابرين» بشكل ثابت شهريا لعناصرها الذين يبلغ تعدادهم نحو 400 فلسطيني، من 250 إلى 300 دولار، بينما يتلقى كبار كوادره وقياداته ما لا يقل عن 700 دولار شهريا.
وتتركز قوة التنظيم في شمال قطاع غزة، وخصوصًا بيت لاهيا، بالإضافة إلى حي الشجاعية والمنطقة الوسطى لقطاع غزة، وغالبيتهم من القيادات الشابة التي عملت لسنوات في حركة «الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى، لكن الحركة فصلتهم وعدتهم منشقين.
وعلى الرغم من الاتهامات السنية للحركة الجديدة بالتشيع وموالاتها إلى إيران بمحاولة نشر التشيع في القطاع، إلا أن «حماس» التي يرفض معظم أنصارها التنظيم الجديد، لم تقدم على حظر الحركة، التي ظلت بعيدة عن الضوء لفترت طويلة، قبل أن تبرز الأسبوع الماضي بعد إعلان إسرائيل عن نجاحها في اغتيال أحمد السرحي (28 عاما) أحد قيادات الجناح العسكري لها والمسؤول في المنطقة الوسطى لقطاع غزة. حيث اتهمه جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» بالوقوف خلف عمليات قنص وإطلاق نار على الحدود في الأسابيع الأخيرة. ونعت «الصابرين» السرحي وتعهدت بمواصلة المقاومة. وأثار بيان الحركة تساؤلات كثيرة حول ماهيتها ومن يقف خلفها، خصوصًا أنها تمتلك أسلحة متنوعة وحديثة تضاهي قوة فصائل كبيرة. وكشف أن القيادي المعروف في غزة هشام سالم هو الأمين العام للحركة، وهو أحد القيادات البارزة في «الجهاد» سابقًا، وحاولت إسرائيل اغتياله أكثر من مرة منذ بداية انتفاضة الأقصى الثانية وحتى سنوات قليلة جدا، وهو على علاقة كبيرة مع مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني وقيادات في «حزب الله» اللبناني. ويصف كثيرون في غزة سالم بأنه رجل إيران الأول في القطاع.
وفي التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تعرض سالم للطعن على يد مجهول بعد إجرائه مقابلة صحافية مع قنوات إيرانية قبالة موقع «ناحل عوز» العسكري شرق غزة، الذي كان يشهد حينها مواجهات، مما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة، قبل أن يتعافى وسط عاصفة كبيرة من النقاش على شبكات التواصل الاجتماعي جراء ما حدث له.
وأصر كثيرون على أن سالم يحاول نشر المذهب الشيعي، ويستند هؤلاء إلى مقاطع فيديو عدة تظهر احتفالات أقيمت في قطاع غزة مرتبطة بمناسبات يحييها أبناء الطائفة الشيعية، ويظهر فيها سالم وهو يتحدث عن مقتل «سيدنا الحسين بن علي» ويُمجد معركة «كربلاء» المقدسة لدى الشيعة. وتزامن ذلك مع فيديو آخر أظهر مجموعة من 20 شخصا وهم يمارسون طقوسا للشيعة في شقة سكنية، تبين فيما بعد أنها جماعة أخرى اسمها «آل البيت الأطهار».
واعتقلت «حماس» تلك المجموعة بعد أن كانت تحيي «ذكرى أربعينية الإمام الحسين». قبل أن تفرج عنهم بعد توقيعهم على أوراق رسمية يحظر عليهم تكرار ما جرى.
كما اعتقلت سالم نفسه لعدة ساعات خلال إحياء ذكرى النكبة في مايو (أيار) الماضي قبل أن تفرج عنه، وتعقد جلسة بين الطرفين لإيجاد آلية للتنسيق بينهم.
وقالت المصادر إن العلاقة بين «الصابرين» و«حماس» شهدت تفاوتا، قبل أن تتوتر منذ نحو شهرين بعد عدة فعاليات نفذتها الحركة حتى بدأت أجهزة أمن «حماس» وبدعم من قيادات كبيرة بالنظر في إمكانية حظرها، غير أنه تم التراجع عن القرار تحت ضغوط إيرانية على قيادة المكتب السياسي للحركة التي تحكم القطاع.
ورفض سالم الذي يقود حركة «الصابرين»، كل «الاتهامات» التي توجه له ولحركته، مشددًا في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، بأنهم جزء من الكل الفلسطيني وكأي تنظيم فلسطيني يقاوم الاحتلال أينما وجد.
وأكد أن حركته ليس لها أهداف شخصية أو حزبية بل إنها تعمل لخدمة القضية الفلسطينية بكل السبل الممكنة لذلك. مبينًا أنها لم ولن تكون بديلا لأي تنظيم على الساحة، بل إنها مكمل للجميع في خدمة الفلسطينيين.
وأضاف أن «مسألة التشيع محض كذب وافتراء، ومحاولة لإثارة بعض الفتن وحرف البوصلة في مواجهة الاحتلال، لإحداث بلبلة مذهبية ليس في فلسطين فقط بل في أوساط العالم العربي والإسلامي». وتابع: «نعيش مرحلة حساسة وجميعنا نستبشر فيها بأننا على أعتاب توجيه ضربة قاصمة وقوية للاحتلال تؤدي لزواله»، متهمًا الاحتلال ومن وصفهم بـ«أعوانه» بمحاولة حرف القضية الفلسطينية عن مسارها بإثارة المذهبية.
وأشار إلى كل ما كان يردده عبر الإعلام أو غيره حول كربلاء ومقتل «الحسين بن علي» ينبع من كونه داعية إسلاميًا معروفًا يتحدث في قضية تخص التاريخ الإسلامي.
لكن الكره والرفض الشعبي لـ«الصابرين» لا يتوقف على «حماس» فقط، إذ أقدم مجهولون مرات عدة بينهم عناصر من «السلفية الجهادية» على التهجم على قيادات وعناصر من حركة «الصابرين» واتهموهم بـ«التشيع». وحاولت مجموعة من «التيار الجهادي» في منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي اغتيال قيادي من الحركة في منزل شمال قطاع غزة، قبل أن يتم اعتقالهم من قبل جهاز أمني شكلته الحركة وتم تسليمهم لـ«حماس» التي ترفض رسميا التعقيب على حركة «الصابرين».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.