ليبيا: مظاهرات حاشدة في الشرق.. ومجلس النواب يرفض الإطاحة بحفتر

اجتماع أمني لحكومة طرابلس بحضور المخابرات

ليبيون يحملون علم بلادهم خلال تظاهرة نظمت أمس بشوارع مدينة بنغازي ضد المبعوث الأممي برناردينو ليون (أ.ف.ب)
ليبيون يحملون علم بلادهم خلال تظاهرة نظمت أمس بشوارع مدينة بنغازي ضد المبعوث الأممي برناردينو ليون (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: مظاهرات حاشدة في الشرق.. ومجلس النواب يرفض الإطاحة بحفتر

ليبيون يحملون علم بلادهم خلال تظاهرة نظمت أمس بشوارع مدينة بنغازي ضد المبعوث الأممي برناردينو ليون (أ.ف.ب)
ليبيون يحملون علم بلادهم خلال تظاهرة نظمت أمس بشوارع مدينة بنغازي ضد المبعوث الأممي برناردينو ليون (أ.ف.ب)

في مظاهرات حاشدة في المنطقة الشرقية في ليبيا ضد مبعوث الأمم المتحدة ورئيس بعثتها بريناردينو ليون، احتفل الليبيون أمس بالذكرى الرابعة لإعلان تحرير البلاد من قبضة نظام العقيد الراحل معمر القذافي، في حين أبلغ فرج بو هاشم الناطق الرسمي باسم مجلس النواب، «الشرق الأوسط»، أن المجلس لا يزال يتمسك بالحوار الذي تقوده بعثة الأمم المتحدة، والسير فيه للوصول لحل لإنهاء الصراع على السلطة في البلاد.
وتظاهر بضعة آلاف من المواطنين في مدينتي بنغازي وطبرق تحت شعار «جمعة الرد على ليون»، حيث رفع المتظاهرون في ساحة «الجيش» بوسط بنغازي شعارات «بنغازي لن تبيع الوطن من أجل المكاسب السياسية، بنغازي قضيتها وطن خانه الجميع».
وجرت المظاهرات السلمية في رعاية أجهزة الأمن المحلية التي نشرت قوة مكونة من نحو ألف شرطي للحفاظ على الأمن، في حين رفع المتظاهرون علم روسيا لبعض الوقت في إشارة إلى رغبتهم في الحصول على دعمها للجيش في حربه صد الإرهاب، قبل أن ينحوه جانبا استجابة لرغبة منظمي المظاهرة.
وردد المتظاهرون شعارات داعمة للجيش والشرطة ومنددة بحكومة الوفاق الوطني التي تسعى الأمم المتحدة لتشكيلها ووصفوها، بأنها «حكومة الوصاية والإخوان».
ومثلما حدث الأسبوع الماضي، أطلقت الجماعات الإرهابية القريبة من مكان المظاهرات، صاروخ هاون، لكن دون وقوع أضرار بشرية حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن أحد أفراد كتيبة الصاعقة «21»، الذي أكد أن الصاروخ سقط أمام مبني ديوان التربية والتعليم خلف ساحة المتظاهرين.
من جهته، أكد فرج بو هاشم الناطق الرسمي باسم مجلس النواب في تصريحات خاصة من مقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، أن المجلس لن يقبل باقتراح أي شخصيه جدلية خاصة تلك التي ساهمت بشكل مباشر في الإضرار بالدولة الليبية وكانت سببا في معاناة الليبيين.
وحول تهديدات مبعوث الأمم المتحدة بمعاقبة المعطلين للحوار أو الرافضين له، قال بو هاشم: «نأمل أن تكون هناك إجراءات فعليه بهذا اﻻتجاه، وخاصة أن الإرهاب أخذ ينتشر بشكل ملحوظ»، معتبرا أن الوصول ﻻتفاق سيمكن مجلس النواب من رفع حظر التسلح عن الجيش الليبي.
وفي ما يتعلق باشتراط برلمان طرابلس والإخوان المسلمين الإطاحة بالفريق خليفة حفتر من منصبه كقائد عام للجيش الليبي، للقبول باتفاق سلام، أكد الناطق الرسمي باسم البرلمان الليبي المعترف به دوليا، أنه «يجب على بعثة اﻷمم المتحدة للدعم في ليبيا أن ﻻ تلتفت لمثل هذه الاشتراطات».
وتابع لـ«الشرق الأوسط»: «فما هي إﻻ حجج لعرقلة الحوار، ﻷن القائد العام للجيش يخوض حربا على الإرهاب والمطالبة باستبعاده لن تلقى أي استجابة من المجلس».
وشدد على أنه «ليس من المعقول أن يطالبوا باستبعاد أحد أفراد الجيش، ونحن نخوض حربا على الإرهاب».
ولفت بو هاشم إلى أن البرلمان يدعم تشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة فايز السراج عضو المجلس عن العاصمة طرابلس، مضيفا: «نحن نؤيد أي شخصية وطنية مستقلة، وطالما طرح السراج وهو أحد أعضاء المجلس فإننا نرى فيه الكفاءة والوطنية إضافة إلى معرفتنا بأنه شخصيه مستقلة».
وكشف بو هاشم عن أزمة مكتومة بين رئيس البرلمان وأعضائه، حيث قال: «أناشد رئيس المجلس المستشار عقيلة صالح، بأن يراعي المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد».
وعدّ أن «المرحلة تحتاج للصدق أمام الله وأمام الشعب وأمام المجلس، ولهذا أناشده أن يراعي الظروف الصعبة التي يعانيها المواطنون، وأن يحكم صوت العقل، وأن ينظر للواقع بجدية ومسؤولية».
ومضى إلى القول: «أقسمنا بأن نرعى مصالح الشعب رعاية كاملة ولم نقسم على رعاية مصلحة فئة أو قبيلة، نحن نأمل أن يقود المجلس بحكمه وأﻻ يمنع أعضاء المجلس من ممارسة حقهم الديمقراطي في التعبير عن آرائهم حتى ولو اختلف عن رأيه الشخصي وأن يتحدث باسم الوطن ﻻ باسم جزء منه».
ووزع مجلس النواب أمس نسخة من قرار يتم بمقتضاه إجراء تعديل على الإعلان الدستوري، بحيث يضمن استمرار ولاية المجلس كسلطة تشريعية في البلاد إلى حين انعقاد الجلسة الأولى للمجلس التشريعي المنتخب وفقا للدستور الليبي الدائم.
من جهتها، لاحظت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني، في بيان رسمي، أن الذكرى الرابعة للتحرير «تمر على الشعب الليبي في ظروف صعبة فرضت عليه بصورة قهرية من قبل ثلة لا تخاف الله ولا تنظر إلى الوطن إلا بعين الطمع».
ولفت البيان إلى أن بعض القوى حاولت قطف ثمار الثورة دون عناء من أجل أهداف شخصية وعملت على تحويل الثورة إلى نظام حكم، بحجة الشرعية الثورية والوصاية وحماية المكتسبات، وهو أمر يشبه ما قام به النظام السابق.
في غضون ذلك، ترأس خليفة الغويل رئيس ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني التي تدير العاصمة الليبية طرابلس، اجتماعًا مع بعض الجهات الأمنية المتمثلة في رئيس جهاز المخابرات الليبية، والمدعي العام، ومدير إدارة الأمن العام، ورئيس غرفة حماية طرابلس.
وقالت وكالة الأنباء الموالية لحكومة الغويل، إن الاجتماع ناقش الأوضاع الأمنية في ليبيا، وكيفية التعامل معها في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بنغازي وسرت، وبعض المناطق الغربية.
وأوضحت أن الغويل شدد على ضرورة التكثيف الأمني ومراقبة البوابات، وتشديد الحماية داخل العاصمة وباقي المدن التي تعاني من بعض المشكلات الأمنية.
وأكد سكان محليون بالإضافة إلى مسؤول في مستشفى محلي في بنغازي لـ«الشرق الأوسط»، سقوط 3 قتلى و10 جرحى جراء إطلاق الجماعات الإرهابية لقذائف صاروخية بصورة متتالية على المتظاهرين في ساحة الكيش بوسط بنغازي.
وقال مسؤول أمني لوكالة الأنباء الرسمية إن هناك استهدافا مباشرا من قبل الجماعات الإرهابية لساحة تجمع المتظاهرين، لافتًا إلى أن سقوط القذائف تسبب في إرباك المواطنين.
وتحدث مسؤول عسكري في الجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط» عن قيام الجيش لاحقا بغارة جوية لقصف المكان الذي انطلقت منه القذائف الصاروخية، حيث يعتقد أنه قريب من حي الليثي حيث تتمركز عناصر من ميلشيات متطرفة تابعة لتنظيم أنصار الشرعية وما يسمى بمجلس شورى ثوار بنغازي.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.