ليبيا: برلمان طرابلس يستعد للحرب ومجلس النواب يناقش مسودة ليون

لندن تستضيف اجتماعًا لدعم الحكومة الجديدة في غياب السلطات المعترف بها دوليًا

ليبيا: برلمان طرابلس يستعد للحرب ومجلس النواب يناقش مسودة ليون
TT

ليبيا: برلمان طرابلس يستعد للحرب ومجلس النواب يناقش مسودة ليون

ليبيا: برلمان طرابلس يستعد للحرب ومجلس النواب يناقش مسودة ليون

بينما مدد مجلس النواب الليبي جلسته إلى مساء أمس لمناقشة كيفية الرد على مقترحات بعثة الأم المتحدة لحل الصراع على السلطة في ليبيا، أمسك أمس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته مجددا العصا من المنتصف وأعرب عن أسفه مما وصفه بالحرج الكبير الذي سببه المبعوث الأممي برناردينو ليون، خلال مفاوضات السلام التي استضافتها عدة دول.
ووسط توقعات بإعلانه رفض المسودة التي تقترح تشكيل حكومة وفاق وطني ومجلسين للأمن القومي والدولة، استأنف مساء أمس مجلس النواب اجتماعه بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، لمناقشة الأسماء المقترحة من قبل ليون.
من جهته، قال البرلمان الذي يدير الأمور في العاصمة طرابلس، إن حرجا كبيرا سببه لنا الأسلوب المؤسف الذي اتبعه المبعوث الأممي ليون في عدم توثيقه لمحاضر الاجتماعات واعتماده بشكل فاضح على أوراق غير رسمية وغير معتمدة من المؤتمر لتبرير الوصول إلى اتفاق سياسي مزعوم.
ومع ذلك فقد أكد برلمان طرابلس في بيان نشره موقعه الرسمي الإلكتروني على شبكة الإنترنت، على أن «الحوار هو الخيار الاستراتيجي لحل الأزمة في ليبيا»، مشيرا إلى حرصه طيلة مراحل الحوار على الالتزام بحضور كل الجلسات وتجاوز الصعوبات والعراقيل بدءا من القصف المتعمد لوفد الحوار في مطار معيتيقة وإصرار ليون من بداية مراحل الحوار على عدم تضمين ما يحقق التسوية بين الطرفين وعدم وضع معايير متفق عليها لتحديد أطراف الحوار، وأوضح أن هذا مثبت في محاضره وفي الشكاوى التي أرسلت إلى بان كي مون الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لتوضيح الخروقات التي ارتكبها ليون، وزعم البرلمان غير المعترف به دوليا، أنه تحمل كل ذلك في سبيل إنجاز الحوار، لكن المبعوث الأممي قام بعرض المناصب على قيادات عسكرية وأمنية وهو ما يعد خرقا للسيادة الليبية.
وتابع البيان «وإنه بهذا النهج الخاطئ الذي سلكه ليون في التعاطي مع الوضع الليبي كاد أن يدخل البلاد في حرب أهلية طاحنة لتحيزه لطرف دون آخر».
وأكد على دعمه لقرار مجلس الأمن 2174 الذي يدعو منذ العام الماضي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار ويشدد على ضرورة المشاركة من الجميع في حوار سياسي سلمي شامل في إطار يتسع للجميع وبقيادة ليبية وفي نفس الوقت بآليات ومعايير جديدة تكون سببا يرسي السلام والأمن والاستقرار في جميع ربوع ليبيا.
وفيما يشبه الاستعداد للحرب، ترأس نوري أبو سهمين رئيس برلمان طرابلس، أول من أمس اجتماعا أمنيا وعسكريا، بمقره في العاصمة الليبية، ضم رئيس لجنة الأمن والدفاع، وخليفة الغويل رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، ورئيس الأركان العامة، ووزير الداخلية، ورئيس جهاز المخابرات، والمدعي العام العسكري.
إلى ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة عن اجتماع ممثلي 40 دولة ووكالات الأمم المتحدة والهيئات الدولية إلى جانب عدد من الخبراء الليبيين المستقلين في العاصمة البريطانية، للاتفاق على ما وصفته بأكثر الطرق فعالية لدعم حكومة الوفاق الوطني الليبية الجديدة.
وخلال الاجتماع الذي تغيب عنه أي ممثل للسلطات الشرعية المعترف بها دوليا في ليبيا وهي مجلس النواب وحكومته الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني منذ نحو عامين، حث الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توبايس إلوود، على سرعة تشكيل الحكومة الليبية وعرض تقديم الدعم.
ونقل بيان البعثة الأممية عن إلوود قوله: «إن وجود الكثير من الدول والوكالات هنا وارتفاع مستوى التمثيل يعكس عمق واتساع الالتزام الدولي بمساعدة الحكومة الليبية الجديدة». وأضاف: «أطراف الحوار تواجه اختيارًا حاسما. وإذا قاموا بتأخير الموافقة على النص والملاحق، فإنهم سيخاطرون باستقرار البلاد. ومن أجل تأمين مستقبل ليبيا».
وحث الأطراف الليبية على الموافقة الفورية على الحل الوسط السياسي الوارد في الاتفاق السياسي الذي تم النضال من أجله، لكي تتمكن ليبيا من البدء في مهمة إعادة بناء المؤسسات الفاعلة في البلاد وتوفير الأمن والخدمات التي يريدها الليبيون ويحتاجونها.
واستطرد: «إننا على استعداد لأن نقدم لليبيا برامج مساعدة جوهرية بمجرد أن تطلب مساعدتنا، ونؤكد أن التزامنا بليبيا قوي وطويل الأمد».
في المقابل، كرر نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا علي الزعتري دعوات الأمم المتحدة لاعتماد الاتفاق الذي وصفه بأنه «مكسب للجميع» في ليبيا، محذرا من أنه «لا يوجد سبيل آخر إلا، لا قدر الله، مزيد من الانحدار نحو الفوضى وسفك الدماء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».