لبنان: سلام يدعو لجلسة الأسبوع المقبل.. و«المستقبل» يحمّل خصومه مسؤولية «مصير الحكومة»

مصادر رئيس الوزراء: بعد تمرير خطة النفايات سيكون لكل حادث حديث

لبنان: سلام يدعو لجلسة الأسبوع المقبل.. و«المستقبل» يحمّل خصومه مسؤولية «مصير الحكومة»
TT

لبنان: سلام يدعو لجلسة الأسبوع المقبل.. و«المستقبل» يحمّل خصومه مسؤولية «مصير الحكومة»

لبنان: سلام يدعو لجلسة الأسبوع المقبل.. و«المستقبل» يحمّل خصومه مسؤولية «مصير الحكومة»

في وقت يتّجه رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام للدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل للبحث في قضية النفايات، يحاول كل فريق الضغط على الآخر بهدف تفعيل عمل الحكومة من خلال التهديد بالاستقالة على قاعدة أن «حكومة تصريف أعمال» لا تختلف عن «حكومة معطّلة». وفي هذه الأثناء، أكدت مصادر رئاسة الحكومة أن «عقد جلسة محصورة بملف النفايات لا يعني أن عمل مجلس الوزراء عاد إلى طبيعته ولا يعني أن سلام تراجع عن قرار الاستقالة إذا استمر الشلل الحكومي»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «فلتمرّ جلسة النفايات وبعد ذلك سيكون لكل حادث حديث».
من جهة أخرى، لم تكن كلمة نهاد المشنوق، وزير الداخلية المحسوب على «تيار المستقبل»، أول من أمس في الذكرى الثالثة لاغتيال اللواء وسام الحسن التي هدّد خلالها وللمرة الأولى بالاستقالة من الحكومة والخروج من «الحوار الوطني»، بعيدة عن هذا التوجّه، وذلك بعدما كان هذا التلويح شبه محصور برئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون وفريقه، الذي اعتاد التهديد بـ«فرط عقد» الحكومة ما لم يتم التجاوب مع مطالبهم، وخصوصا في ما يتعلّق بتعيين قائد جيش ومجلس عسكري جديد.
هذا، وفي حين أشارت مصادر رئاسة الحكومة إلى أن سلام سيدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء بداية الأسبوع المقبل للبحث في بند وحيد هو «أزمة النفايات» بعد الانتهاء من الجانب الفني المتعلق بها وبدء العمل بالخطة التي أعدّها وزير الزراعة أكرم شهيب، لم تستبعد المصادر أن يكون هناك «توزيع أدوار بين أحزاب فريق 8 آذار، بقيادة حزب الله، بحيث يغيب المحسوبون على عون ويحضر حلفاؤه الجلسة». وفي هذا الإطار، قال النائب آلان عون من «تكتّل التغيير والإصلاح» (التيار العوني) إن «التكتّل يأخذ قرار المشاركة في الجلسة أو عدمها عندما يدعو إليها سلام، لكننا لسنا ضدّ خطّة النفايات، بل على العكس من ذلك نؤكد على ضرورة حل هذه الأزمة، علما بأنه تم التوافق عليها في الجلسة الماضية وهي تنتظر التنفيذ».
وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» وضع عون «تهديد المشنوق بالاستقالة في خانة الضغط لإعادة تفعيل الحكومة كما هو حقّنا»، مؤكدا في الوقت عينه على موقف التيار الثابت والرافض أن يكون هناك انتقائية في العمل الحكومي، وأضاف: «إذا اتخذ المستقبل قراره بتطيير مجلس الوزراء فليكن ذلك وليتم البحث في حلول أخرى، لا سيما أنّ حكومة غير منتجة لا تختلف عن حكومة تصريف أعمال».
في المقابل، قال الدكتور أحمد فتفت، النائب في تيار المستقبل: «إنّ المشنوق تحدّث باسم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وكل (تيار المستقبل)، ونحن جادّون في ما قيل، ولسنا مستعدين بعد اليوم لتقديم أي تنازل، لأننا قدّمنا كثيرا لكن من دون نتيجة، وعلى الشعب اللبناني أن يُدرك من هو المسؤول فعلاً عمّا وصلنا إليه اليوم». وشدد فتفت في تصريح لـ«وكالة الأنباء المركزية» على أن «الكرة اليوم في ملعب (حزب الله) و(التيار الوطني الحر)، ليتفضّلا ويعلنا هل يريدان تفعيل الحكومة أم لا. نريد جوابا، ليتحمّلا مسؤولياتهما، والمطلوب منهما القيام بخطوة»، مؤكدا أن «قوى 14 آذار على تنسيق دائم ومستمر في شأن المواقف من الحكومة».
ويوم أمس، قال وزير الاتصالات بطرس حرب: «هناك اتفاق مع رئيس الحكومة حول إدراكنا لخطورة استقالة هذه الحكومة، ولكن الخطورة الأكبر وجود مجلس وزراء لا يعمل، لذلك قال سلام باسمنا إما أن تعمل هذه الحكومة وإما لا لزوم لبقائنا لأن قبولنا بالبقاء في الحكومة من دون عمل هو خدمة للمعطلين»، مضيفا: «لن نقبل أن نكون شهود زور في حكومة لا تعمل». وأشار حرب في حديث إذاعي إلى أنّه «من المفترض أن يكون هناك جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل لحل موضوع النفايات، ونحن سنحضر لاتخاذ القرار المناسب في حال استكمال عناصر الخطة الموضوعة، ومن يرد أن يعطل فليتحمل المسؤولية».
الجدير بالذكر أن مجلس الوزراء كان قد وافق على عناوين وتوجهات خطة النفايات التي أعدها الوزير شهيب وفريق عمله، في جلسة عقدها بداية الشهر الماضي قاطعها بشكل جزئي «حزب الله» «والتيار الوطني الحر»، واقتصرت المشاركة على وزير من كل فريق. ورأى المشنوق أنّ «بقاء الوضع كما هو عليه هو الخطوة الأولى للخروج من الحكومة التي أردناها رفضًا للنزاع وبقاء الأزمة هو خطوة للخروج من الحوار». وأضاف: «رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لن يقبل بتحويل ربط النزاع في الحكومة إلى ربط للوطنية والضمير والألسنة»، مشيرًا إلى أن «الدخول إلى الحكومة الحالية كان على قاعدة تأجيل المواضيع الكبيرة على أمل النجاح في متابعة المواضيع الصغيرة، وإذ بنا نعود إلى مربع التعطيل وخطف المؤسسات».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.