الرئيس العراقي لـ(«الشرق الأوسط»): خلافات البيت الشيعي أثرت على أداء العبادي

معصوم قال إن استبدال رئيس الحكومة أمر صعب.. وأكد حسم قضية نوابه الثلاثة

فؤاد معصوم
فؤاد معصوم
TT

الرئيس العراقي لـ(«الشرق الأوسط»): خلافات البيت الشيعي أثرت على أداء العبادي

فؤاد معصوم
فؤاد معصوم

عد الرئيس العراقي فؤاد معصوم أن «خلافات الكتل السياسية لا سيما الكتلة الأكبر (التحالف الوطني الشيعي) بدأت تنعكس على الكتل السياسية الأخرى كما أنها أثرت كثيرًا على أداء رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي لم يتمكن طوال سنة من تكليفه بتشكيل الحكومة من عمل ما كان يتمناه أو ما وعد به بسبب هذه الخلافات».
وقال معصوم في حديث خاص مع عدد محدود من رؤساء المؤسسات الإعلامية في العراق من بينها «الشرق الأوسط»، إن «العبادي جاء بتوافق صعب داخل كتلة التحالف الوطني التي لم تتمكن من حسم أمرها إلا خلال الأربع والعشرين ساعة التي اضطررت فيها إلى تمديد فترة تكليف مرشح الكتلة الأكبر طبقًا للصلاحيات الدستورية؛ حيث كان طوال فترة الخمسة عشر يومًا الدستورية زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي هو من قدم طلبًا لترشيح نفسه بوصفه زعيم الكتلة الأكبر، لكنهم داخل البيت الشيعي توافقوا أخيرًا خلال فترة التمديد والبالغة 24 ساعة على ترشيح العبادي».
واستبعد معصوم إمكانية «تغيير الحكومة ورئيسها مثلما يقال هنا وهناك بسبب الصعوبات الكثيرة التي قد تترتب على ذلك. وبالتالي، فإن الحل يكمن في أن يتحقق توافق داخل الكتلة التي ينتمي إليها رئيس الوزراء وهي التحالف الوطني لكي نتمكن من مواجهة بقية التحديات في الدولة وهي تحديات صعبة وخطيرة مثل تحدي مواجهة (داعش) وعملية بناء جيش مهني وقوي قادر على مواجهة الصعاب، فضلاً عن الأزمة المالية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط».
وأشار الرئيس معصوم إلى أن «كثيرًا من صيغ العمل عندنا في الدولة لا تزال تصطدم بين عقليتي المعارضة والدولة، رغم أن الدولة شيء والمعارضة شيء آخر، وهي أمور لا تزال تنسحب على عمل الدولة عبر كل مؤسساتها، الأمر الذي أدى في النهاية إلى هذا الغضب الجماهيري عبر التظاهرات التي حظيت ليس فقط بتأييد المرجعية الدينية، بل حصل نوع من التغيير في خطاب المرجعية والمصطلحات التي بدأت تستخدمها ولم تعتد عليها في السابق منذ عشرات العقود مثل الدعوة إلى الضرب بيد من حديد على مافيات الفساد».
وبينما عد الرئيس معصوم أن الحل الوحيد للأزمة التي تمر بها البلاد يتمثل «في عقد لقاءات خاصة وصريحة مع زعماء الكتل السياسية، لا سيما الخط الأول لوضع حلول صريحة لما يعانيه العراق»، فإنه وجوابًا عن سؤال لـ«الشرق الأوسط»، حول موقفه الصريح من أمر نوابه الثلاثة (نوري المالكي، وأسامة النجيفي، وإياد علاوي)، قال معصوم إنه «لم يعد لدي نواب للرئيس، لا سيما بعد أن صوت البرلمان بالإجماع على الحزمة الأولى من إصلاحات العبادي». وأوضح أن «هناك من طالبني بالتدخل بعد إصدار العبادي لحزمة الإصلاح الأولى التي تضمنت إلغاء منصب نواب الرئيس، على اعتبار أن ذلك حصل دون التشاور معي أو بخلاف ما هو دستوري، فإنني قلت لمن عتب عليّ إن كتلكم البرلمانية صوتت بالإجماع على تلك القرارات، وبالتالي لم يعد لدي بعد تصويت البرلمان حق دستوري في التدخل».
وحول الجدل الذي أثير طوال الفترة الماضية حول الموقف القانوني لنواب الرئيس، قال معصوم إن «رواتبهم أوقفت منذ صدور حزمة الإصلاحات، ما عدا موظفي مكاتبهم الذين لا يزالون يتقاضون رواتبهم لحين البت بشكل نهائي في ملف هؤلاء الموظفين، أما من يعترض منهم على ما صدر عن رئيس الوزراء وأقر من قبل البرلمان، فليس أمامه سوى الطعن أمام المحكمة الاتحادية».
وحول الجدل الذي يثار حاليًا بخصوص التحالف الرباعي بين العراق وإيران وروسيا وسوريا وصلة ذلك بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، قال الرئيس معصوم إن «الإعلام بالغ كثيرًا في قضية ما يسمى بالتحالف الرباعي. وأود الإشارة هنا إلى أنه لا يوجد شيء اسمه تحالف رباعي، بل هناك غرفة تنسيق استخباري فقط وليس له بعد سياسي حيث لدينا التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، والذي يقوم بواجباته بشكل جيد»، مبينًا أن «فائدة العراق من عملية التنسيق الرباعي تتمثل في تبادل المعلومات الاستخبارية من منطلق أن تنظيم داعش ظهر في سوريا وتمدد نحو العراق من دون أن تكون له تبعات سياسية، وليس هناك التزام من قبلنا بالالتزام تجاه هذا التنسيق؛ حيث إن علاقتنا بالدول الثلاث مبنية على سياسة المصالح المشتركة؛ حيث إننا نملك علاقات تاريخية مع روسيا ومعظم أسلحتنا منذ العهد الجمهوري الأول وإلى اليوم روسية الصنع وكبار قادتنا العسكريين تخرجوا في أكاديميات سوفياتية سابقًا وروسية حاليًا، كما أننا نملك علاقة أكثر من جيدة مع إيران وهي ساعدتنا على صعيد الحرب ضد (داعش). وفيما يتعلق بسوريا، فإن علاقتنا معها ليست مبنية على الدفاع عن النظام هناك».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».