ضعف الإقبال يخيم على الانتخابات المصرية عشية الاقتراع.. والسيسي يدعو للاحتشاد

المنافسة في الداخل تنطلق.. ومصريو الخارج يواصلون التصويت لليوم الثاني

مواطنة مصرية تدلي بصوتها في الانتخابات البرلمانية  في سفارة بلادها في العاصمة السعودية الرياض أمس (أ.ف.ب)
مواطنة مصرية تدلي بصوتها في الانتخابات البرلمانية في سفارة بلادها في العاصمة السعودية الرياض أمس (أ.ف.ب)
TT

ضعف الإقبال يخيم على الانتخابات المصرية عشية الاقتراع.. والسيسي يدعو للاحتشاد

مواطنة مصرية تدلي بصوتها في الانتخابات البرلمانية  في سفارة بلادها في العاصمة السعودية الرياض أمس (أ.ف.ب)
مواطنة مصرية تدلي بصوتها في الانتخابات البرلمانية في سفارة بلادها في العاصمة السعودية الرياض أمس (أ.ف.ب)

يدلي المصريون في داخل البلاد اليوم (الأحد)، بأصواتهم في المرحلة الأولى من أول انتخابات برلمانية تشهدها مصر منذ ثلاث سنوات، فيما يواصل مصريو الخارج الاقتراع لليوم الثاني. وبينما تخيم مخاوف من ضعف المشاركة في الانتخابات على المشهد السياسي في البلاد، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، كلمة للشعب المصري حث خلالها المواطنين على الاحتشاد أمام صناديق الاقتراع.
وهذه الانتخابات هي آخر مرحلة في خريطة المستقبل التي توافقت عليها قوى سياسية ورموز دينية عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لـ«الإخوان المسلمين» عام 2013. على خلفية احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه.
وفي كلمة وجهها عبر التلفزيون الرسمي، دعا الرئيس السيسي «جميع المصريين» للنزول إلى لجان الاقتراع والاحتشاد بقوة، قائلا: «احتشدوا من أجل الوطن واحتفلوا باختيار ممثليكم، وأحسنوا اختياركم».
وتأمل السلطات المصرية أن تسهم الانتخابات في تحقيق الاستقرار السياسي وجذب الاستثمارات الأجنبية والسياح مجددا، في ظل ضغوط يعاني منها اقتصاد البلاد جراء تراجع العائدات، واتساع عجز الموازنة.
وأضاف السيسي: «أدعوكم لاستشعار ما يحيط ببلدنا من تحديات ومخاطر تستهدف تقويض ما حققناه سويا وما نأمل في تحقيقه من أجل مستقبل أبنائنا»، وأهاب برجال القوات المسلحة وأجهزة وزارة الداخلية باتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر من أجل توفير أجواء آمنة ومستقرة للعملية الانتخابية.
وتخيم مخاوف من ضعف المشاركة في الانتخابات البرلمانية على المشهد السياسي في البلاد مقارنة بالاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها مصر خلال الأعوام الأربعة الماضية.
وشدد الرئيس المصري على أهمية «الاستحقاق البرلماني»، مشيرا إلى أن أهمية مجلس النواب المقبل ترتكز على اعتبارين أساسيين أحدهما اضطلاعه بسن «التشريعات والقوانين المكملة للدستور، والتي نطمح أن تأتي متسقة مع الغايات والأهداف، التي وضع من أجلها. والثاني سيكون هذا المجلس أمام العالم انعكاسا لإرادة المصريين القوية ويمثل ضمير هذه الأمة ونبض أبنائها وحصن آمالها وتطلعاتها».
ومصر بلا مجلس تشريعي منذ أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بحل مجلس الشعب (المسمى القديم لمجلس النواب) منتصف عام 2012. وتولى مجلس الشورى (ألغي في الدستور الجديد) سلطة التشريع مؤقتا خلال حكم مرسي، وحل عقب عزله.
وانطلقت بالفعل المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في أكثر من 130 دولة بالنسبة للمصريين في الخارج. ومن المقرر أن ينتهي تصويتهم في المرحلة الأولى التي تشمل 14 محافظة اليوم (الأحد)، بينما يبدأ المصريون في الداخل التصويت على مدى يومين بدءا من اليوم الأحد.
ودعا السيسي أيضا المصريين بالخارج إلى التوجه لمراكز الاقتراع، وأن يبرزوا للعالم كله شكل مصر الجديد وإصرار شعبها على ممارسة الديمقراطية. ويدلي المصريون في الخارج بأصواتهم في 139 سفارة مصرية لكن لن يكون هناك اقتراع في أربع دول هي سوريا واليمن وليبيا وأفريقيا الوسطى لتردي الأوضاع الأمنية فيها حسبما قالت اللجنة العليا للانتخابات.
وتقام المرحلة الثانية والأخيرة التي تتضمن 13 محافظة أخرى في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ومن المرجح أن ينعقد مجلس النواب المنتخب قبل نهاية العام.
ويتألف البرلمان الجديد الذي تبلغ مدة ولايته خمس سنوات من 568 عضوا منتخبا هم 448 نائبا بالنظام الفردي و120 نائبا بنظام القوائم المغلقة المطلق. ولرئيس الدولة أن يعين ما تصل نسبته إلى 5 في المائة من عدد الأعضاء. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في مصر 55 مليونا و600 ألف شخص تقريبا، وتشير تقديرات إلى أن عدد المصريين في الخارج يتراوح بين ستة وثمانية ملايين شخص.
وخلال انتخابات سابقة كان يتعين على المصريين في الخارج أن يسجلوا أنفسهم لدى السفارات قبل الانتخابات حتى يتسنى لهم التصويت؛ لكن هذه المرة يحق لأي مصري في الخارج يحمل جواز سفر مصريا أو بطاقة شخصية المشاركة في الاقتراع.
وقال المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن الوزير سامح شكري يتابع أولا بأول عملية تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس النواب، مضيفا أن وزير الخارجية وجه بتذليل كافة العقبات وتقديم التسهيلات الواجبة للمصريين الذين بدءوا بالفعل في التوافد على لجان الانتخاب بالخارج.
وقال: إن الوزير شدد على أهمية تقديم المساعدة الواجبة لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن من الوافدين على لجان الاقتراع، وتشجيع أبناء المصريين في الخارج من الجيل الثاني على ممارسة حقهم الانتخابي، والذي يزيد من ارتباطهم بوطنهم الأم.
وداخليا، صدق الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، على تخصيص عدد من الطائرات العسكرية لنقل أكثر من 1100 قاضٍ من أعضاء الهيئات القضائية المشرفة على الانتخابات البرلمانية بالأماكن النائية والمنعزلة بكل من الوادي الجديد وسوهاج والأقصر والبحر الأحمر وأسوان وقنا ومطروح وأسيوط، وذلك لتسهيل مهمة القضاة وتخفيف العبء عنهم وضمان تسلم اللجان في التوقيتات المحددة لها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.