المحافظ الجديد يصل إلى عدن ويتعهد بمعالجة ملفات الأمن والخدمات وإعادة الإعمار

خبير عسكري يمني: صالح هدد منذ سنوات بالحوثيين و«القاعدة» كبديل لنظامه

مسلحون موالون للحكومة الشرعية يقفون بجانب عربة مدرعة للتحالف على خط المواجهة ضد المسلحين الحوثيين في تعز أمس (رويترز)
مسلحون موالون للحكومة الشرعية يقفون بجانب عربة مدرعة للتحالف على خط المواجهة ضد المسلحين الحوثيين في تعز أمس (رويترز)
TT

المحافظ الجديد يصل إلى عدن ويتعهد بمعالجة ملفات الأمن والخدمات وإعادة الإعمار

مسلحون موالون للحكومة الشرعية يقفون بجانب عربة مدرعة للتحالف على خط المواجهة ضد المسلحين الحوثيين في تعز أمس (رويترز)
مسلحون موالون للحكومة الشرعية يقفون بجانب عربة مدرعة للتحالف على خط المواجهة ضد المسلحين الحوثيين في تعز أمس (رويترز)

وصل عصر أمس إلى عدن، العاصمة المؤقتة لليمن، اللواء جعفر محمد سعد، محافظ عدن الجديد، قادما من العاصمة السعودية الرياض وذلك بعد أيام فقط على تعيينه محافظا خلفا لنائف البكري الذي عين وزيرا للشباب والرياضة في حكومة المهندس خالد محفوظ بحاح.
ويأتي وصول المحافظ الجديد إلى عدن في ظل أوضاع استثنائية صعبة تعيشها العاصمة المؤقتة خلفتها الحرب مع ميليشيات الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح والتي تم دحرها في المدينة منتصف يوليو (تموز) الماضي. ويعول سكان المدينة من محافظهم الجديد الذي سبق له أن تحمل مهمة قيادة القوات العسكرية خلال معركة التحرير للقيام بجملة من الإجراءات السريعة التي من شأنها تحرير المدينة من أوضاعها القائمة الناتجة عن الحرب المدمرة.
وصرح محافظ عدن الجديد بأنه يحمل برنامجًا متكاملاً خلال الفترة المقبلة لجهة رعاية أسر القتلى ومواصلة جهود إغاثة المتضررين، وكذلك إعادة إعمار ما دمرته الحرب في مختلف المجالات، منوها إلى أن هذه الخطوات التي سيتم التركيز عليها بشكل كبير تم طرحها على الرئيس عبد ربه منصور هادي عقب تأدية القسم الدستوري، لافتًا إلى أن الملف الأمني يعد الركيزة الأساسية للبرنامج الذي سيتم العمل به مباشرة فور عودته خصوصًا أن هناك ترتيبات قد تم وضعها بمشاركة الإمارات في هذا الجانب.
وحسب المحافظ سيتم البدء بتطبيق الخطط لحفظ الأمن والاستقرار، وأكد أن الأمن والأمان هما المدخل الرئيسي لحل بقية القضايا في المدينة فالنظام والقانون يحتاجان إلى الكثير من أجل فرضهما، خصوصًا في ظل الأوضاع الراهنة وانتشار السلاح والمظاهر السلبية.
وقال اللواء جعفر إن «أهالي عدن الشرفاء سيقفون إلى جانب الإجراءات التي ستعمل على استتباب الأمن، وهذا ليس غريبًا على أبناء هذه المدينة»، منوهًا بأن «تنفيذ الخطة الأمنية سيعمل على تأمين الجوانب الأخرى سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية، فالأمن مدخل لكل النواحي». وأشار إلى أن ملف التعليم والصحة أيضًا ضمن الأولويات، وأن هناك «إجراءات سريعة ستتم في هذا الجانب، وهناك جهود جبارة من قبل هيئة الهلال الأحمر الإماراتية بدأت بالظهور في مختلف الجوانب، وهذا يدل على صدق الأخوة وعمقها»، لافتًا إلى أن هناك توجهًا أيضًا سيتم وضعه فيما يخص الاستثمار وجذب الاستثمارات إلى المدينة، متوقعا من دول التحالف، وعلى رأسها السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، مساعدة المدينة في هذا الجانب والنهوض بها اقتصاديًا، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وحول التفجيرات التي طالت مقر إقامة الحكومة والتحالف في عدن مؤخرا، قال اللواء جعفر إن «هذه الأعمال الإرهابية هدفها منع تقدم المدينة، وإفشال الجهود الرامية للنهوض من جديد، وهنا أوجه رسالة إلى أهالي عدن بضرورة التعاون مع الأجهزة الأمنية لتحقيق الأمن والاستقرار»، مضيفًا أن الجهود «ستكون مشتركة مع الأشقاء الإماراتيين في المرحلة المقبلة، وسيتم العمل من أجل تحقيق الأهداف السامية التي يسعى لتقديمها الأشقاء للمواطن البسيط في عدن».
إلى ذلك، قال الباحث والخبير العسكري العميد ركن ثابت حسين صالح، نائب رئيس المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية برئاسة الجمهورية اليمنية، بأن الرئيس السابق علي عبد الله صالح قد هدد منذ وقت مبكر بأن البديل له ولنظامه سيكون «القاعدة» والحوثيين، وإن ذلك ما عمل على تنفيذه خلال السنوات القليلة الماضية، حيث يسيطر الحوثيون على الشمال، وكادوا يسيطرون على الجنوب لولا تدخل دول التحالف بقيادة السعودية.
وعلى صعيد الأوضاع الأمنية، تتواصل الاتهامات لصالح بالتورط في الكثير من الحوادث الأمنية التي تشهدها البلاد، وأوضح العميد صالح في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه بمجرد عودة عدن والجنوب إلى أهلها ووصول حكومة الشرعية إلى عدن، تحركت الخلايا السرية للرئيس السابق لإقلاق السكينة العامة وعرقلة عودة الخدمات والأمن، وأضاف: «لقد أدرك الرئيس هادي والحكومة أن عليهم أن يواجهوا بحزم الخطر الجديد المتمثل بالإرهاب بمختلف مسمياته ومصادره، وذلك لن يتأتى بتاتا إلا بتشكيل وحدات أمنية وعسكرية جديدة منظمة ومخلصة وجاهزة لمكافحة الإرهاب ويكون أساس هذه الوحدات أبطال المقاومة الجنوبية وضباط الجيش الجنوبي الذين سرحتهم وهمشتهم سلطات حرب 1994م الظالمة رغم ما يمتلكونه من خبرات وكفاءات ومؤهلات، وفي هذا الاتجاه بالضبط وتحديدا جاء تشكيل اللواء الجديد الذي يجب أن تتبعه خطوات أخرى لتحصين الجنوب أولا ثم الشمال من عناصر الإرهاب والتخريب والفيد والفساد».
من جانبه، يرى باسم فضل الشعبي، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، أنه ليس هناك حاضن لـ«القاعدة» أو غيرها في عدن والجنوب وأن «وجود هذه الجماعات يبرز أثناء التحول السياسي أو أثناء فترة الثورات حينما يكون هناك فراغ أمني ولو لاحظنا ما حدث في أبين عام 2011 أثناء الثورة الشعبية على نظام صالح لعرفنا ما يحدث اليوم أثناء الثورة المسلحة على الحوثي وصالح. إنهم يستغلون حالة الفراغ فيدفعون بأدواتهم من الجماعات المتطرفة في محاولة للانتقام والتأثير على الرأي العام العالمي وكسب التعاطف معهم»، مؤكدا أن «هذه أصبحت لعبة مفضوحة وأسطوانة مشروخة». وأشار إلى أن «ما حدث في المكلا عاصمة حضرموت من انتفاضة شعبية ضد وجود (القاعدة) لدليل على أن الجنوب ليس بيئة ملائمة لانتشار مثل هذه الجماعات لأن الجنوب اعتاد على وجود الدولة».
وفي حين تواجه عدن والمحافظات الجنوبية أزمة في الكهرباء وانقطاعات متواصلة، أكد القائم بأعمال الإدارة الإماراتية في عدن الدكتور مبارك الجابري خلال لقائه بقيادات السلطة المحلية بالمحافظة أمس بشأن أزمة الكهرباء والعجز المستدام للطاقة التوليدية، أن هناك مساعي حثيثة لحل المشكلة، وقال: «نحن لا نريد أن ننير البيوت فقط ولا نريد حلولا ترقيعية، نريد حلا جذريا للخمسين سنة المقبلة. هناك ألف ميغاواط جاهزة لعدن ولن نتوقف هنا بل نطمح إلى زيادة هذه القوة».
من جانبه، قال مدير عام مؤسسة الكهرباء في عدن، مجيب الشعبي، بأن الإمارات تكفلت بتزويد عدن والمحافظات المجاورة بمحطة كهرباء بقدرة ألف ميغاواط، وأشار إلى «الاتفاق مع الأشقاء في دولة الإمارات، ممثلة بالقائم بأعمال الإدارة الإماراتية في عدن د. مبارك الجابري، على تشييد محطة كهرباء بقدرة ألف ميغاواط، علاوة على تأهيل الشبكة العامة بالكامل»، لافتا إلى أن وفدا من مؤسسة كهرباء عدن سيقوم بزيارة الإمارات الأسبوع المقبل لاستكمال الاتفاق.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.