واشنطن تنتقد إسرائيل وتعيد سبب الانفجار إلى محاولاتها تغيير الوضع في الأقصى

كيري إلى الشرق الأوسط نهاية الأسبوع وأوباما يريده أن يكون «صريحًا» مع نتنياهو

واشنطن تنتقد إسرائيل وتعيد سبب الانفجار إلى محاولاتها تغيير الوضع في الأقصى
TT

واشنطن تنتقد إسرائيل وتعيد سبب الانفجار إلى محاولاتها تغيير الوضع في الأقصى

واشنطن تنتقد إسرائيل وتعيد سبب الانفجار إلى محاولاتها تغيير الوضع في الأقصى

أكدت الخارجية الأميركية، ظهر أول من أمس، أن جون كيري، وزير الخارجية، سيسافر إلى الشرق الأوسط في نهاية الأسبوع، لبحث وقف الاشتباكات المتصاعدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وكان كيري نفسه صرح بذلك يوم الثلاثاء. غير أن مسؤولين أميركيين قالوا إن الرئيس باراك أوباما، بعد أن ناقش التطورات هناك مع مساعديه ومستشاريه في البيت الأبيض، قرر إيفاد كيري للاجتماع بالقادة الفلسطينيين والإسرائيليين، وإنه «يريد من كيري أن يكون صريحا مع نتنياهو» (رئيس وزراء إسرائيل).
وفي الوقت نفسه، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، جون كيربي، في مؤتمره الصحافي اليومي ظهر الأربعاء، بعد أن تحاشى الإجابة المباشرة عن سلسلة من أسئلة الصحافيين، إن الخارجية الأميركية «تتلقى تقارير عن النشاطات الإسرائيلية تشير إلى استعمال مفرط للقوة».
بينما عبر البيت الأبيض عن قلقه من «استمرار أعمال العنف من الجانبين». وقال الناطق بلسانه جوشوا ارنست، من دون أن ينتقد أيا من الجانبين الفلسطيني أو الإسرائيلي: «تواصل الولايات المتحدة الاتصالات مع الإسرائيليين ومع الفلسطينيين حول الأحداث المتصاعدة هناك».
وبعد تحاشي أجوبة مباشرة خلال الأيام الماضية، قال كيربي، إن «عدم المحافظة على الوضع الذي كان قائما في المسجد الأقصى لسنوات هو الذي أدى إلى احتدام العنف هناك».
وعندما سئل عن طعن يهودي لأربعة فلسطينيين في ديمونة، قال: «أي عملية طعن ينفذها إسرائيلي أو فلسطيني هي عمل إرهابي».
وقال كيربي إن الخارجية الأميركية، كررت طلبا إلى الحكومة الإسرائيلية بـ«رفع العراقيل، ونقاط التفتيش، التي أقامتها أخيرا، خلال أسرع وقت ممكن». وكان كيربي، في الماضي، طلب رفع «العراقيل»، لكنه طالب إسرائيل بالإسراع في ذلك.
وفي إجابة عن سؤال حول عدم صدور تصريحات مباشرة من وزير الخارجية جون كيري، قال كيربي إن الوزير «يظل قلقا للغاية» من المواجهات العنيفة التي تشهدها إسرائيل والأراضي الفلسطينية منذ بداية الشهر الحالي. وأضاف: «قال (الوزير) بوضوح إنه يريد أن يتخذ الطرفان إجراءات ملموسة لخفض التوتر، وإعادة الهدوء، ومحاولة التقدم باتجاه حل الدولتين».
من جهتها قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس، إن أوباما «يقوم بجهود جديدة لنزع فتيل التوترات المتصاعدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين». غير أن الصحيفة أضافت أن أوباما «فقد التأثير على القادة من كلا الجانبين». وأن «القلق من موجة جديدة من العنف تتداخل مع التوترات الإقليمية الأوسع في المنطقة». وأن الاتفاق النووي مع إيران، وانهيار محادثات السلام في العام الماضي بين الفلسطينيين والإسرائيلي، والحروب في الدول العربية المجاورة «أشعلت توترات جديدة بين اللاعبين الإقليميين والولايات المتحدة». وعن زيارة كيري، قالت الصحيفة إنها ستكون الأولى للمنطقة منذ زيارته إلى الأردن في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، وأضافت: «أقر المسؤولون الأميركيون أن المحادثات المتوقعة لا يحتمل أن تسفر عن عملية سلام جديدة، لكنهم أكدوا أن أي تقدم سيكون مهمًا».
من جهتها، قالت إسرائيل إن الخارجية الأميركية، تراجعت أمس، عن تصريحات سابقة نشرها الناطق بلسانها، جون كيربي، الذي كتب أن إسرائيل تغيّر الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، ملمحا إلى أنها السبب وراء موجة العنف والمواجهات الدائرة في القدس والأراضي الفلسطينية. وقد أطلق ذلك انتقادات واسعة في إسرائيل والأردن من قبل مسؤولين كبار في البلدين، فانتقدت وزيرة العدل، أييلت شكيد، تصريحات كيربي قائلة إنه يدل على حالة من سوء الفهم المطلق لمجريات الأحداث أو نوع من النفاق. وتطرق وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان أيضًا إلى القضية ذاتها قائلاً إن انخداع الخارجية الأميركية بالأكاذيب يستدعي الاستغراب ويدل على قلة المهنية، مضيفًا أنه يتوقع من الإدارة الأميركية تصويب هذا الموقف.
وعندما صوبت الخارجية موقفها، كما طلبت إسرائيل، تباهى ناطق بلسان الخارجية الإسرائيلية بذلك، وقال في حديث إذاعي: «نحن نقف بالمرصاد لمواجهة أي تشويه».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.