سالي سري الدين: استخدام مواد طبيعية من أولوياتي

حقائب «لالا كوين» تستمد قوة عالمية من أمل علم الدين كلوني

سالي سري الدين: استخدام مواد طبيعية من أولوياتي
TT

سالي سري الدين: استخدام مواد طبيعية من أولوياتي

سالي سري الدين: استخدام مواد طبيعية من أولوياتي

كان الأمر بمثابة حلم وتحقق بالنسبة لسالي سري الدين، عندما وقعت عيناها على المحامية أمل علم الدين، وهي تحمل واحدة من حقائبها، في رحلة رافقت فيها زوجها النجم جورج كلوني إلى طوكيو. كانت الحقيبة من جلد «النابا» من مجموعتها «دكتور باغ لالا كوين». تقول: «غمرني شعور بالفرح والسعادة لا يمكن أن أصفه، لأني شعرت بأني أصبت الهدف وأنا أراها تحمل الحقيبة، خصوصا أنها لبنانية الأصل وحقائبي من صنع لبناني أيضا». كسبت سالي لقبها من أصدقائها الذين كانوا يتفكهون ويصفونها بـ«ملكة لالالا»، لأنها كانت دائما حالمة وشاردة تفكر بمشاريع خارجة عن المألوف.
فقد تخصصّت في «الميديا» في الجامعة اللبنانية الأميركية، وعملت في محطة «نيو تي في» في لبنان إثر تخرّجها عام 2004، بعد ذلك، تخصصت في مجال الإعلانات التجارية في معهد بلندن، وعملت في دولة الإمارات. لكنها لم تجد نفسها في أي من هذه الأعمال لهذا قررت أن تقف وقفة مع نفسها تعيد فيها ترتيب أوراقها. ولم يمر وقت طويل حتى انبثقت فكرة تصميم حقائب تحمل اسمها، بما أنها تعشق الموضة و«حقيبة اليد تشكّل عنصرا مهما في أناقة المرأة تماما مثل الحذاء، لأنهما يمكن أن يرتقيا بمظهرها مهما كانت بساطته»، حسب قولها.
في عام 2010، عادت إلى لبنان لتغوص في أسرار هذه المهنة. انطلقت في البداية من الأسواق الواقعة في منطقة برج حمود، حيث تعرّفت على شتى أنواع الجلد المتوفرة في بيروت، وكذلك على الحرفيين المحليين قبل أن تطلق ماركتها.
وكانت نقطة التحول عندما تلقت دعوة من صديقة من السعودية للمشاركة في معرض «بساط الريح». هناك باعت 45 حقيبة، مما شجعها على أن تكمل المشوار وتحترف المهنة بجدية. تعترف سالي سري الدين بأن المسؤولية كانت كبيرة لأن البداية صعبة لكن الاستمرارية أصعب، لكنها تمسكت بعبارة «صنع في لبنان» المدموغة داخل كل حقيبة تصممها، وأن تستعمل مواد طبيعية مائة في المائة حتى تتميز عن غيرها.
تقول: «كان يهمّني اسم بلدي واستخدام مواد طبيعية من الجلد إلى طرق دباغته وتلوينه بمواد طبيعية مستخرجة من الشجر والأرض وثمارها فقط، وهو ما يفسر أن الألوان التي تتوفر لدي محدودة». لكنها تؤكد أنها ألوان تتمتع بطاقة وحيوية لأنها «مصنوعة بحب»، حسب تأكيدها. مجموعة «دكتور باغ» تتميز بشكلها المربّع وبعض المنحنيات على طرفيها، لتذكّرنا بالحقائب القديمة من طراز «الريترو» أو «فينتاج». ويأتي المشبك المعدني المتين مثاليًا للحفاظ على محتويات الحقيبة سليمة دون الخوف من وقوعها أو التسلل إليها بسهولة.
«لقد فكّرت بكل التفاصيل حتى يأتي المنتج متكاملا من الناحية العملية وأيضًا من ناحية الشكل»، مضيفة أنها تحرص أيضًا على أن لا تكون هذه التصاميم موسمية، بل يجب أن تبقى مع صاحبتها لفترات طويلة، لأنها تؤمن بأن الحقيبة رفيق مهم وبالتالي من الضروري أن تولّد بينها وبين صاحبتها علاقة وطيدة. من هذا المنطلق، خططت أن يحمل التصميم الواحد عدة أفكار مترجمة في إطار كلاسيكي، لكن مختلف عن المتعارف عليه، تحييه ألوان متمازجة ومتناسقة مع بعضها لتؤلّف لوحة انطباعية.
فالألوان التي تستعملها ترتكز على البنّي والأسود والأزرق، وأحيانا تجتمع كل هذه الألوان في تصميم واحد. وأحيانا أخرى يدخل فيها الأصفر والتنوري والفوشيا والأحمر. السبب حول قول سارة: «حتى يكون التصميم أليفا ولا يدخل الملل على نفس صاحبتها». رغم أن تاريخها يقاس بست سنوات فقط، ورغم أن مصممي الحقائب كُثر، فإنها لا تخاف المنافسة وتُشبه الأمر «بحديقة غنّاء بها ورود كثيرة، لكل منها أريجها ولونها وعطرها. فهكذا نحن - مصممي الحقائب - في لبنان لكل منا هويته وشخصيته في التصميم». والآن بعد أن حققت حلمًا من أحلامها بأن ترى أمل كلوني تحمل حقيبة من تصميمها، فإنها تريد أن تتعرف عليها المرأة العربية والغربية على حد سواء، وتحصل ماركتها على صيت يليق بما تتضمنه من حرفية يدوية وتصاميم عملية.



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».