انطلاق عملية تحرير المخا.. وقوات عسكرية تبدأ في تمشيط المحافظة لطرد الانقلابيين

تشكيل ألوية حربية مدعومة من التحالف لمواجهة الحوثيين بتهامة

يمنيون بجوار مبنى مدمر جراء اشتباكات بين مقاتلين من لجان المقاومة الشعبية الموالية للشرعية والمتمردين الحوثيين في قرية الفاو قرب محافظة مأرب، شرق العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون بجوار مبنى مدمر جراء اشتباكات بين مقاتلين من لجان المقاومة الشعبية الموالية للشرعية والمتمردين الحوثيين في قرية الفاو قرب محافظة مأرب، شرق العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

انطلاق عملية تحرير المخا.. وقوات عسكرية تبدأ في تمشيط المحافظة لطرد الانقلابيين

يمنيون بجوار مبنى مدمر جراء اشتباكات بين مقاتلين من لجان المقاومة الشعبية الموالية للشرعية والمتمردين الحوثيين في قرية الفاو قرب محافظة مأرب، شرق العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون بجوار مبنى مدمر جراء اشتباكات بين مقاتلين من لجان المقاومة الشعبية الموالية للشرعية والمتمردين الحوثيين في قرية الفاو قرب محافظة مأرب، شرق العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)

شرعت قيادات عسكرية يمنية موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي بإقليم تهامة في تشكيل ألوية عسكرية بالمفهوم الحديث، مدعومة من القيادة العليا وقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
وفي حين لم تفصح مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» عن عدد الألوية والمقاتلين المنتسبين إلى التشكيل العسكري الجديد، لدواعٍ أمنية على حد وصفها، فإنها أكدت أن الأعداد كبيرة، ويجري تدريبها قبيل الدخول في معارك مباشرة مع الحوثيين وحليفهم علي صالح، موضحين أن اللواءين الجديدين يجري تجهيزهما بأحدث الأسلحة، لبدء عملية تحرير إقليم تهامة بمساندة قوات التحالف العربي.
وفي سياق متصل، أكد مسؤول الإسناد للمقاومة الشعبية في إقليم تهامة لـ«الشرق الأوسط» أن عملية تحرير المخا بدأت فعليا وأن قوات عسكرية مدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية دخلت المدينة، وتقوم بعملية تمشيط لطرد الحوثيين من المخا التي تطل على البحر الأحمر وتعد من أهم الموانئ في اليمن.
وبتحرير المخا بحسب مسؤول الإسناد في المقاومة الشعبية يكون إقليم تهامة بصدد التحرير بالتزامن مع دخول الألوية الحديثة المشهد العام في الإقليم، خصوصا أن عملية تحرير المخا تشكل نقطة فاصلة في إقليم تهامة ومركزا رئيسيا لبدء عمليات قوات التحالف العربي الذي سيعول على هذه المدينة كمركز لبدء العمليات الميدانية.
وبشأن تأسيس الألوية في إقليم تهامة، توقع مراقبون عسكريون أن يفوق عدد اللواءين اللذين شرع في تأسيسهما داخل إقليم تهامة على 10 آلاف مقاتل، إذ يراوح اللواء الواحد ما بين 3 و5 كتائب، ويكون عددها قرابة 5 آلاف فرد، ووفق التصنيف العسكري فإنها تكون من الألوية المستقلة التي تخوض المعارك، بعيدا عن الفرقة العسكرية، إلا أنها تأخذ أوامرها من مركز القيادة التي يتبعها اللواء، ويتكون بحسب الخبراء من ثلاث كتائب مشاة أساسية تضاف إليه كتيبة دروع من الدبابات وكتيبة مدفعية وكتيبة خدمات تسمى كتيبة الإمداد والتموين تخدم جميع الكتائب من طب وتموين وصيانة ونقل واتصالات، ويكون هذا اللواء أكثر استقلالا في العمليات العسكرية.
وبحسب المصادر العسكرية، اعتمد في تكوين اللواءين على أبناء جميع المحافظات التابعة إداريا لإقليم تهامة الرافضين لوجود الحوثيين وعلي صالح، التي قامت بأعمال تخريب ونهب وقتل في جميع المحافظات، إضافة إلى عمليات الاعتقال لأعيان ومشايخ الإقليم، لافتين إلى أن من أبرز المهام التي ستنفذ في المرحلة المقبلة استعادة المقرات العسكرية والحكومية من قبضة ميليشيا الحوثي، خصوصا أن هناك قيادات عسكرية خرجت إبان اجتياح الحوثيين للإقليم والسيطرة عليه للمشهد العام وجاهزة لخوض المعارك في الوقت القريب.
وقالت قيادات عسكرية: «إن انضمام أعداد من المقاومة الشعبية في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد للجيش لا يعني إحلالا لجيش يفوق تعداده 500 ألف جندي، إلا أن التخطيط يجري لحلحلة القيادات العسكرية القديمة وإخراجها من المشهد العام مع وضع استراتيجية واسعة لتنظيف القطاعات العسكرية تدريجيًا من المتورطين في عمليات قتل المدنيين أو أولئك الضباط الذي أصدروا أوامر بالحرب».
وقال ناصر دعقين، مسؤول الإسناد للمقاومة الشعبية في إقليم تهامة لـ«الشرق الأوسط»: «إن تأسيس ألوية للدفاع عن إقليم تهامة وتحريرها بدأ فعليا، ويجري العمل في هذا السياق مع جميع الجهات المعنية»، موضحا أنه من الصعب الإفصاح عن المعلومات العسكرية كافة في هذه المرحلة، تحسبا لأي عواقب عكسية على هذه النواة الجديدة.
وتابع دعقين: «إن المقاومة تقوم في الوقت الراهن بدور بطولي في مواجهة ميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح، من خلال عمليات الكر والفر في باجل وحجة والحديدة، واستهدفت المقرات العسكرية ونجحت في تكبيدهم خسائر كبيرة في الأيام الماضية، وستستمر المقاومة على هذا النحو حتى دخول الألوية إلى الميدان لتحرير الإقليم بشكل كامل».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.