يوم رعب في إسرائيل.. وتهديدات بإجراءات ضد الأحياء العربية

قتل 3 مستوطنين في 4 عمليات دهس وطعن وإطلاق نار في القدس

فلسطيني تلطخت ملابسه بالدماء خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية بالقرب من الحدود بين اسرائيل ووسط قطاع غزة أمس (رويترز)
فلسطيني تلطخت ملابسه بالدماء خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية بالقرب من الحدود بين اسرائيل ووسط قطاع غزة أمس (رويترز)
TT

يوم رعب في إسرائيل.. وتهديدات بإجراءات ضد الأحياء العربية

فلسطيني تلطخت ملابسه بالدماء خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية بالقرب من الحدود بين اسرائيل ووسط قطاع غزة أمس (رويترز)
فلسطيني تلطخت ملابسه بالدماء خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية بالقرب من الحدود بين اسرائيل ووسط قطاع غزة أمس (رويترز)

في يوم رعب في إسرائيل قتل 3 مستوطنين في سلسلة عمليات إطلاق نار وطعن ودهس في القدس وتل أبيب، خلفت أكثر من 20 جريحا بينهم إصابات خطيرة، فيما قضى 2 من منفذي العمليات، وقتلت قوات الاحتلال شابا في مظاهرات بيت لحم.
وأحدثت العمليات الـ4 التي وقعت في غضون ساعة ونصف فقط وبشكل متتال حالة من الإرباك الكبير في إسرائيل على الصعيدين الرسمي والشعبي، ما اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الدعوة لاجتماع عاجل للمجلس الوزاري الأمني المصغر، مصدرا تعليماته لوزراء حكومته بعدم التصريح لوسائل الإعلام حول الأحداث الأمنية.
وقتل إسرائيليان، في هجوم مزدوج نفذاه فلسطينيان أحدهما قضى في العملية ذاتها وأصيب الآخر بجروح خطيرة، بعد أن هاجما حافلة تابعة لشركة «إيجد» بالقدس، وأصيب في الهجوم الذي استخدم فيه مسدس وسكين نحو 18 إسرائيليا بعضهم بحال الخطر.
وأظهرت التحقيقات الإسرائيلية قبل اتخاذ قرار بحظر نشر المزيد عنها، أن المنفذين نجحا في السيطرة على الحافلة ومنع دخول وخروج أحد إليها وبدآ بإطلاق النار وطعن من هم على متنها ما أدى لوقوع هذا العدد من القتلى والجرحى.
وأعلن لاحقا أن منفذي الهجوم هما بهاء عليان (22 عاما) وقتله الإسرائيليون، وبلال أبو غانم وأصيب بالرصاص قبل اعتقاله.
وتزامنا مع الهجوم ذاته، أقدم شابٌ فلسطيني على تنفيذ عملية دهس بسيارته قبل أن يخرج منها ويبدأ بطعن المارة بالمنطقة. حسب فيديو تم بثه لاحقا. وأدت العملية الثانية لمقتل حاخام إسرائيلي يبلغ من العمر 60 عاما وإصابة 5 آخرين أحدهم بجروح خطيرة. بينما قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن المنفذ قتل وهو علاء أبو جمل، ويعمل فنيا في شركة الاتصالات الإسرائيلية «بيزك»، وإنه أحد أبناء عمومة شابين من ذات العائلة نفذا منذ شهور عملية في كنيس إسرائيلي ما أدى لمقتل 4 حينها قبل تصفيتهما من قبل قوة إسرائيلية خاصة.
وسبق هاتين العمليتين، هجومان متتاليان في منطقة رعنانا شمال تل أبيب ما أدى لإصابة 8 مستوطنين بجروح أحدهم في حالة الخطر، 3 منهم في هجوم بالسكين نفذه أحد العمال في المنطقة ويدعى «طارق دويك» (22 عاما)، والثاني نفذه «عامل بناء».
وركزت وسائل إعلام إسرائيلية على اليوم الصعب والدامي في إسرائيل ونشرت صورا لمدن إسرائيلية شبه خالية من المارة بسبب الأحداث المتتالية.
وأنهى نتنياهو أمس اجتماعا للمجلس المصغر استمر 4 ساعات ويفترض استئنافه لاحقا في نفس اليوم وسط دعوات في إسرائيل لعزل الإحياء العربية في القدس.
وقال نتنياهو إنه سيتخذ إجراءات غير مسبوقة وهجومية ضد ما وصفه بـ«الإرهاب» الفلسطيني، داعيا الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوقف التحريض.
وأوضح نتنياهو في كلمة له أمام «الكنيست» الإسرائيلي: «سنقر سلسلة خطوات هجومية أكثر قوة ضد كل من يحاربنا ويحرض ضدنا». مضيفا: «الإجراءات سيكون لها أثر كبير في وقف الموجة الحالية من العنف». وانتقد نتنياهو سلوك الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية أمام الموجة الحالية، داعيا إياه لوقف «التحريض» والوقوف عند مسؤولياته.
وفي الرياض، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أنه «لم يفاجأ» بالتجدد الراهن للتوتر «الكبير» بين الإسرائيليين والفلسطينيين، داعيا إلى القيام بـ«مبادرات» لتهدئة الوضع.
وقال فابيوس في الرياض حيث انضم إلى رئيس الوزراء مانويل فالس الذي يجول في المنطقة إن «التوتر كبير بين إسرائيل والفلسطينيين».
وأضاف أن «فرنسا هي بين الدول النادرة جدا التي تقول، شهرا إثر شهر، إنه ينبغي القيام بكل ما يلزم لخفض التوتر، وإنه لا يمكن إشاعة شعور لدى الجانبين بأن القضية ستتم تسويتها من تلقاء نفسها».
وتابع فابيوس «ويا للأسف، لم نفاجأ بتصاعد التوتر سواء في القدس أو في الأراضي المحتلة، وقد تدخلنا لدى (الإسرائيليين والفلسطينيين) لطلب اتخاذ مبادرات بهدف احتواء التوتر».
من جهته، دعا وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان ورئيس بلدية القدس نير بركات لعزل الأحياء الفلسطينية المقدسية عن اليهودية ومنع دخول أو خروج أي فلسطيني منها وحظر حركة فلسطينيي الضفة الغربية تجاه المدن الإسرائيلية.
وتأتي هذه التطورات في القدس فيما توسعت واشتدت المواجهات في مناطق الضفة الغربية في بيت لحم ونابلس ورام الله.
وقتلت إسرائيل الشاب معتز زواهرة من مخيم الدهيشة في بيت لحم برصاصة اخترقت صدره في مواجهات بيت لحم. وسجلت الطواقم الطبية الفلسطينية أكثر من 90 إصابة في المواجهات المختلفة. ويرفع زواهرة عدد الفلسطينيين الذين قضوا في انتفاضة «المدى» إلى 30 فلسطينيا.
وقالت وزارة الصحة، بأن حصيلة الاعتداءات الإسرائيلية منذ بداية الشهر الحالي «أسفرت عن 30 (شهيدًا)، منهم 7 أطفال في الضفة الغربية وقطاع غزة».
وأضافت الوزارة في بيان صحافي أن عدد المصابين بالرصاص الحي والمطاطي والاعتداءات بالضرب والإصابات بالحروق نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بلغت نحو 1400 إصابة، منها 350 بالرصاص الحي و650 بالرصاص المطاطي، فيما أصيب الآلاف بالاختناق نتيجة الغاز السام.
وأشارت الوزارة إلى أنه تم تسجيل 150 اعتداء بالضرب على المواطنين والأطفال من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين.
وأصيب 200 طفل منهم 90 بالرصاص الحي و55 بالرصاص المطاطي، منذ بداية الشهر الحالي، فيما أصيبت 40 امرأة منهن 3 بالرصاص الحي و4 بالمطاط و13 اعتداء بالضرب، و20 اختناقا بالغاز السام.
ويقول الفلسطينيون إن نصف «الشهداء» أعدموا ميدانيا من دون أن يشكلوا أي خطر على إسرائيل.
وفي غزة، أصيب أكثر من 20 فلسطينيا في المواجهات المستمرة بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال على معبر بيت حانون (ايرز). وقال الدكتور أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة إن «عدد الإصابات شمال القطاع ارتفع إلى 20 إصابة منها اثنان بالرصاص وثلاثة بالمطاط و15 اختناقا بالغاز».
كما أصيب عدد من الصحافيين جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع خلال المواجهات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم