كلينتون تقبل التحدي للإقناع بقدرتها على إيصال حزبها للحكم

واجهت منافسيها الأربعة في أول مناظرة تلفزيونية لخوض الانتخابات الرئاسية

هيلاري كلينتون تتحدث إلى أنصارها خلال حملتها الانتخابية في مدينة لاس فيغاس أول من أمس (أ.ب)
هيلاري كلينتون تتحدث إلى أنصارها خلال حملتها الانتخابية في مدينة لاس فيغاس أول من أمس (أ.ب)
TT

كلينتون تقبل التحدي للإقناع بقدرتها على إيصال حزبها للحكم

هيلاري كلينتون تتحدث إلى أنصارها خلال حملتها الانتخابية في مدينة لاس فيغاس أول من أمس (أ.ب)
هيلاري كلينتون تتحدث إلى أنصارها خلال حملتها الانتخابية في مدينة لاس فيغاس أول من أمس (أ.ب)

واجهت هيلاري كلينتون، أمس، منافسيها الأربعة، من بينهم بيرني ساندرز، سيناتور فيرمونت، في أول مناظرة للحزب الديمقراطي في إطار الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016.
وخيم على المناظرة ظل نائب الرئيس جو بايدن، الذي لا يزال يتردد منذ أسابيع في خوض السباق الرئاسي للمرة الثالثة. في حين سعى المرشحون الثلاثة الآخرون مارتن أومالي، ولينكولن تشافي، وجيم ويب إلى إسماع أصواتهم باعتبارهم غير معروفين نسبيًا لدى الرأي العام.
وحتى قبل انطلاقها بساعات، توقع عدد من المحللين ألا تشهد المناظرة جدلاً كبيرًا بالمقارنة مع الحزب الجمهوري، حيث لم يتردد الملياردير دونالد ترامب، المعروف بمواقفه المثيرة، والذي ساهم إلى حد كبير في تحقيق نسب مشاهدة قياسية وصلت إلى 24 مليون مشاهد لقناة «فوكس نيوز» في أغسطس (آب) الماضي، و23 مليونًا لـ«سي إن إن» في سبتمبر (أيلول) الماضي في التعليق ساخرًا، إن المشاهدين سيغطون في نوم سريع خلال المناظرة.
وتسعى كلينتون (67 عامًا)، التي خسرت في الأشهر الماضية صدارة المرشحين الديمقراطيين، إلى إقناع الرأي العام من خلال هذه المناظرة بأنها أكثر مصداقية وقدرة على إيصال الحزب الديمقراطي لولاية رئاسية ثالثة على التوالي، فيما سيشكل سابقة منذ الحرب العالمية الثانية.
وبالنسبة إلى المرشح الاشتراكي بيرني ساندرز (74 عامًا)، الذي فرض نفسه على الساحة الوطنية بشكل غير متوقع، فإن التحدي يقوم على إثبات بأنه قادر على تحمل الأعباء الرئاسية، وأنه ليس فقط مجرد محرض ومعارض للنخبة. وقد تعهد ساندرز قبل بدء المناظرة بعدم شن هجمات شخصية ضد كلينتون التي «يحترمها»، إلا أنه لم يتردد في استغلال هذا الظهور الأول لوزيرة الخارجية السابقة (2009 - 2013) على التلفزيون لإبراز نقاط اختلافه معها والتركيز على إخفاقاتها، إذ قال ساندرز على شبكة «إن بي سي»، إنه «يجب أن يقارن الناس بين تصميمي وثباتي في التصدي لوول ستريت وبين موقف كلينتون».
وأشار الاستطلاع الأخير لشبكة «سي بي إس» إلى أن كلينتون، السيناتور السابقة عن نيويورك، حصلت على 46 في المائة من نيات التصويت في مقابل 27 في المائة لساندرز. وإذا كان المرشحان يتفقان حول الكثير من الملفات الشائكة فإن موقف كلينتون يعد أقل ارتياحًا، حيث أعلنت مؤخرًا معارضتها لاتفاق التبادل الحر الذي أعلنته الولايات المتحدة قبل بضعة أيام مع 11 دولة مطلة على المحيط الهادي. ومع أن النقابات رحبت بموقفها، إلا أنه أثار مفاجأة كبيرة لأنها كانت تدافع بحماسة عن الأهمية الاقتصادية للمشروع عندما كانت لا تزال وزيرة خارجية الرئيس باراك أوباما.
ويعتبر مارتن أومالي (52 عامًا) الحاكم السابق لولاية ماريلاند، المرشح الأصغر سنًا، وهو يذكر باستمرار بأن التاريخ حافل بانتخابات اضطر فيها «المرشح الأوفر حظًا» إلى الإقرار بالهزيمة في النهاية. وقد شدد أومالي، الذي يحاول على غرار ساندرز استمالة جناح اليسار في الحزب الديمقراطي، خلال ظهوره في قناة «سي إن إن» أن «الغالبية العظمى من الأميركيين يرون أن السباق داخل الحزب الديمقراطي بالكاد انطلق». ويحافظ أومالي على ثقته مع أن استطلاعات الرأي أظهرت حتى الآن أن الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا لا يؤيدونه.
وشكلت المناظرة، التي احتضنتها ولاية نيفادا، مناسبة أيضًا للمرشحين لإبراز موقفهم من أوباما، الشخصية الأبرز في الحزب الديمقراطي، ولو أنه لن يخوض الانتخابات هذه المرة. وقد ذكر أوباما الحريص على التزام الحياد في هذه المرحلة، في نهاية الأسبوع الماضي بأنه «فخور جدًا» بسجل ولايتيه الرئاسيتين، وأنه حتى لو ترشح لولاية ثالثة، وهو احتمال فرضي طبعًا، فإنه واثق من انتخابه كما حصل في 2008 و2012.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.