لندن تحتضن أول عرض أوروبي لفيلم «يا طير الطاير»

رئيس مجلس إدارة «إم بي سي»: الفيلم يجسد الأمل الذي تحمله الآلاف من المواهب الفلسطينية

محمد عسّاف وخطيبته لينا قيشاوي في أول إطلالة لهما  -  محمد عسّاف
محمد عسّاف وخطيبته لينا قيشاوي في أول إطلالة لهما - محمد عسّاف
TT

لندن تحتضن أول عرض أوروبي لفيلم «يا طير الطاير»

محمد عسّاف وخطيبته لينا قيشاوي في أول إطلالة لهما  -  محمد عسّاف
محمد عسّاف وخطيبته لينا قيشاوي في أول إطلالة لهما - محمد عسّاف

عرض مساء أول من أمس في العاصمة البريطانية لندن الفيلم الروائي الطويل «يا طير الطاير» («The Idol») ضمن فعاليات «مهرجان لندن السينمائي» في أول عرض أوروبي له، وذلك بعد الإقبال الكبير لمتابعته خلال عرضه الافتتاحي العالمي الأول ضمن «مهرجان تورنتو السينمائي الدولي».
وكان من أبرز الحاضرين في الافتتاح رئيس مجلس إدارة «مجموعةMBC» الشيخ وليد بن إبراهيم آل إبراهيم، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشباب أحمد الهنداوي، إلى جانب حشد من النُقّاد السينمائيين والمهتمّين والصحافيين العرب والأجانب.
واستوحى الفيلم قصته من سيرة الشاب النجم الفلسطيني محمد عسّاف، وهو من تنفيذ المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، الذي رُشِّح مرّتيْن لنيل جائزة الـ«أوسكار» عن فيلميْه الشهيريْن: «الجنة الآن» و«عمر»، والحائز أيضًا على جائزة «غولدن غلوب» عن فيلم «الجنة الآن». ويستعرض الفيلم شريط أحداث حياة «محبوب العرب» الفائز في الموسم الثاني من برنامج «أراب آيدول» الغنائي بحذافيرها، ولا يروي تفاصيلها، بل يأخذ من خطوطها العريضة مسارًا للقصة. ويروي الفيلم حكاية طموح شاب فلسطيني استثنائي وصعوده ونجاحه، مستلهمًا بذلك قصة نجاح من وُصف بـ«الظاهرة»، انطلاقا من المحلية الضيّقة والصعوبات التي واجهته داخل المخيمات، ليصل إلى النجومية الإقليمية عبر برنامج «أراب آيدول» على «إم بي سي»، ومنها إلى العالمية.
وحول أهمّية الفيلم، يقول الشيخ وليد بن إبراهيم آل إبراهيم: «نشأت أجيال بكاملها على نبض القضية الفلسطينية، ولطالما كانت النكسات وخيبات الأمل، مع كل أسف، عناوين للواقع الفلسطيني في ظل الاحتلال، وإن تخلّلتها بعض المحطات المشرقة الكبرى. أما اليوم، فيحمل (محبوب العرب)، الذي خرج من قلب المعاناة الفلسطينية، عنوانًا عريضًا هو (الأمل) الذي يملأ قلوب عشرات الآلاف من المواهب الفلسطينية الشابة». وأضاف آل إبراهيم: «إن الأمل بالنجاح والتفوّق ليسا حكرًا فقط على أصحاب المواهب الموسيقية أو الغنائية على غرار محمد عساف، بل هناك الآلاف من الشباب الفلسطيني الموهوب والمتعلّم والقادر على تحقيق الإنجازات الكبرى، ينتظرون الفرصة المناسبة للصعود والتألّق في شتى المجالات الفنية والمعرفية والفكرية والعلمية وغيرها». وختم آل إبراهيم قائلا: «حرصتُ على حضور العرض شخصيًا إيمانًا مني برمزيّة الفيلم وما يحمله من ومضات أمل تضيء على قصة كفاح ومعاناة محمد عسّاف التي تُعدّ جزءًا من (القصة الفلسطينية) إن جاز التعبير.. هذه القصة التي تودّ MBC أن تؤكّد اليوم مجدّدًا أنها كانت وما زالت سندًا لها، وذلك بموازاة التزامنا الدائم بدعم المواهب والطاقات العربية الشابة عمومًا، تجسيدًا لشعار (إم بي سي) (نرى الأمل في كل مكان)».
من جانبه، قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشباب أحمد الهنداوي، الذي حضر خصيصًا من نيويورك إلى لندن للمناسبة: «أنا موجود هنا اليوم لأحتفل بنجاح قصة (محبوب العرب) محمد عسّاف سينمائيًا، وذلك بعد وصوله إلى القمة فنيًا، مما يثبت بشكل قاطع أن الإصرار والعزيمة اللتيْن يتمتع بهما الشباب العربي الطَموح كفيلتان بجعله يصل إلى أرقى المراتب العالمية». وختم الهنداوي: «إن تجسيد سيرة ومسيرة نجاح (محبوب العرب) في فيلم سينمائي هو بمثابة مؤشّر على قدرات الشاب العربي وما يختزنه من طاقات كامنة، إلى جانب نجاحه في ترجمة تلك الطاقات إلى إنجازات على أرض الواقع تصبّ في خانة دعم القضايا المحقّة والنبيلة».
وسجّل محمد عسّاف ثلاث أغنيات خاصة بـفيلم «يا طير الطاير»، تم توزيعها عالميًا من خلال شركة «بلاتينوم ريكوردز»، خلال العرض الافتتاحي العالمي الأول للفيلم ضمن فعاليات «مهرجان تورنتو السينمائي الدولي». وضع موسيقى الفيلم ولحّن الأغاني الخاصة به الكاتب والمنتج والموزّع الموسيقي حبيب شحادة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».