ألمانيا والسعودية.. شراكة تاريخية وروابط تزداد تطورًا وتماسكًا

البلدان يلعبان دورًا مؤثرًا في القضايا الإقليمية والعالمية

ألمانيا والسعودية.. شراكة تاريخية وروابط تزداد تطورًا وتماسكًا
TT

ألمانيا والسعودية.. شراكة تاريخية وروابط تزداد تطورًا وتماسكًا

ألمانيا والسعودية.. شراكة تاريخية وروابط تزداد تطورًا وتماسكًا

تصف ألمانيا علاقتها بالسعودية بالشراكة المهمة بين البلدين، وذلك عطفًا على نقاط الاتصال في الأهمية التي يلعبها كلا البلدين في القضايا الإقليمية والعالمية، في الوقت الذي تؤكد فيه ألمانيا أن علاقتها بالرياض تشهد زخمًا كبيرًا.
وبحسب تقرير صادر من السفارة الألمانية في الرياض فإن السعودية تعتبر شريكا مهما بالنسبة لألمانيا.. و«في الواقع فإن السعودية تلعب دورا رياديا ومحوريا في منطقة مهمة للغاية»، مشيرا إلى أن التنسيق الوثيق بين البلدين الشريكين والعضوين في مجموعة العشرين يخدم المصالح المشتركة لهما ويكتسب أهمية متزايدة.
ولفت التقرير إلى أنه وعلى الرغم من أن العلاقات الودية بين البلدين الصديقين تشهد منذ فترة طويلة زخما كبيرا في مختلف المجالات، فإن الروابط بينهما لا تزال تزداد تطورا وتماسكا، في الوقت الذي أشار فيه في هذا السياق إلى الزيارات العديدة المتبادلة بين قادة الدولتين، وكذلك بين وزيري خارجية البلدين في السنوات الأخيرة، إضافة إلى التعاون المتنامي بين البرلمان الألماني الاتحادي (البوندستاغ) ومجلس الشورى السعودي.
وأكد التقرير الذي حمل عنوان «العلاقات السياسة والاقتصادية بين ألمانيا والسعودية» أن التواصل بين الشعبين الألماني والسعودي يزداد أيضا باطراد، حيث أصبحت ألمانيا من أهم الوجهات المفضلة للمواطنين السعوديين للسياحة والعلاج، إضافة إلى مجالات أخرى مثل دراسة اللغة والتعليم العالي ومزاولة الأعمال التجارية.
والعلاقات الاقتصادية بين السعودية وألمانيا ممتازة، ويعود تاريخها إلى فترة ما قبل تأسيس الدولة السعودية الحديثة. فقد قامت الشركات الألمانية في أوائل القرن العشرين ببناء سكة حديد الحجاز، وما زالت منذ ذلك الحين حاضرة في كل خطوة من خطوات تنمية الاقتصاد الحديث للسعودية وتطوير بنيتها التحتية. كما تقوم الشركات الألمانية اليوم على سبيل المثال بالمشاركة في إنشاء شبكة حديثة للنقل العام في الرياض، وكذلك تنويع صناعة البتروكيماويات السعودية. والشركات الألمانية من الرواد في مجال تقنية الطاقة، وتقوم بدعم استخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في السعودية.
وأشار التقرير إلى أن حجم التبادل التجاري الرسمي المثير للإعجاب بين البلدين بلغ نحو 11 مليار يورو في عام 2014، ولا يزال في نمو مستمر طوال السنوات الأخيرة، ولكن لا يعكس هذا الرقم مجمل الأنشطة الاقتصادية الثنائية بين البلدين حيث لا يزال التبادل في مجال البضائع التقليدية (كمنتجات الهندسة الميكانيكية والمنتجات الكيماوية في مقابل النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية) يلعب دورا مهما.
وأشار إلى أن النفط الخام والصادرات الأخرى من السعودية لا تصل إلى ألمانيا فقط من خلال الطرق المباشرة، ولكن أيضا عن طريق الموانئ الأوروبية الأخرى، مما يعني أن نسبة الصادرات السعودية إلى ألمانيا أعلى بكثير من تلك التي يتم نشرها ضمن بيانات ميزان التبادل التجاري بين البلدين. وعلى الرغم من أن الشركات الألمانية لم تعد تعمل كالسابق بالدرجة الأولى كـ«مقاولين عامين»، فإنها لا تزال تشارك في اتحادات الشركات التي تنفذ مشاريع البنية التحتية العملاقة في السعودية أو تقوم بدور المورد لشركات أخرى، لذلك فإن مدفوعات المقاولين العامين الأجانب إلى المقاولين الألمان من الباطن قد تذكر وقد لا تذكر ضمن بيانات ميزان التبادل التجاري بين البلدين.
ولفتت السفارة الألمانية في تقريرها إلى أن السعودية تضع اليوم جل اهتمامها في إنشاء الصناعات التحويلية القائمة على المواد الخام المتوافرة محليا، مثل النفط الخام والغاز والألمنيوم. وطبقا لتعريف الهيئة العامة للاستثمار بالسعودية تعتبر ألمانيا من المستثمرين الرائدين بكل ما تعنيه الكلمة، إذ إن المزيد من الشركات الألمانية تقرر إنشاء مقار لها للصناعات التحويلية في السعودية (الاستثمار الأجنبي المباشر)، حيث تقوم إما بمفردها أو بالتعاون مع شريك سعودي بنقل المعرفة التقنية إلى السعودية وتوفير وظائف عالية الجودة إضافة إلى تأهيل قوة عاملة محلية جديدة.
وتتألف نسبة لا يستهان بها من الشركات الألمانية في السعودية من الشركات الصغيرة إلى المتوسطة الحجم، حيث تمثل هذه الشركات العمود الفقري للصناعة الألمانية، وتكون غالبا من رواد السوق في مجال تخصصها، كما تعتبر ذات كفاءة عالية وملتزمة بمواعيد التسليم ونزيهة في التعامل مع الغير، لذا فإن الشركات الصغيرة إلى المتوسطة الحجم «شركاء مقدرون عاليًا» من قبل رجال الأعمال السعوديين.
ويؤكد التاريخ أن العلاقات الاقتصادية الألمانية السعودية ليست وليدة اللحظة، وزاد الرابط مع تأسيس الدولة السعودية، وما زالت منذ ذلك الحين حاضرة في كل خطوة من خطوات تنمية الاقتصاد السعودي الحديث والمساهمة الألمانية لتطوير البنية التحتية.
وتبين المشاريع الحكومية السعودية مدى مشاركة الشركات الألمانية متمثلة في مشاريعها الحديثة، إضافة إلى تنويع صناعة البتروكيماويات السعودية، باعتبار ألمانيا من الرواد في مجال تقنية الطاقة، كما تقوم بدعم استخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في السعودية.
وتبحث ألمانيا والسعودية عن تعزيز العلاقات التجارية على أوسع نطاق، وتوجد رغبة من الطرفين في تحسين تسويق المنتجات المتبادلة وتشجيع الشراكات الاستراتيجية، في الوقت الذي يتوقع أن يشهد تسهيلات تتعلق بانسياب منتجات البلدين إلى بعضهما بعضا، حيث تتوافر فرص متميزة للشركات الألمانية للحصول على اتصال مع السوق السعودية، مع وجود شركات تبحث عن شركاء أعمال تجاريين سعوديين جدد.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».