وفاء زيان: فخورة بأنني أول تونسية تقرأ نشرة أخبار «بي بي سي» منذ إنشائها عام 1938

المحاور البريطاني الشهير جيريمي باكسمان مثل يجب أن يحتذى به في الإعلام العربي

وفاء زيان: فخورة بأنني أول تونسية تقرأ نشرة أخبار «بي بي سي» منذ إنشائها عام 1938
TT

وفاء زيان: فخورة بأنني أول تونسية تقرأ نشرة أخبار «بي بي سي» منذ إنشائها عام 1938

وفاء زيان: فخورة بأنني أول تونسية تقرأ نشرة أخبار «بي بي سي» منذ إنشائها عام 1938

الإعلامية وفاء زيان هي أول تونسية تقرأ النشرة على موجات إذاعة «بي بي سي» العربية منذ إنشائها منذ أكثر من 75 عاما ثم انتقلت لتطل بالصوت والصورة على الجمهور من استوديوهات تلفزيون «بي بي سي» بعد تأسيسه عام 2008. ولكن وجودها في استوديوهات البث المباشر لم يبعدها عن الاحتكاك بالناس ومن الأعمال الميدانية فنجدها بينهم في تغطيات ميدانية في أماكن لا تخلو من الخطورة أحينا! فإضافة إلى قراءتها للنشرة وإعدادها للتقارير الإخبارية، تشارك وفاء زيان أيضا في تقديم برنامج «أنا الشاهد» الذي يفسح المجال للصحافي المواطن.
«الشرق الأوسط» التقت الإعلامية وفاء زيان وكان لنا معها حوار فيما يلي نصه:

* كيف بدأت حياتك المهنية كصحافية؟ وهل أصبحت عند لحظة معينة على يقين بأنك اخترت الوظيفة الصائبة؟
- بعد حصولي على شهادة الماجستير في علم اللسانيات والترجمة من جامعة وستمينستر في لندن عام 1999. قررت أن أفتح صفحة جديدة في حياتي المهنية. أعترف أنني آنذاك لم أكن متأكدة أن الصحافة لم تكن المهنة التي كنت أود حترافها ولكن دفعني فضولي المعتاد إلى الالتحاق بوكالة يونايتدد برس إنترناشيونال للأنباء ومقرها لندن... وربما لعب توقيت دخولي هذا المجال دورا مهما في انجذابي للعمل الصحافي، حيث كنت شاهدة من خلال عملي على التحولات الخطيرة التي فجرتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) والتي سرعان ما انعكست على منطقة الشرق الأوسط. فحبي لمعرفة الحقيقة ونقلها للآخرين كان دائما من صفاتي المتأصلة فقررت الاستمرار في هذا المجال بدلا من الالتحاق بالعمل الأكاديمي كما كنت أخطط... لكنني أيقنت أنني في مكاني المناسب عندما التحقت بالقسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية تلك المؤسسة العريقة التي كانت- ولا تزال- تعتبر المرجعية الأولى في المهنية والحياد الصحافيين.. وفي الـ«بي بي سي»، انتقلت من الصحافة المكتوبة إلى العمل الإذاعي وسرعان ما وجدت نفسي أمام أصعب اختبار في حياتي وهو قراءة نشرة الأخبار على موجات «بي بي سي» وعلى دقات بيغ بن الشهيرة التي ظلت تتردد عبر الأثير لأكثر من ثمانية عقود.... ولا أخفي فخري بأنني كنت أول تونسية تقرأ نشرة أخبار «بي بي سي» منذ إنشائها عام 1938.. لم يقتصر عملي على قسم الأخبار بل كنت أقوم بتحقيقات ميدانية في موضوعات ثقافية واجتماعية لا سيما في برنامج «بي بي سي اكسترا» الذي كنت أقدمه أيضا منذ انطلاقه في عام 2005... ومع انطلاق بث تلفزيون «بي بي سي» عربي، نقلت خبراتي إلى غرفة الأخبار وانضممت إلى طاقم المذيعين فيها، كما أقوم حاليا بتقديم برنامج «أنا الشاهد»، مع زميلتي منى با، الذي ينقل موضوعات صحافية من صنع ما يعرف بالمواطن الصحافي إضافة إلى تغطيات ميدانية مسجلة أو على الهواء من موقع الأحداث مباشرة سواء في لندن أو في الخارج.
* ما هي أول قصة صحافية كتبتها؟ ومتى نشرت؟
- مررت أثناء عملي الإذاعي والتلفزيوني بلحظات محملة بالمشاعر التي أثرت في على المستوى الشخصي أبرزها أحداث الثورة في بلدي تونس حيث كنت على الهواء مباشرة أنقل أحداثها وتفاعلاتها في أيامها الأولى... والحدث الذي أود أن أشهده وأتفاعل معه مهنيا وشخصيا هو انتخاب أول زعيمة أو رئيسة وزراء عربية.
* من الذي كان (كانت) قدوتك في الإعلام؟
- كنت أتابع وأنا طفلة مثل غيري من التونسيين المذيع الراحل نجيب الخطاب الذي يعرف بلغته الرصينة وأدائه السلس، كما أنه كان يجيد أسلوب التحاور المناسب مع الضيف المناسب سواء أكان سياسيا أم شخصية أدبية أو فنية. ولكني أعتبر أن مدرستي الأولى هي الـ«بي بي سي» بلغتيها الإنجليزية والعربية، فأكاد أجزم أن لا أحد يخرج منها كما دخل.
* من هي الشخصية الإعلامية، حسب رأيك، الأصلح كمثل أعلى يحتذى في الإعلام المرئي والمسموع في بلدك؟
- جيريمي باكسمان، المحاور البريطاني الشهير في القناة الثانية على «بي بي سي» والمعروف بإصراره على انتزاع التصريحات من ضيوفه ولكن دون وقاحة أو ابتذال، وهو ما ينقصنا بشدة في الوسط الإعلامي العربي.
* ما هي عدد ساعات العمل التي تمضينها خلال الأسبوع، وهل ذلك يترك لك الكثير من الوقت لكي تمضينه مع الأسرة؟
- أقضي أربعين ساعة عمل أسبوعيا بموجب قانون التوظيف البريطاني، أقوم خلالها بمهام متنوعة. لا أشعر بالضيق أو الإرهاق إلا عندما لا أنجز المهمة التي حددتها لنفسي. ولكنني في نفس الوقت أبتعد عن العمل ثلاث أيام متتالية كل أسبوع مما يساعدني على الاعتناء بأسرتي ومنزلي ولكنني دائما أتفاعل مع الأخبار حتى أنني أتذكر أنني في صيف 2011 صممت على مصاحبة زوجي - وهو صحافي أيضا - عندما قرر النزول إلى الشارع للوقوف على أحداث العنف في أحياء لندن المشتعلة.
* هل لديك فريق عمل خاصّ يساعدك بشأن البرامج التلفزيونية (أوفي المجلة)؟
- عندما أقدم نشرة الأخبار أعتبر أن ما يراه المشاهد على الشاشة هو نتاج عمل فريق كامل من رئيس تحرير ومحررين وفنيي الصورة، فبذلك أكون مسؤولة عن مجهود كل هؤلاء بأفضل شكل وهو نفس قدر مسؤوليتي تجاه مشاهدينا.. أما في برنامج «أنا الشاهد» أرى أنه إلى جانب طاقم العمل من داخل الـ«بي بي سي» هناك فريق عمل آخر - لا أعرفه شخصيا - يمتد من المحيط إلى الخليج وهم المشاركون من الناس العاديين الذين يكلفون أنفسهم عناء النزول إلى الأرض وإعداد التقارير التي يرسلونها لنا.

* ما رأيك في الإعلام الجديد وهل – في رأيك – سيحلّ محل الإعلام التقليدي؟
- بداية لولا هذا الإعلام الجديد لما كان هناك برنامج «أنا الشاهد» الذي يعتمد على الصحافي المواطن. الإعلام الجديد غيّر الكثير من الموازين، خاصة منذ اندلاع الأحداث الأخيرة في المنطقة العربية، فهو من أنجع الوسائل لرصد ردود الفعل فوريا كما هو مصدر رائع للأخبار والمعلومات، لكنه يشكل في نفس الوقت تحديا حقيقيا لوكالات الأنباء التقليدية ووسائل الإعلام الأخرى بسبب صعوبة التحقق من مصداقية ما ينقل، مما قد يؤثر بالتبعية على مصداقية الجهة التي تعيد بث هذه المواد. ونحن في «بي بي سي» لدينا وحدة كاملة تقوم بمتابعة المواد المنقولة على وسائل التواصل الاجتماعي وتتفاعل أيضا مع أصحابها.
* هل في رأيك أنه من المُهم، على نحو خاص، وجود الصحافي المتخصّص بتغطية أخبار معينة، مثل أن تكون لديه معرفة خاصة بتنظيم القاعدة أو أفغانستان أو العراق؟
- الصحافي المتخصص في مجالات محددة هو مكسب لأي غرفة أخبار. وحجم اطلاعه يمنح لها ميزة تنافسية أكبر. وأنا شخصيا أقدر الصحافي الرياضي أو الاقتصادي لأنه بالتأكيد أعلم واحد في مجاله عن أي صحافي آخر غير متخصص.
غير أنني شخصيا أفضل التنوع حيث أجد نفسي تارة في مناطق حرب وتارة أخرى على البساط الأحمر في لندن أحاور نجوم السينما الأميركية!
* ما هي، بالنسبة لك، المدوّنة المفضلة أو الموقع الإلكتروني المفضل؟
- بحكم وجودي في بريطانيا، أتابع النسخ الإلكترونية للصحف الكبرى هنا وخاصة «الغارديان» و«التايمز» و«الإندبندنت» و«الدايلي تلغراف» و«الإكونومست» إضافة إلى الصحف العربية الكبرى. وكغالبية سكان لندن أقوم بذلك خاصة أثناء رحلة القطار في طريقي إلى العمل والعودة منه. وأجد نفسي أقارن تلقائيا بين معالجة كل هذه الوسائل لقضية بعينها سواء عربية أو عالمية.
* ما هي نصيحتك للصحافيين الشباب في بداية حياتهم الإعلامية؟
- نصيحتي الأساسية للصحافيين الشباب هي أن لا يلتحقوا بهذه المهنة إلا إذا كانوا فعلا يحبونها لأن عثراتها قد تكون مخيبة للآمال!
* هل (تستطيعين) وصف ما تعنيه عبارة الصحافي الناجح أو الإعلامي الناجح؟
- الصحافي الناجح في رأيي أيا كانت الوسيلة التي يعمل بها هو من لديه موهبة الإقناع وتوصيل المعلومة بسلاسة وتلقائية مهما كان مدى تعقيدها. بالنسبة للإذاعي أو المذيع التلفزيوني، فإن الحضور الشخصي في غاية الأهمية. فمن دونه لن يتمكن من توصيل رسالته بكل بساطة! طبعا هذا يأتي بعد الشروط الأساسية الأخرى وهي سعة الاطلاع والفضول وتحييد رأيه الشخصي في الموضوع الذي يعالجه وربما هذه النقطة الأخيرة يفتقدها الكثيرون في ظل حالة الاستقطاب الإعلامي التي نعيشها حاليا..
* في رأيك، ما هي أنجح قصة إخبارية قدمتها حتى الآن؟
- أعتز كثيرا بتغطيتي لأحداث «الربيع العربي» خاصة في تونس، فتنقلت من العاصمة تونس الذي كان يتقرر فيها مصير البلاد إلى مدينة سيدي بوزيد التي انطلق منها كل شيء وكنت من القلائل حينها الذين قابلوا فادية حمدي السيدة التي اتهمت بصفع محمد البوعزيزي واعتبرها الكثيرون بذلك بأنها «السيدة التي هزت عرش بن علي» (وقد برأتها المحكمة من التهمة).



كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري الأخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات المرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم ظهور الأخبار منذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج الملخّصات المعزّز بالذكاء الاصطناعي بديلاً عن ترشيح روابط الأخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الزيارات تدريجياً. غير أن خبراء ناقشوا الأمر مع «الشرق الأوسط» عدُّوا هذا الاتجاه «رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وقد لا يحقق نموذج عمل مستداماً». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة متخصصة في تحسين محركات البحث (SEO) موجهة للناشرين والمواقع الإخبارية، أظهرت أن «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في المتوسط 55 في المائة من إجمالي حركة المرور الآتية من «غوغل» للناشرين، مقارنة بـ41 في المائة، في دراسة سابقة، ما يعني أن «ديسكوفر» أضحى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع الأخبار.

جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقالات يظهر على نظامي «أندرويد» و«آبل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فإن المقالات المُوصى بها تُحدَّد وفقاً لاهتمامات المستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى المستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جداً، لذا يحقق مزيداً من الجذب.

محمد الكبيسي، الباحث ومدرب الإعلام الرقمي العراقي المقيم في فنلندا، أرجع تكثيف بعض المواقع الإخبارية وجودها على «غوغل ديسكوفر» إلى احتدام المنافسة الرقمية بين المنصّات للوصول إلى الجمهور. وأوضح: «منطقياً، تسعى مواقع الأخبار إلى الظهور على منصات متعدّدة، مما يعزز فرص الوصول والتفاعل مع الأخبار دون الحاجة للبحث المباشر».

وحدَّد الكبيسي معايير ظهور المقالات على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة المحتوى، والتحديث المستمر، وتوافق SEO، والملاءمة مع اهتمامات المستخدمين وسلوكهم السابق في استخدام وسائل الإنترنت، إضافة إلى الالتزام بمعايير الإعلام والصحافة المهنية».

ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف الاهتمام بأداة «غوغل ديسكوفر» حلاًّ مؤقتاً للمرحلة الحالية، شرح أنه «يمكن القول عموماً إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدلات الزيارات للعديد من المواقع الإخبارية، لكن ذلك يعتمد على أهمية المحتوى وملاءمته اهتمامات الجمهور». أما عن الحلول المستدامة فاقترح الكبيسي على صُناع الأخبار تحقيق المواءمة مع تطوّرات المنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب التبِعات التي قد تؤدي إلى تقليل الظهور أو انخفاض معدلات الوصول».

من جهته، يقول الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة الـ«سي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» لا يقبل أي مقالات؛ لأن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة المحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقيقة تلبّي اهتمامات المستخدمين وتُثري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة لا تقل عن 1200 بيكسل عرضاً، وعناوين جذابة تعكس مضمون المقال بشكل شفاف بعيداً عن التضليل». ثم أضاف: «يجب أن تكون المواقع متوافقة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسريعة، مع الالتزام الكامل بسياسات (غوغل) للمحتوى».

وعلى الرغم من أن معايير «غوغل ديسكوفر» تبدو مهنية، عَدَّ موسى أن هذا «الاتجاه لن يحقق مستقبلاً الاستقرار للناشرين... وصحيح أن (غوغل ديسكوفر) يمكن أن يحقق زيارات ضخمة، لكن الاعتماد عليه فقط قد لا يكون واقعاً مستداماً».

ورأى، من ثم، أن الحل المستدام «لن يتحقق إلا بالتنوع والتكيف»، لافتاً إلى أنه «يُنصح بالتركيز على تقديم محتوى ذي قيمة عالية وتحويله إلى فيديوهات طولية (فيرتيكال) مدعومة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من المتابعين وبناء قاعدة جماهيرية وفية».