تحقيق مجلس الشيوخ حول هجوم بنغازي يتحول إلى حرب حزبية

الديمقراطيون يعتبرونه استغلالاً غير مسبوق للكونغرس لأغراض سياسية

المرشحة للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون أثناء حديثها خلال حفل معهد الكونغرس في واشنطن الأسبوع الماضي (أ.ب)
المرشحة للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون أثناء حديثها خلال حفل معهد الكونغرس في واشنطن الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

تحقيق مجلس الشيوخ حول هجوم بنغازي يتحول إلى حرب حزبية

المرشحة للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون أثناء حديثها خلال حفل معهد الكونغرس في واشنطن الأسبوع الماضي (أ.ب)
المرشحة للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون أثناء حديثها خلال حفل معهد الكونغرس في واشنطن الأسبوع الماضي (أ.ب)

أكد محقق سابق أن تحقيق الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي حول كيفية تعامل وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، مع هجوم بنغازي كان يستهدف خصوصا الإضرار بحملتها للانتخابات الرئاسية في 2016.
وقال برادلي بودليسكا، وهو مساعد برلماني سابق، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، أمس، إنه يستعد لملاحقة اللجنة الخاصة في مجلس النواب التي بدأت هذا التحقيق أمام القضاء.
وأوضح أن أحد أسباب طرده هو معارضته لقرار لجنة التحقيق بالتركيز خصوصا على دور كلينتون حين وقع الهجوم في سبتمبر (أيلول) 2012، والذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة أميركيين. وأكد بودليسكا، وهو احتياطي في استخبارات القوات الجوية ويصف نفسه بأنه جمهوري محافظ، أنه خسر وظيفته في يونيو (حزيران) لأنه أخذ عطلة لأسابيع عدة لإتمام واجباته العسكرية.
ويأتي هذا النقد من قبل محقق استخباراتي مخضرم، ينتمي إلى الحزب الجمهوري، في خضم شكاوى متنامية من قبل الحزب الديمقراطي حول أن اللجنة الخاصة تسعى لتقويض وزيرة الخارجية السابقة وسعيها للوصول إلى الرئاسة.
ومن جهته، نفى متحدث رسمي باسم اللجنة المزاعم الصادرة عن المسؤول السابق، برادلي بودليسكا وميجور في قوات الاحتياط بالقوات الجوية، الذي أصدر بيانًا من خلال محاميه، مساء أول من أمس. وورد في البيان: «تعارض عملي، غير الحزبي، في التحقيق مع مصالح قيادة الحزب الجمهوري، والتي ركزت بصورة أساسية على كلينتون ومساعديها»، خصوصا بعد ظهور تقارير في مارس (آذار) الماضي حول استخدامها لحساب بريد إلكتروني شخصي في مراسلاتها الرسمية. وأضاف البيان: «أسر الأميركيين الذين قضوا نحبهم في هجمات بنغازي تستحق الوصول إلى حقيقة ما حدث، لكن تحقيق ذلك يستلزم إجراء تحقيق شامل غير حزبي بمشاركة جميع الوكالات والمسؤولين المعنيين ببنغازي».
وفي بيان رسمي نشر أول من أمس، وصفت اللجنة ادعاءات بودليسكا بأنها «كاذبة تمامًا»، مشددا على أنه «طرد لسبب آخر»، إلا أن البيان المكتوب المنسوب إلى المتحدث الرسمي باسم اللجنة لم يذكر بودليسكا بالاسم، وإنما قال إن موظفًا سابقًا أظهر «سوء تقدير». وأضاف البيان: «لقد أنهي عمل هذا الموظف، لأسباب منها أنه أبدى تحيزًا غير مقبول وعداءً خلال عمله في التحقيق» ضد إدارة أوباما، بما في ذلك كلينتون. وتأتي هذه التطورات الجديدة في وقت عصيب لأعضاء الجمهوريين في اللجنة، الذين ينوون استجواب كلينتون في 22 أكتوبر (تشرين الأول) رغم تنامي المطالب بإغلاق التحقيق.
من جهته، قال العضو البارز بالحزب الديمقراطي وعضو لجنة التحقيق، النائب إليجاه كمينغز، مساء السبت، إن مزاعم بودليسكا تقدم دليلاً آخر على وجود تحيز خطير من جانب أغلبية أعضاء اللجنة. وأضاف أن «الجمهوريين ظلوا يسيئون استخدام ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب لهدف غير مشروع يتمثل في إلحاق الضرر بمسعى هيلاري كلينتون لتولي الرئاسة»، مشيرًا إلى أن أحدث الشكاوى صدرت عن «واحد من المحققين الذين اختارهم رئيس اللجنة تري غودي بنفسه».
بدوره، دعا العضو الديمقراطي البارز بلجنة شؤون الاستخبارات التابعة لمجلس النواب، النائب آدم شيف، إلى إنهاء عمل اللجنة. وقال: «يمكننا أن نشرع في التخلص من الضرر الذي وقع بالفعل جراء هذا الاستغلال غير المسبوق لسلطة الكونغرس لأغراض سياسية مفضوحة، بعد وضع نهاية لهذا التحقيق المكلف والمسيس».
في المقابل، دافع غودي عن عمل اللجنة، وأصر على أنهم توصلوا إلى وثائق جديدة مهمة من المقرر الكشف عنها هذا الأسبوع، تتضمن رسائل عبر البريد الإلكتروني من مستشار كلينتون، سيدني بلومنثال، تضم نصائح استخباراتية بخصوص ليبيا.
من ناحية أخرى، أشار محاميا بودليسكا، بيتر رومر فريدمان وجو نابيلتونيا، إلى أنه من المتوقع أن يتقدما بدعوى قضائية ضد الفصل المتعسف قريبًا، بحيث يتقدمان للمحكمة بشكوى حول تعرض بودليسكا للفصل لأسباب، منها مشاركته في تدريبات إجبارية لـ«الحرس الوطني». وقال نابيلتونيا إن موكله تعرض لإنهاء عمله بعد إخطاره اللجنة بواجباته المرتبطة بفترة التجنيد العسكري. واستطرد المحاميان بأن معاقبة موظف بسبب حصوله على إجازة من العمل لغرض الخدمة العسكرية تتنافى مع القانون الفيدرالي. وأضافا أن أعضاء اللجنة من الحزب الجمهوري شككوا في الواجبات العسكرية على كاهل موكلهما، وكذلك في تأييده لإجراء تحقيق غير حزبي في الأحداث التي وقعت ببنغازي.
وقد تعذر الاتصال ببودليسكا، الذي يتمركز حاليًا في ألمانيا، للحصول على تعليق منه. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» أول من أوردت انتقاداته، مساء السبت.
من ناحية أخرى، وصف بريان فالون، المتحدث الرسمي باسم الحملة الانتخابية لكلينتون، ادعاءات المسؤول السابق باللجنة بأنها «مزاعم نارية» وأنها «قد توفر الدليل الأقوى حتى اليوم على أن هذا التحقيق الممول من طرف دافعي الضرائب كان بمثابة كذبة حزبية منذ البداية».
وفي وقت سابق، قالت اللجنة إن بودليسكا تلقى «توجيهات متكررة بخصوص أدائه ورداءة أحكامه»، وإنه أبدى «تلهفًا على دفع ادعاءات ضد إدارة أوباما بعد انضمامه إلى اللجنة، في خريف عام 2014». وأضافت: «من بين أسباب إنهاء عمل هذا الموظف جهوده المتكررة، من تلقاء ذاته، لتوجيه موارد اللجنة نحو مهاجمة أعضاء إدارة أوباما - بمن فيهم الوزيرة هيلاري، الأمر الذي يتعارض كليا مع ادعائه الجديد». في المقابل، أكد نابيلتونيا، أول من أمس، أن موكله لم يتعرض قط لتوبيخ قبل تقديمه إخطارا بحاجته إلى إجازة لقضاء الخدمة العسكرية.
وكان الأعضاء الجمهوريون باللجنة قد رفضوا سابقا الشكاوى المتعلقة بوجود تحيز بلجنة هجمات بنغازي، مصرّين على أن اللجنة تعكف على تفحص العنف في ليبيا الذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي، كريستوفر ستيفينز، وثلاثة أميركيين آخرين في 11 سبتمبر 2012. وقد أعرب ديمقراطيون على نحو متزايد عن شكوكهم حيال عمل اللجنة ونيات رئيسها.
وتعمق الجدال، الثلاثاء الماضي، عندما أعلن زعيم الأغلبية بمجلس النواب وعضو الحزب الجمهوري، كيفين مكارثي، تعليقات بدا أنها تعزز الانتقادات القائلة بأن هدف اللجنة الرئيسي هو استهداف كلينتون. وكان مكارثي قد صرح خلال مقابلة أجرتها معه قناة «فوكس نيوز» بأن اللجنة نجحت في ذلك، لأن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبية المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».