تونس تستجوب وزير الداخلية بعد محاولة اغتيال أحد النواب

جلسة مغلقة للبرلمان لمناقشة الأوضاع الأمنية

تونس تستجوب وزير الداخلية بعد محاولة اغتيال أحد النواب
TT

تونس تستجوب وزير الداخلية بعد محاولة اغتيال أحد النواب

تونس تستجوب وزير الداخلية بعد محاولة اغتيال أحد النواب

يعقد البرلمان التونسي اليوم جلسة خاصة مغلقة لمساءلة وزيري الداخلية محمد ناجم الغرسلي والدفاع فرحات الحرشاني، بحضور رؤساء الكتل البرلمانية، حول الخطة التونسية لمقاومة الإرهاب وتأثيرها على الوضع الأمني العام في البلاد. وصرح محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) أن الجلسة ستتناول «الوضع الأمني في تونس بصفة عامة والخطة الوطنية لمقاومة الإرهاب بصفة خاصة».
ويعقد الناصر بمعية وزيري الداخلية والدفاع مؤتمرا صحافيا في وقت لاحق لإطلاع التونسيين على آخر المعطيات فيما يخص التصدي للتنظيمات الإرهابية والتركيز على تجاوز مفاهيم الإرهاب المرتبط بالتشدد الديني إلى الحديث عن الإرهاب الاقتصادي وإرهاب «المافيا» الاقتصادية.
وضغطت أطراف سياسية تونسية عدة خلال الآونة الأخيرة من أجل تنظيم المؤتمر الوطني لمقاومة الإرهاب في موعده المحدد، ولم يشفع حصول تونس عبر الرباعي الراعي للحوار السياسي على جائزة نوبل قبل أيام، في تحويل الاهتمام نحو ملفات أخرى والتغافل عن ملف الإرهاب، إذ أعادت تلك الأحزاب إلى الأذهان أن تونس، وقبل يوم واحد من الإعلان عن الفوز بالجائزة، أفاقت على خبر تعرض النائب في البرلمان التونسي عن حركة «نداء تونس» رضا شرف الدين إلى محاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة بعد إطلاق 29 رصاصة في اتجاه سيارته، وهو ما يعني أن خطر الإرهاب ما زال قائما وبقوة.
وفي نفس السياق، وبعد ثلاثة أيام على حدوث محاولة الاغتيال، أكدت وزارة الداخلية أن الاختبارات الفنية التي أجرتها المخابر الجنائية والعلمية التابعة لإدارة الشرطة الفنية والعلمية، أوضحت أن سلاحين ناريين عيار تسعة مليمترات طويلي الحجم استعملا في محاولة اغتيال النائب رضا شرف الدين. وينفي هذا التقرير الفرضية الأولى التي تحدثت عن استعمال سلاح وحيد في محاولة الاغتيال التي وقعت يوم الجمعة الماضي في مدينة سوسة السياحية.
وكانت الحكومة التونسية بدأت منذ أشهر تحضيرات لعقد مؤتمر وطني حول مقاومة الإرهاب لتحديد استراتيجية ملزمة لجميع الأطراف السياسية، وحددت يومي 24 و25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تاريخا لانعقاده في العاصمة التونسية، إلا أن رئيس الحكومة الحبيب الصيد وفي اجتماعه أول من أمس مع الرباعي الحاكم، أبدى رسميا عزم الحكومة على تأجيل ذلك المؤتمر إلى أجل غير مسمى، وذلك لـ«ضمان الاستعداد الجيد تفاديا لكل الثغرات التي قد تسيء لصورة تونس في الخارج»، كما ورد في بلاغ لرئاسة الحكومة. ودعا الصيد في المقابل إلى استثمار جائزة نوبل للسلام لفائدة تونس، وتأكيد صورة التوافق ونبذ الخلافات والصراعات غير المجدية.
وفي هذا الشأن، قال المتحدث باسم حركة «النهضة» أكبر الأحزاب الإسلامية في تونس أسامة الصغير لـ«الشرق الأوسط»، إن عقد مؤتمر لمكافحة الإرهاب سواء أكان بصبغة محلية أم دولية فيه فائدة حقيقية لتونس، فهو يقوي الاستراتيجية الوطنية في مكافحة آفة الإرهاب. واعتبر أن عملية التأجيل الغالبة على الظن حاليا، لن تغير كثيرا من مواقف الأحزاب السياسية التونسية التي اتفقت على مبدأ الجلوس حول طاولة واحدة لمناقشة هذا الموضوع، وهي مقتنعة بعدم وجود خلاف حقيقي حول موضوع الإرهاب على حد تعبيره.
وبشأن وجود نقاط خلافية قد تؤثر على عقد المؤتمر بصفة منفردة والتوجه نحو تنظيم مؤتمر دولي، قال المصدر ذاته إن عقد المؤتمر في كل الحالات سيعزز مسار مقاومة الإرهاب على المستوى الداخلي والإقليمي. وفي حال وجود مواضيع خلافية، فإن المشاركين في المؤتمر يهمهم وجود دعم دولي قوي لاستراتيجية مقاومة الإرهاب في تونس، فهذا سيقوي من عزيمتها في اجتثاث هذه الآفة على حد قوله.
وكان وزيرا الداخلية والدفاع زارا معا يوم السبت الماضي الشريط الحدودي مع ليبيا أطلعا خلالها على الخندق العازل بين البلدين. وقال فرحات الحرشاني وزير الدفاع التونسي إن الحدود مع ليبيا مؤمنة من جهة ذهيبة - وازن (المعبر الحدودي). وبشأن التخوفات من قرب تنظيم داعش من الحدود التونسية، قال المصدر ذاته إن خطر الإرهاب لم يعد يقاس بالمسافات على حد تعبيره.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.