تضارب حول مصير البغدادي بعد قصف موكبه ومقتل عدد من قيادات «داعش» في الأنبار

شهود عيان أكدوا إصابته في غارة جوية عراقية.. وأنصاره يؤكدون استمرار ما أسسه «حتى لو قتل»

عناصر من ميليشيا الحشد الشعبي الشرطة يشاركون في تمرين عسكري بالنجف أمس، و لقطة من آخر تسجيل فيديو لأبو بكر البغدادي وهو يخطب في مسجد بالموصل في 5 يوليو 2014 (أ.ف.ب)
عناصر من ميليشيا الحشد الشعبي الشرطة يشاركون في تمرين عسكري بالنجف أمس، و لقطة من آخر تسجيل فيديو لأبو بكر البغدادي وهو يخطب في مسجد بالموصل في 5 يوليو 2014 (أ.ف.ب)
TT

تضارب حول مصير البغدادي بعد قصف موكبه ومقتل عدد من قيادات «داعش» في الأنبار

عناصر من ميليشيا الحشد الشعبي الشرطة يشاركون في تمرين عسكري بالنجف أمس، و لقطة من آخر تسجيل فيديو لأبو بكر البغدادي وهو يخطب في مسجد بالموصل في 5 يوليو 2014 (أ.ف.ب)
عناصر من ميليشيا الحشد الشعبي الشرطة يشاركون في تمرين عسكري بالنجف أمس، و لقطة من آخر تسجيل فيديو لأبو بكر البغدادي وهو يخطب في مسجد بالموصل في 5 يوليو 2014 (أ.ف.ب)

أعلنت قيادة العمليات المشتركة عن استهداف موكب زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي بغارة جوية في منطقة الكرابلة القريبة من الحدود السورية غرب العراق.
وقال العميد يحيى رسول الزبيدي، الناطق الرسمي باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الجوية العراقية قصفت موكبا للإرهابي أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش أثناء توجهه إلى منطقة الكرابلة غرب الأنبار لحضور اجتماع مع قياديين عسكريين في تنظيم داعش».
وأضاف الزبيدي أن «الضربة الجوية جاءت بناءً على تقارير استخباراتية دقيقة وبالتنسيق المباشر مع قيادة العمليات المشتركة، تمكنت خلالها طائرات القوة الجوية العراقية من تنفيذ عملية استهداف البغدادي، كما استهدفت الغارة الجوية مكان الاجتماع الذي كان البغدادي يروم الوصول إليه، مما أسفر عن قتل وجرح كثير من قيادات التنظيم، الذين سنعلن أسماءهم لاحقًا».
وفي سياق متصل، قال الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي، شيخ عشائر البوفهد في الأنبار، إن «معلومات مؤكدة وصلتنا من أبنائنا الموجودين في منطقة الكرابلة تفيد بإصابة البغدادي بجروح بالغة، وذكر شهود عيان أن عجلات تابعة لتنظيم داعش سارعت بالتوجه إلى الموكب، وتم نقل البغدادي إلى داخل مدينة الكرابلة، فيما أكد الشهود مقتل عدد كبير من مرافقيه في الموكب، وكذلك مقتل عدد من قادة التنظيم بضربة جوية استهدفت موقع اجتماع لقادة التنظيم داخل الكرابلة، كانوا بانتظار وصول زعيمهم البغدادي للمكان ذاته».
وأضاف الفهداوي أن «مسلحي تنظيم داعش فرضوا حظر للتجوال على المدينة، ومنع الناس من الوصول إلى بيوتهم، فيما تم احتجاز عدد من شباب المدينة بتهمة إيصال معلومات للقوات الأمنية».
وكانت مصادر عراقية عدة قد أشارت في وقت سابق إلى وجود البغدادي في الأنبار منذ فترة، وقد شوهد آخر مرة، بحسب المصادر، وهو يتكئ على عكازة وحوله مجموعة من مرافقيه، مؤكدين أن البغدادي لا يزال يعاني من الجرح الذي أصيب به خلال عمليات قامت بها طائرات التحالف الدولي.
وفي وقت سابق أمس، اكتفت «خلية الإعلام الحربي» في العراق، بالإعلان عن قيام طائرات القوة الجوية العراقية بقصف موكب البغدادي خلال توجهه لحضور اجتماع لقيادات التنظيم. وفي حين تحدث البيان الصادر عن وزارة الدفاع العراقية عن قتلى وجرحى خلال العملية التي نفذت بناء على معلومات استخباراتية، فإنها أبقت مصير البغدادي مجهولا، في وقت شكك فيه خبير أمني متخصص بأصل الرواية من منطلقين؛ الأول أن البغدادي لا يتحرك بموكب، وأن المنطقة التي جرى الحديث عن استهدافه فيها تعد منطقة مخترقة وليست آمنة بالنسبة له.
وطبقا لبيان صادر عن «خلية الإعلام الحربي» في وزارة الدفاع العراقية، فإن «خلية الصقور الاستخبارية التابعة لوكالة وزارة الداخلية للاستخبارات، وبناء على معلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق المباشر مع قيادة العمليات المشتركة، ومن خلال القوة الجوية العراقية، تمكنت من تنفيذ عملية بطولية باستهداف موكب المجرم الإرهابي أبو بكر البغدادي». وأضاف البيان أن «طائرات القوة الجوية تمكنت من قصف موكب المجرم البغدادي أثناء تحرك الموكب إلى منطقة الكرابلة لحضور اجتماع لقيادات تنظيم داعش الإرهابي، كما تم قصف مكان الاجتماع وقتل وجرح الكثير من قيادات التنظيم». وأشار البيان إلى أن «وضع المجرم البغدادي ما زال مجهولا؛ حيث تم نقله محمولا بعجلة».
بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن أن الضربة كانت ظهر أول من أمس.
وتبعد بلدة الكرابلة التابعة لمدينة القائم خمسة كيلومترات من الحدود السورية.
من جهته، أكد الخبير الأمني المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الوقت الذي ننتظر فيه ما يؤكد رسميا الأخبار التي تحدثت عن استهداف البغدادي، وما إذا كان قتل أو أصيب هو ومن معه من قيادات (داعش)، فإن لدي ثلاث ملاحظات بهذا الصدد: الأولى أن البغدادي ومثلما هو معروف لا يتحرك من خلال موكب خشية استهدافه. والثانية أن المنطقة التي قيل إن عملية القصف استهدفتها وهي الكرابلة لا تعد منطقة آمنة بالنسبة له، بل هي مخترقة من قبل القوات العراقية، وبالتالي تعد أرض عدو بالنسبة له، مما يتعذر معه المرور فيها. وثالثا أن البيان تحدث في البداية عن قصف موكب وفي الوقت نفسه تحدث عن مكان اجتماع»، مشيرا إلى أن «تكرار الحديث عن مقتل البغدادي أو عدد من قيادات (داعش) بدءا من العام الماضي والعام الحالي لنحو ثلاث مرات، أمر يحتاج إلى مراجعة وتدقيق».
لكن اللافت أن أنصار تنظيم داعش أكدوا على «تويتر» أمس أن «الخلافة» التي أعلنها البغدادي لن تنتهي حتى لو قتل. وقال أحد أنصار البغدادي على «تويتر»: «العالم كله لا يعلم أنه فرضا تم (استشهاد) شيخنا البغدادي، حفظه الله وحماه من كل مكروه وشر، أتظنون أن دولة الخلافة ستنتهي.. أتظنون أننا سنرحل؟».
وأعلنت الولايات المتحدة جائزة قيمتها عشرة ملايين دولار للقبض على البغدادي، واسمه الحقيقي عواد بدري السامرائي، ومن مواليد عام 1971 في سامراء، والذي لا يزال غير ممكن تعقبه أو رؤيته. وظهر في شريط فيديو واحد فقط في يوليو (تموز) 2014 في أحد مساجد مدينة الموصل العراقية، بعد أسابيع من اجتياح ثاني مدن العراق في يونيو (حزيران) من العام نفسه. وظهر البغدادي بلحية خطها الشيب وعمامة وعباءة سوداء، مطالبا جميع المسلمين «بمبايعته». لكنه لم يعاود الظهور بعد خطابه في مسجد الموصل، وقد بث التنظيم اثنين من التسجيلات الصوتية له بعد شائعات حول مقتله أو إصابته في الغارات. ويعود آخر تسجيل إلى مايو (أيار) 2015.
من جانب آخر، قتل 42 مسلحًا ينتمون إلى تنظيم داعش بنيران القوات العراقية المشتركة خلال عمليات عسكرية تركزت في محيط مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار. وقال مصدر أمني في خلية الإعلام الحربي: «القوات العراقية أحبطت هجوما لمسلحي التنظيم على مواقعها في منطقتي البوعيثة والبوفراج شمال الرمادي، وأحبطت هجوما آخر بمنطقة الثرثار شمال الرمادي بثلاث سيارات ملغومة تم تدميرها». وأضاف المصدر أن 42 مسلحًا من تنظيم داعش تم قتلهم أثناء إحباط القوات العراقية هجمات متفرقة نفذها مسلحو التنظيم، فيما شرعت القوات الأمنية وبمساندة مقاتلي عشائر الأنبار في التقدم صوب مركز مدينة الرمادي من عدة محاور لتحريرها من قبضة «داعش».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم