إسرائيل تستدعي 13 كتيبة احتياط لقمع «انتفاضة المُدى»

إضراب عام لفلسطينيي 48.. ورئيس الوزراء يسعى إلى إخراج «الحركة الإسلامية» عن القانون

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيًا معصوب العينين في مدينة الخليل أمس (رويترز)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيًا معصوب العينين في مدينة الخليل أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تستدعي 13 كتيبة احتياط لقمع «انتفاضة المُدى»

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيًا معصوب العينين في مدينة الخليل أمس (رويترز)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينيًا معصوب العينين في مدينة الخليل أمس (رويترز)

في الوقت الذي يدعو فيه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى التهدئة ويطالب العالم بلجم إجراءات سلطات الاحتلال، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن سلسلة إجراءات تصعيدية، بينها تجنيد جميع قوات الاحتياط لحرس الحدود، المختصة بقمع المظاهرات، وفرض عقوبات شديدة إلزامية على قاذفي الحجارة. ومن جهتها، قررت قيادة الجماهير العربية في إسرائيل (فلسطينيي 48) إعلان الإضراب العام في يوم غد (الثلاثاء)، احتجاجًا على ممارسات الحكومة. وبدا أن العودة إلى الهدوء بات بعيد المنال.
وقال رئيس «القائمة المشتركة» في الكنيست، أيمن عودة، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن «الحكومة تصر على ضرب رأسها في الحائط ومواصلة القمع الجنوني لهبة الشعب الفلسطيني والتعامل معها بالقبضة الحديدية». وأكد: «لقد عملنا كل ما في وسعنا لتهدئة الأوضاع. فنحن لسنا هواة حروب وعنف وسفك دماء. وكل ما نريده هو أن نضمن عدم المساس بالأقصى، وأن يكسر الجمود في عملية السلام، وأن يعطى لنا الحق بالاحتجاج الديمقراطي}. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد عقدت جلستها، في وقت كان فيه عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية رجال الشرطة.
وصادقت الحكومة على الممارسات التي تقوم بها قواتها لقمع احتجاجات الفلسطينيين على ما يجري في الأقصى وما تبعها من ممارسات. واعتبرتها «حربًا على الإرهاب الفلسطيني الناجم عن تحريض السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس». وصادقت الحكومة، بالإجماع على مشروع القانون الذي قدمه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو والذي يحدد حدًا أدنى لعقوبة الحبس التي ستفرض على ملقيي الحجارة والزجاجات الحارقة. كما يفرض هذا القانون غرامات مالية على القاصرين الضالعين بهذه الاعتداءات وعلى والديهم.
وأفاد مكتب نتنياهو بأنه بعد سلسلة من النقاشات التي أجراها في نهاية الأسبوع، اتفق مع وزير الأمن الداخلي، جلعاد إردان، على تجنيد 13 كتيبة من قوات الاحتياط في حرس الحدود، بالإضافة إلى الكتائب الثلاث التي تم تجنيدها في الأسبوع الماضي. وسيتم إرسال التعزيزات إلى القدس، وكذلك، وحسب الحاجة، إلى مناطق الاحتكاك الأخرى مع فلسطينيي 48، كوادي عارة. وقالوا في ديوان رئيس الحكومة نتنياهو، إن هذا الأمر جاء «من خلال الافتراض بأن الوجود المتزايد للقوات يشكل وسيلة هامة للرد وإحباط العمليات».
كما أعلن نتنياهو أنه طلب من المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين، أن يفحص إمكانية إخراج «الحركة الإسلامية»، عن القانون بدعوى أنها «تحصل على التمويل من حركة الإخوان المسلمين، وتقوم ببث دعاية كاذبة حول الخطر على الأقصى». وقد بحثت الحكومة في طلب الشرطة الإسرائيلية إغلاق المناطق الفلسطينية ومنع دخول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى داخل الخط الأخضر. لكنها رفضت الطلب. وقالت مصادر أمنية، لصحيفة «هآرتس»، إن موقف القيادة السياسية وبقية الأجهزة الأمنية، باستثناء الشرطة، لم يتغير، رغم ازدياد العمليات. وصودق خلال الاجتماع على موقف وزير الأمن موشيه يعلون، ورئيس الأركان غادي إيزنكوت، الذي يرى أن فرض الإغلاق قد لا يحقق نجاعة في محاولات تقليص عمليات الطعن، بينما يمكن من جهة أخرى، المس بشكل جماعي بالفلسطينيين، وبالتالي دفع الكثير منهم إلى دائرة العنف.
وصرح نتنياهو بأنه أوعز للمستشار القضائي للحكومة بفتح تحقيق جنائي مع النائبة العربية في الكنيست حنين زعبي بتهمة «ا لتحريض»، بعدما نشر موقع «الرسالة» الفلسطيني الموالي لحركة حماس، تصريحات لها، يوم الخميس الماضي، تقول فيها إن «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقد السيطرة تمامًا، بينما التنسيق الأمني سينقذه من الوضع الحرج. وإن الخطوات الإرهابية القاتلة التي يقوم بها الاحتلال، تؤكد أن نتنياهو دخل مرحلة الهستيريا والجنون».
وإزاء كل هذه التطورات، اجتمعت لجنة المتابعة العليا لشؤون العرب في إسرائيل، وقررت إعلان الإضراب العام والشامل لفلسطينيي 48 يوم غد (الثلاثاء)، وإقامة مظاهرة قطرية في مدينة سخنين. كما قرر أعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) العرب مثل «القائمة المشتركة»، التوجه في يوم الأربعاء إلى المسجد الأقصى المبارك، في مظاهرة احتجاج وتحدٍّ، علما بأن نتنياهو أمر بمنع أعضاء الكنيست اليهود والعرب وكذلك الوزراء من دخول باحات الحرم.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.