الصحف الأوروبية: جائزة نوبل والأوضاع في سوريا وأزمة اللاجئين

أميركا: عنف في الداخل.. وفي الشرق الأوسط

الصحف الأوروبية: جائزة نوبل والأوضاع في سوريا وأزمة اللاجئين
TT

الصحف الأوروبية: جائزة نوبل والأوضاع في سوريا وأزمة اللاجئين

الصحف الأوروبية: جائزة نوبل والأوضاع في سوريا وأزمة اللاجئين

بدأ الأسبوع، مثلما انتهى، بأخبار عنف في مكانين: في ولايات أميركية، وفي دول شرق أوسطية.
في ولاية أوريغون، أقيمت صلوات على أرواح ضحايا مجزرة المدرسة الثانوية، وكان القاتل قد سأل كل شخص قتله عن إذا كان مسيحيا، وانتهى بقتل تسعة وجرح 13. وفي وقت لاحق زار الرئيس أوباما مكان المذبحة.
وكانت هناك أخبار سياسية داخلية هامة، مثل خبر أن زعيم الأغلبية في مجلس النواب، كيفن مكارثي، الذي كان مرشحا لخلافة الزعيم المنتهية ولايته جون بونر انسحب من السباق، وتسبب ذلك في ضجة وتوتر داخل قيادة الحزب.
وفي مجال محاربة الفساد العالمي، أشادت صحيفة «نيويورك تايمز» بدور مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في تحقيقات منظمة اتحادات كرة القدم العالمية (فيفا). وأشارت إلى إيقاف سيب بلاتر رئيس الاتحاد، ونائبه ميشال بلاتيني، ومسؤول ثالث هو جيروم فالكي، وذلك بسبب قضايا فساد.
وفي منتصف الأسبوع، غطى الإعلام الأميركي، خاصة تلفزيون «سي إن إن»، أخبار عنف آخر في المنطقة العربية، مثل قول مسؤولين في الشرطة العراقية إن «ما لا يقل عن 35 شخصا قتلوا بسبب قصف بقذائف الهاون من القرى القريبة من شرق بعقوبة، عاصمة محافظة ديالى». وخبر أن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون، اقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا بقيادة فايز السراج.
ومع متابعة أخبار الفائزين بجائزة نوبل، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» صفحة كاملة عن الرباعي التونسي للحوار، الذي فاز بجائزة نوبل للسلام، ولمساهمته الحاسمة في بناء دولة ديمقراطية تعددية في تونس في أعقاب ثورة الياسمين في عام 2011، وهي اتحادات (العمال، والمحامين، والموظفين، وحقوق الإنسان).
وتابع الإعلام خبر منح جائزة نوبل للآداب للكاتبة والصحافية البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفتش.
ومع نهاية الأسبوع، ومع أخبار العنف في العراق، واليمن، وسوريا، وليبيا، عاد العنف المحلي الأميركي، حيث قتل طالب، وجرح ثلاثة أثناء إطلاق النار في جامعة ولاية أريزونا الشمالية في فلاقستاف (ولاية أريزونا).
ومع نهاية الأسبوع أيضًا، تكثفت أخبار سوريا في الإعلام الأميركي، وزادت تعليقات الصحافيين والخبراء والسياسيين على ما صار واضحا أنه تخبط في سياسة الرئيس باراك أوباما هناك. فقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تعليقا عنوانه: «تخبط أوباما في سوريا: قصة طويلة». ونشرت صحيفة «يو إس إيه توداي» تعليقا عنوانه: «لماذا لم نتوقع التدخل الروسي في سوريا؟».
وتناولت الصحف الأوروبية الكثير من قضايا المنطقة العربية، وخصصت جانبًا من مقالاتها وتقاريرها لحصول وسطاء الحوار الوطني في تونس على جائزة نوبل للسلام. وملف الوضع في سوريا وممارسات تنظيم داعش ودعوة بريطانيا للتدخل العسكري وزيارة رئيس الوزراء الفرنسي إلى مصر والأردن والسعودية، والمساعي الفرنسية لإبرام اتفاقات اقتصادية هامة مع الرياض، واستمرار الاهتمام بملف أزمة اللاجئين وتداعياته على الدول الأوروبية وغيرها.
والبداية ستكون من الصحف البريطانية، حيث نشرت صحيفة «ديلي تلغراف» مقالا افتتاحيا بعنوان «السلام الصعب في تونس» تتحدث فيه عن الوسطاء التونسيين الأربعة، الذين وقع عليهم اختيار لجنة الترشيح لهذه الجائزة الشهيرة. وأشارت «ديلي تلغراف» إلى أن الفائزين بالجائزة هذا العام من الأسماء المغمورة على المستوى العالمي، على عكس المرات السابقة التي كانت تمنح فيها للأسماء اللامعة والشخصيات المعروفة، مثل آل غور، وباراك أوباما، والاتحاد الأوروبي.
وقالت الصحيفة إن لجنة جائزة نوبل ربما احتفت بالأمل أكثر مما احتفت بالإنجاز، ومع ذلك فإن تونس جديرة بالاهتمام العالمي وبالدعم المادي والمعنوي، فتونس على خط المواجهة في الحرب على التطرف، وكانت من أول البلاد التي انتفضت على الديكتاتور خلال ما عرف بالربيع العربي. وهي الدولة الوحيدة التي تم فيها تسليم السلطة دون إراقة دماء بعد انتخابات حرة ونزيهة. وفي فرنسا، صحيفة «لوفيغارو» تحدثت عن زيارة مانويل فالس إلى ‏منطقة الشرق الأوسط. وعنونت: «فالس يتوجه إلى ‏الشرق الأوسط المعقد». «‏لوفيغارو» نقلت عن أحد مستشاري فالس قوله إن لهذه ‏الزيارة «أهمية كبيرة، وبأنها تمت بالتنسيق الكامل مع ‏قصر الإليزيه». كما أشارت الصحيفة إلى أن الزيارة ‏ستستغرق أربعة أيام، سيتوجه خلالها فالس إلى ثلاث ‏دول: هي مصر، ثم الأردن وأخيرا ‏السعودية.
‏وأوضحت الصحيفة أن قضايا «الأمن» و«الدفاع» ‏و«مكافحة الإرهاب»، ستتصدر جدول المباحثات بين ‏فالس وقادة الدول الثلاث، والتي تربطها مع فرنسا، ‏اتفاقيات تعاون تم التوقيع عليها منذ فترة طويلة. كما سيتم ‏التطرق إلى موضوع العملية الانتقالية في سوريا، ‏والرؤى المختلفة بشأنها، وأيضا الحديث عن العمليات ‏العسكرية الروسية في هذا البلد.. في حين سيكون طابع الزيارة اقتصاديًا ‏بامتياز في السعودية. وهناك سيلتحق بفالس مجموعة من ‏الوزراء من ضمنهم وزير الخارجية ووزير والنقل. ‏حيث تسعى باريس إلى إبرام اتفاقيات اقتصادية ضخمة ‏جديدة مع الرياض.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.