المعارضة السورية تتأهب لحرب طويلة وتشكل «جيش الشام» في إدلب وحماة وحلب

الطيران الروسي يمهد لهجوم بري يعدّ له النظام على جبل الأكراد

المعارضة السورية تتأهب لحرب طويلة وتشكل «جيش الشام» في إدلب وحماة وحلب
TT

المعارضة السورية تتأهب لحرب طويلة وتشكل «جيش الشام» في إدلب وحماة وحلب

المعارضة السورية تتأهب لحرب طويلة وتشكل «جيش الشام» في إدلب وحماة وحلب

وسّعت الطائرات الحربية الروسية النطاق الجغرافي لأهدافها الجوية، إذ شنّت غارات مكثّفة على جبل الأكراد في ريف محافظة اللاذقية الشمالي، أمس، مستهدفة مواقع للجيش السوري الحرّ وفصائل «جيش الفتح»، في محاولة منها لإضعاف المعارضة في هذه المنطقة الاستراتيجية ذات الغالبية السنّية.
ولقد أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن «طائرات حربية روسية نفذت غارات عدّة على تلال الجب الأحمر في ريف اللاذقية الشمالي، التي تشهد عمليات كرّ وفرّ بين قوات النظام والميليشيات الداعمة له من جهة، وفصائل المعارضة المسلّحة من جهة أخرى، من دون ورود أنباء عن وقوع إصابات». ويقع جبل الأكراد في شمال شرقي مركز محافظة اللاذقية، وهو قريب جدًا من الطريق التي تصل مدينتي حلب واللاذقية حيث يبعد عن مدينة اللاذقية نحو 50 كيلومترًا.
وفي حين رأى ناشطون في اللاذقية أن «القصف الروسي المكثف على هذه المناطق، يؤشّر لفتح جبهة جديدة وبدء هجوم برّي بالتزامن مع معركة ريف حماة، ويتوقعون أن «يبدأ الهجوم من جبال اللاذقية المتاخمة للحدود مع تركيا باتجاه جبل الأكراد، وصولاً إلى جسر الشغور بموازاة معارك سهل الغاب»، اعتبر العميد أحمد رحّال، القيادي في الجيش السوري الحرّ، أن «روسيا تحاول خلط الأوراق في سوريا من خلال فتح الكثير من الجبهات دفعة واحدة».
وأكد رحّال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «ثلاثة أهداف رئيسية وراء القصف الروسي لمواقع الثوار في جبل الأكراد: الأول، محاولة إضعاف المعارضة في المواقع التي باتت فيها على تماس مع المناطق المحرّمة، أي المناطق العلوية والعمل على إبعاد الثوار عن معاقل النظام الأخيرة. والثاني، وقوع الطائرات الحربية الروسية الجاثمة في مطار حميميم العسكري قرب مدينة جبلة في الساحل تحت مرمى صواريخ الثوار. أما الهدف الثالث فهو السعي إلى تحصين ما يسمّى بـ(سوريا المفيدة) وحماية منطقة غرب نهر العاصي التي قد تنشأ عليها يومًا ما الدولة العلوية».
وحسب رحال: «من الواضح أن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يقول للشعب السوري وللعالم، إما أن تقبلوا ببشار الأسد، وبدمج جيش النظام والجيش الحر في هيكلية واحدة لمحاربة (داعش)، وإما أن نذهب إلى تقسيم سوريا وإقامة الدولة العلوية التي تبقى تحت الحماية الروسية».
ولا يرى القيادي في الجيش السوري الحر أي دور روسي في قتال تنظيم داعش في سوريا، مذكّرًا بأن «أكثر من 160 غارة نفذتها الطائرات الحربية الروسية في سوريا 6 منها فقط ضربت أهدافًا لـ(داعش)، أما البقية فاستهدفت بشكل مباشر مواقع الجيش السوري الحر وفصائل المعارضة المعتدلة»، لافتًا إلى أن «الروس كشفوا بأنفسهم أهدافهم الحقيقية لاحتلال سوريا، متّخذين من محاربة (داعش) مظلة لهم للدخول عسكريًا جوًا وبرًا وبحرًا، وهم بذلك رسّخوا صورتهم العدوانية».
وأضاف رحال: «نحن نواجه حربًا روسية، وليس أمامنا إلا أن ندافع عن أنفسنا وبلادنا، ونحن بدورنا كقوى ثورية نعدّ أنفسنا لحرب طويلة، ولذلك بدأنا اعتبارًا من أول من أمس، بتشكيل (جيش الشام) في إدلب وحماة وحلب لمواجهة العزو الروسي الإيراني». ثم أوضح أن «جيش الشام يضمّ كل الفصائل التي رفضت الانضمام إلى التنظيمات الكبرى مثل (جبهة النصرة) وغيرها، وسيكون هذا الجيش تحت إمرة (أحرار الشام) شرط أن يكون علم الثورة السورية وحده رايتهم، ودوره الأساسي محاربة الروس والنظام السوري و(داعش)».
وكشف رحال أن «المعارضة وضعت أصدقاء الثورة أمام مسؤولياتهم، وأبلغناهم أن الشعب السوري يتعرّض لحرب من دولة عظمى هي روسيا ومن دولة كبرى هي إيران ومن ميليشيات (حزب الله) وعشرات التنظيمات العراقية والأفغانية»، مشيرًا إلى أن «الثورة السورية تقاتل نيابة عن العرب والمسلمين، وهي مستعدة للقتال حتى لو استغرقت الحرب سنوات، شرط أن تأتينا إمدادات بسلاح نوعي، ولقد وُعِدنا بوصول هذا السلاح في وقت قريب إن شاء الله».
من جهة أخرى، يأتي تصعيد القصف الروسي على منطقة جبل الأكراد، كمحاولة لدعم تحرك بري يتحضّر له النظام والميليشيات الداعمة له، من أجل استعادة تلال الجب الأحمر الاستراتيجية التي اضطرت قوات النظام للانسحاب منها في أواخر شهر أغسطس (آب) الماضي، تحت ضغط هجوم عسكري واسع شنته الفرقة الساحلية الأولى في الجيش السوري الحر، وعدد من فصائل «جيش الفتح»، أبرزها «جند الأقصى» و«فيلق الشام» و«حركة أحرار الشام» و«أجناد الشام» و«جيش السنّة» و«لواء الحق»، حيث تكبّد خلالها النظام خسائر كبرى في عدد المقاتلين الذين قضوا في هذا الهجوم. ولقد نفذت طائرات حربية روسية، أمس، غارات عدّة استهدفت خلالها مناطق في بلدة الهبيط بريف محافظة إدلب الجنوبي، ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.