الحوثيون يبحثون عن مخرج آمن في تعز.. والجيش الوطني يقترب من المخا

الأهالي يناشدون الأمم المتحدة للضغط على المتمردين لوقف منعهم دخول الغذاء والدواء

مقاتلون تابعون للمقاومة يحملون أسلحتهم في منطقة قريبة من مدينة مأرب أمس (رويترز)
مقاتلون تابعون للمقاومة يحملون أسلحتهم في منطقة قريبة من مدينة مأرب أمس (رويترز)
TT

الحوثيون يبحثون عن مخرج آمن في تعز.. والجيش الوطني يقترب من المخا

مقاتلون تابعون للمقاومة يحملون أسلحتهم في منطقة قريبة من مدينة مأرب أمس (رويترز)
مقاتلون تابعون للمقاومة يحملون أسلحتهم في منطقة قريبة من مدينة مأرب أمس (رويترز)

أكدت مصادر مطلعة أن ميليشيات المتمردين في محافظة تعز الواقعة وسط اليمن باتت تبحث عن حلول للخروج من بعض مناطق المواجهات مع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بعد تكبدهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، خصوصا في جبهة ماوية الواقعة شرق تعز.
وقال شوان نعمان شمسان الذبحاني، مدير مركز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بتعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي و(الرئيس السابق علي عبد الله) صالح باتت تبحث عن حلول لتنقذ نفسها في جبهات القتال»، مضيفا أن الحوثيين كانوا قد أبرموا اتفاقا مع قادة المقاومة في مديرية ماوية، يسمح لهم بالانسحاب من منطقة سوق السويدا، وذلك شريطة تسليم اثنين من الأسرى الحوثيين لدى المقاومة الشعبية، إضافة إلى انسحاب آلياتها العسكرية». وأضاف أن الميليشيات قدمت هذا الطلب إلى القادة الميدانيين للمقاومة بعدما تجاوز عدد قتلاهم 37 شخصا وعشرات الجرحى، لكن المقاومة حذرت الميليشيات من تجاوز نكث الاتفاق و«إذا أقدموا على ذلك فإنهم سيتحملون مغبة أخطائهم».
في غضون ذلك، نظم أطفال وقفة احتجاجية في مدينة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، طالبوا فيها المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية والمهتمين بحقوق الأطفال بسرعة النظر في الجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحوثي وصالح في مدينتهم. وطالب الأطفال خلال وقفتهم الاحتجاجية بوقف الجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحوثي وصالح وقصفها الهمجي بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة على الأحياء السكنية، وكذا فك الحصار المطبق عليها في مداخل المدينة، ومعاقبة مرتكبي الجرائم التي ترتكب في محافظة تعز منذ أكثر من ستة أشهر وسقط فيها ما لا يقل عن 155 طفلا وأصيب أكثر من 650 آخرين.
وبينما تواصل طائرات التحالف العربي، بقيادة السعودية، تنفيذ غاراتها على تجمعات ومواقع ومخازن ميليشيات الحوثي وصالح في مدينة المخا الساحلية، التابعة لمدينة تعز، بعد تحريرها باب المندب وذباب الساحلية التابعة للمخا، وذلك مواصلة لخطتها تحرير المنطقة الساحلية بأكملها من الميليشيات وتحرير مدينة تعز والحديدة الساحلية، حققت المقاومة الشعبية والجيش الوطني تقدما في مواقع القتال مع ميليشيات الحوثي وصالح، الشرقية والغربية، ومنها تقدمها في منطقة البعرارة غرب المدينة. وقال أيمن المخلافي، من المقاومة الشعبية بتعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «عناصر الجيش الوطني والمقاومة الشعبية شنوا هجوما لمنطقة البعرارة وطهروا جزءا كبير من المنطقة، كما تمكنوا من محاصرة تبة قاسم عقلان، المطلة على جبل وعش التي كانت تعتبر سدا مانعا لتقدم المقاومة لتطهير جبل وعش». وأضاف: «سيتم خلال الأيام القادمة وربما الساعات القادمة تطهير جبل الوعش كاملا وجميع المواقع التي بيد ميليشيات الحوثي وصالح، خصوصا أن الميليشيات الانقلابية تكبدوا خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ومنهم قائد المجاميع الحوثي في البعرارة، غير أنه بعد الخسائر التي تُمنى بها ميليشيات الحوثي وصالح ترد كما هو معتاد لها بقصفهم الهمجي والعنيف والعشوائي على الأحياء السكنية». وأشار إلى وجود «ترتيبات في جميع جبهات القتال لتطهير المناطق التي ما زالت تحت سيطرة الميليشيات»، مضيفا أن «بوادر النصر تبدو قريبة».
وأكد المخلافي لـ«الشرق الأوسط» أن «المواجهات مستمرة وعنيفة بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح من جهة أخرى، في جميع جبهات القتال بما فيها جبهة كلابة التي لا تزال المواجهات العنيفة مستمرة بما فيها محيط القصر الجمهورية، وجبهة عصيفرة، وتمكن الجيش والمقاومة من صد هجوم الميليشيات الانقلابية التي تحاول التسلل إلى مواقع المقاومة وكذا استعادة المواقع التي تم تحريرها منهم».
كذلك قال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبدعم من قوات التحالف تمكنت من اجتياز المناطق القريبة من ميناء المخا وسيتم السيطرة على المدينة قريبا». وجاء تقدم المقاومة بينما شن طيران التحالف العربي غارات على مواقع ميليشيات الحوثي وصالح في مدينة المخا. وأضاف المصدر: «شهدت منطقة الشمايتين مواجهات عنيفة بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح من جهة أخرى، في محاولة من الأخيرة التوغل إلى منطقة التربة، جنوب مدينة تعز، في حين لا تزال تواصل قصفها الهمجي بصواريخ الكاتيوشا والمدفعية الثقيلة على الأحياء السكنية بتعز ومواقع المقاومة والجيش».
في غضون ذلك، تواصل ميليشيات الحوثي وصالح حصارها المطبق على أهالي تعز من أماكن تمركزها في مداخل المدينة وتمنع عليهم دخول الأدوية والغذاء ومياه الشرب وكل مستلزمات العيش، حيث تواصل حملة «الوفاء لتعز»، رغم الصعوبات ومعوقات الحصار على المدينة، أعمالها بدعم أبناء تعز، في الوقت الذي وجه فيه ائتلاف الإغاثة الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني «نداء استغاثة» إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، خلال مؤتمر صحافي، حول التدهور المأساوي الذي تشهده الأوضاع الإنسانية في محافظة تعز والتداعيات الخطيرة الناجمة عن ذلك. وخلال المؤتمر الصحافي تم التطرق إلى المخاطر الإنسانية والأوضاع الحالية للمدينة في استمرار الحصار الذي تفرضه ميليشيات الحوثي وصالح على المدينة ومنعها من إدخال المواد الغذائية ونهبها للمعونات الدولية، مؤكدين أن استمرار الصمت والتغاضي الدوليين بحق ما تعانيه محافظة تعز سيؤدي بشكل حتمي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة ضحاياها مئات الآلاف من الأبرياء.
ودعا أصحاب «نداء الاستغاثة» الأمين العام للأمم المتحدة إلى «استخدام سلطاته العليا للتدخل السريع لإنقاذ سكان محافظة تعز ووضع حد لمعاناتهم المتفاقمة بشكل عام»، و«الضغط على قيادة المسلحين لرفع الحصار المفروض على المدينة والسماح بإدخال احتياجات السكان الغذائية والدوائية وغيرها، ووضع حد لعملية القصف العشوائي والهمجي بحق المدنيين والأبرياء»، و«العمل على تشكيل لجنة دولية لإجراء تحقيق عادل وشفاف ورصد كل جرائم الإبادة والقتل العشوائي، والانتهاكات والممارسات غير الإنسانية التي طالت الأبرياء والأطفال والنساء، بما فيها نهب المساعدات والمعونات المقدمة من المنظمات الدولية، وتقديم مرتكبيها لمحكمة الجنايات الدولية».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.