نتائج انتخابات «الأطباء» تعكس حضورًا لـ«المزاج الثوري» بعد 4 سنوات من الإحباط

منى مينا أمين عام النقابة لـ«الشرق الأوسط»: وصلتنا تهديدات بعقاب الأطباء على اختيارهم الحر

نتائج انتخابات «الأطباء» تعكس حضورًا لـ«المزاج الثوري» بعد 4 سنوات من الإحباط
TT

نتائج انتخابات «الأطباء» تعكس حضورًا لـ«المزاج الثوري» بعد 4 سنوات من الإحباط

نتائج انتخابات «الأطباء» تعكس حضورًا لـ«المزاج الثوري» بعد 4 سنوات من الإحباط

اكتسحت «قائمة الاستقلال» مقاعد النقابة العامة في انتخابات نقابة الأطباء بمصر، وحققت فوزا مريحا بالنقابات الفرعية، الأمر الذي يعكس على ما يبدو حضورا لـ«المزاج الثوري» بعد أربع سنوات من الإحباط. وقالت الدكتورة منى مينا أمين عام النقابة لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «فوز قائمة الاستقلال يعطي بارقة أمل في ظل تراجع الطموحات الكبيرة في التغيير»، محذرة من رد فعل عقابي بحق الأطباء بعد فشل القائمة المحسوبة على السلطة التنفيذية.
وارتبطت نقابة الأطباء بالمشهد السياسي في مصر في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، حيث أجريت الانتخابات لأول مرة بها بعد توقف 19 عاما. وشهدت أول انتخابات تفوقا لجماعة الإخوان المسلمين التي عززت مواقعها في النقابات المهنية خلال العقود الماضية، لكن قائمة الاستقلال نجحت في تحقيق نصر تاريخي عام 2013 وفازت بأغلبية مقاعد مجلس النقابة، على خلفية حالة الاستقطاب السياسي في البلاد بعد وصول الجماعة إلى الحكم. وانتخبت الدكتورة منى مينا، حينها، أمينا عاما كأول سيدة تتولى المنصب منذ تأسيس النقابة في عام 1949.
وقالت مينا إن «الأطباء دافعوا في المقام الأول عن استقلال النقابة، لا يخفى على أحد محاولات وزارة الصحة السيطرة على النقابة.. كانت محاولة واضحة ووضعت (القائمة المنافسة) في أروقة الوزارة وكان الحديث عن ضرورة إسقاط قائمة الاستقلال مسموعا في كل مكان».
وفازت قائمة الاستقلال بحسب مؤشرات شبه نهائية بمقاعد النقابة العامة والبالغة 12 مقعدا. وقال رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الأطباء، الدكتور رشوان شعبان، إن «النتائج شبه النهائية لانتخابات التجديد النصفي تؤكد فوز الدكتور حسين خيري، مرشح قائمة الاستقلال».
وأضافت مينا أن «تحرك الأطباء جاء تحت شعور عام بأن هناك ضرورة في الحفاظ على النقابة مستقلة ومهنية»، مشيرة إلى أن «ما حققه تيار الاستقلال رغم أنه أقل من الطموحات لكن بالأرقام كان أجر الطبيب حديث التخرج قبل حصولنا على الأغلبية 950 جنيها (نحو 122 دولارا) الآن وصل أجر الطبيب لـ1950 جنيها بالإضافة لـ350 جنيها خاضعة للتقييم، بالإضافة 600 جنيه بمثابة أجر عن نوبة العمل خلال عامي التكليف بعد أن كانت شكلا من أشكال السخرة قبل ذلك وتتم دون أجر».
ورافق الانتخابات التي جرت أول من أمس، وينتظر إعلان نتائجها الرسمية اليوم (الأحد)، جدل حول جدوى اللجوء إلى الاحتجاج للضغط على السلطة التنفيذية. وانتقد مرشحون منافسون لقائمة الاستقلال، منهم أعضاء سابقون في لجنة السياسات في الحزب الوطني الذي حل في أعقاب ثورة 25 يناير، لجوء قيادات النقابة الحاليين إلى الاحتجاج، وأعربوا عن تبنيهم نهجا مختلفا في التفاوض مع السلطات.
ورأي حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أنه بعدما عزل تيار الإسلامي السياسي نفسه عن الساحة بات الصراع الآن بين شبكة المصالح المرتبطة بالنظام القديم في مصر وبين تيار الاستقلال المعبر عن القوى الاجتماعية التي يمثلها.
وأضاف نافعة أنه «على هذا النحو تعكس نتائج انتخابات نقابة الأطباء إلى حد بعيد موازين القوى الحقيقية في الواقع المصري.. كنا نأمل أن تأتي نتائج الانتخابات البرلمانية لتعزز هذه الحقيقة لولا أن البيئة السياسية والمناخ العام والقوانين التي أقرت جعلت معظم المعبرين عن هذا التيار يغيبون عن المشهد».
وتجري مصر منتصف الشهر الحالي أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، وسط مقاطعة أحزاب سياسية للعملية الانتخابية، وتوقعات بهيمنة المستقلين على غالبية مقاعده.
وأشار نافعة إلى أن النخبة المصرية قد تكتشف، إذا ما شارك المصريون بكثافة في الاقتراع، أنها عزلت نفسها هي الأخرى، لكن حتى الآن لا يبدو هذا الأمر مرجحا، ربما نشهد أقل نسبة مشاركة في الانتخابات خلال السنوات القليلة الماضية.
وتخشى أمين عام نقابة الأطباء أن تشهد الفترة المقبلة موجة عقاب جماعي للأطباء بعد خسارة القائمة المحسوبة على السلطة التنفيذية في الانتخابات. وطالبت مينا رجال الإدارة العليا في وزارة الصحة ومديرياتها في محافظات مصر ممن خاضوا المنافسة في الانتخابات ولم يحالفهم التوفيق أن يدركوا أن ما جرى هو منافسة نقابية شريفة، ودعتهم لتقبل الوضع بروح الزمالة المطلوبة.
ويشكو نشطاء وقيادات حزبية مما يعتبرونه تراجعا في منسوب ممارسة الحريات خلال الفترة الماضية، وسط تململ واعتراضات على قوانين عُدت «مقيدة للحريات» على رأسها قانون تنظيم الحق في التظاهر وقانون الإرهاب.
وقالت مينا إن «قائمة الاستقلال تدرك أن تراجع الإقبال في الانتخابات يعكس شعورا عاما بالإحباط وتراجع الطموحات الكبيرة في التغيير، هذا يفسر تراجع الإقبال من 33 ألف ناخب في 2011، إلى نحو 17 ألف ناخب في هذه الانتخابات، لكن فوز تيار الاستقلال يمثل بارقة أمل لذلك نحن باقون».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».