كوريا الشمالية تتحدى عزلتها.. وتقيم احتفالات صاخبة في ذكرى تأسيس الحزب الوحيد

أنهت كوريا الشمالية الاستعداد للاحتفالات الكبيرة التي ستقام اليوم في كل أرجاء البلاد، احتفالا بالذكرى 70 لتأسيس حزب العمال الحاكم والوحيد، وستتضمن تنظيم حفلات موسيقية في الساحات، وعروضا يشارك فيها أطفال يلوحون بالأعلام، ونساء يرقصن بأزيائهن التقليدية.
وستبلغ هذه الاحتفالات ذروتها في هذا البلد، الذي يعد من أكثر الدول انغلاقا في العالم، بعرض عسكري كبير يقام في ساحة كيم ايل سونغ، وتشارك فيه دبابات وصواريخ وقوات للمشاة، احتفالا بذكرى إنشاء الحزب الماركسي اللينيني الوحيد، الذي تعاقب على قيادته ثلاثة أجيال من عائلة كيم، الأسرة الحاكمة الشيوعية الوحيدة في تاريخ البلاد.
وفي كل الشوارع كتبت على لافتات عملاقة، أو في تشكيلات من الورود موزعة على مفترقات الطرق الرئيسية، أرقام «10 - 10» التي تعني العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) «تاريخ ولادة» حزب العمال، وتبدو الاحتفالات التي أعلن عنها منذ فبراير (شباط) الماضي هي الأضخم والأهم منذ أن تولى كيم جونغ أون السلطة بعد وفاة والده كيم جونغ إيل سنة 2011.
وحسب برنامج الحفل، سيحيي الزعيم الكوري الشمالي الحشد من شرفة تطل على الساحة التي تحمل اسم جده، كما فعل في آخر عرض عسكري كبير، جرى سنة 2013 بمناسبة الذكرى الستين لتوقيع الهدنة التي أنهت الحرب بين الكوريتين (1950 - 1953). وسيكون برفقة كيم على الشرفة مسؤول كبير من الصين، الحليفة التقليدية لكوريا الشمالية، هو ليو يونشان، عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي. لكن خلف هذه الصورة المبهرة توجد صورة أخرى لبلد معزول لا يحظى بالتقدير والاحترام الكبير في الخارج.
فرغم الميزانيات الضخمة التي خصصت لهذا الحفل والإمكانات الكبيرة، فإن المندوبين الأجانب لن يكونوا حاضرين بأعداد كبيرة، وهو ما يعكس بشكل جلي العزلة القصوى لكوريا الشمالية على الساحة الدولية.
لكن بعض المحللين السياسيين يؤكدون أن كوريا تدرك هذه الحقيقة جيدا، لكنها تسعى إلى تحقيق عدة أهداف من خلال هذه العروض الكبيرة، التي تشكل مناسبة نادرة لكوريا الشمالية من أجل فتح أبوابها أمام الصحافة الأجنبية التي ما تزال تخضع لقيود كبيرة. ففي الداخل، تهدف هذه العروض، حسب هؤلاء المحللين، إلى تعزيز مشاعر الفخر الوطني والحماسة لدعم زعيم كوريا الشمالية. أما بالنسبة إلى الخارج، فتريد كوريا الشمالية إبراز قوتها وعدم اكتراثها بمواقف العالم حيال برامجها النووية أو الصاروخية.
ولذلك كله بذلت سلطات البلاد جهودا هائلة لتحضير احتفالات اليوم، وجندت من أجلها العمال والطلاب والعسكريين بأعداد كبيرة، فيما قال باحثون في المعهد الأميركي - الكوري في جامعة جون هوبكينز إن الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية تؤكد أن العرض سيكون كبيرا جدا، وربما من أضخم العروض في تاريخ كوريا الشمالية. وقد احتشدت في ساحة تدريب على الاستعراضات في شرق بيونغ يانغ، شبيهة بساحة كيم ايل - سونغ 700 شاحنة، و200 آلية مدرعة، و800 خيمة وعسكريون وخيول، حسبما تبين من الصور الملتقطة في السادس من أكتوبر الحالي.
ويقول الباحثون في المقابل إنه «يصعب التعرف على قاذفات الصواريخ الباليستية والمدافع الذاتية الحركة البعيدة المدى، رمز الاستعراضات العسكرية الكورية الشمالية»، مضيفين أنه «قد تكون موجودة في المخابئ» أو «أنها لن تصل إلا قبل يوم أو يومين من الاستعراض، كما حصل في السابق».
وتظهر أهمية الاستعدادات على الطريق المؤدي من مطار بيونغ يانغ الدولي الجديد إلى وسط المدينة، حيث ينهمك عمال منذ أيام في تنظيف الأرصفة، فيما يضع آخرون طبقة جديدة من الدهان الأبيض على المساحات المخصصة للتوقف في الحالات الطارئة. وتعلو أعلام حمر تقاطعات الطرق، وعلم كوريا الشمالية مختلف الشوارع.
بينما يتوقع البعض أن تطلق كوريا الشمالية اليوم صاروخا لوضع قمر صناعي في المدار، على أن تليه على الأرجح تجربة نووية في غضون أسابيع.
لكن المحللين وأجهزة الاستخبارات الكورية الجنوبية يعتقدون أن إمكانية إطلاق صاروخ في وقت وشيك يعد مسألة غير مرجحة، علما بأن قرارات الأمم المتحدة تحظر على بيونغ يانغ أي تكنولوجيا للصواريخ الباليستية. ومن هنا يعتبر برنامجها الفضائي إلى حد كبير غطاء لبرنامج تطوير صواريخها الباليستية العابرة للقارات.