«تويوتا» تتعاون مع واشنطن في تحقيق بشأن استخدام «داعش» لسياراتها

السفير والاس لـ {الشرق الأوسط} : 10 آلاف سيارة للشركة في العراق بقيمة 200 مليون دولار

«تويوتا» تتعاون مع واشنطن في تحقيق بشأن استخدام «داعش» لسياراتها
TT

«تويوتا» تتعاون مع واشنطن في تحقيق بشأن استخدام «داعش» لسياراتها

«تويوتا» تتعاون مع واشنطن في تحقيق بشأن استخدام «داعش» لسياراتها

أعلنت شركة «تويوتا»، على لسان إد لويس، مديرها للسياسة العامة والتواصل، تعاونها المطلق مع وزارة الخزانة الأميركية التي أطلقت مؤخرا تحقيقا للكشف عن كيفية حصول تنظيم داعش الإرهابي على عدد كبير من الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي التي تنتجها الشركة اليابانية. وشوهدت أساطيل من شاحنات «تويوتا» في تسجيلات فيديو دعائية للتنظيم المتطرف صورت في سوريا والعراق وليبيا، وتم تحويل العديد من هذه العربات إلى منصات متحركة لرشاشات ثقيلة. كما تبين آخر أرقام مبيعات الشركة اليابانية ارتفاعا في عدد الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي التي بيعت في العراق وحده، من 6 آلاف وحدة عام 2011، إلى 18 ألفا في عام 2013. وتعتبر شاحنات «بيك أب»، التي تنتجها «تويوتا» وشركات أخرى مثل «ميتسوبيشي» و«هيونداي» و«إيسوزو»، المفضلة لدى العديد من الميليشيات والجيوش والمتمردين في جميع أنحاء العالم، نظرا لأسعارها المعقولة ومتانتها وإمكانية تعديلها لتناسب استخدامات متعددة. وكان تنظيم داعش قد استولى على كميات كبيرة من المعدات العسكرية خلال توسعه، ومعظمها معدات عسكرية أميركية خلفها الجيش العراقي.
وأعربت «تويوتا»، التي تعتبر ثاني أكبر شركة في العالم لتصنيع السيارات، عن «تمسكها بسياسة صارمة لعدم بيع السيارات إلى المشترين الذين قد يستخدمونها أو يعدلونها لأنشطة شبه عسكرية أو إرهابية». لكنها أكدت، في الوقت نفسه، أنها تجهل كيف وصلت سلعها إلى أيدي «داعش».
من جانبه، طالب مارك والاس، السفير الأميركي السابق الذي يدير حاليا برنامجا لمكافحة الإرهاب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بتحقيق فوري، مشددا على أنه «ينبغي على (تويوتا) بذل المزيد من الجهد لمعرفة كيف وصلت هذه الشاحنات إلى (داعش)، ومن ثم وضع حد لذلك من خلال إجراءات صارمة وجدية». وأشار السفير إلى أن «داعش» استحوذ على كميات كبيرة من سيارات الدفع الرباعي من خلال ممثلين لـ«تويوتا» في العراق، كما أن التقارير التي بحوزته تؤكد أن أكثر من 10 آلاف سيارة دفع رباعي بيعت في العراق بقيمة 200 مليون دولار هذا العام. وكان والاس قد أعرب، في رسالة بعث بها مطلع هذا العام لشركة «تويوتا»، عن قلق المجتمع الدولي من استحواذ «داعش» على كميات كبيرة من سيارات الدفع الرباعي، والتي ساعدت تلك المنظمة الإرهابية لوجيستيا على نقل المسلحين والعتاد والأسلحة في مناطق وجودها.
من جهة أخرى، أعلن العميد سعد معن، المتحدث باسم الجيش العراقي، أن حكومته تعتقد أن وسطاء من خارج العراق يقومون بتهريب الشاحنات إلى بلاده، في وقت ينهمك فيه الجيش العراقي في محاربة الإرهابيين. وأشار مستشار الحكومة العراقية، الخبير الأمني هشام الهاشمي، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إلى أن سيارات الدفع الرباعي من النوع المدني «هاي لوكس» و«تويوتا» استولى عليها تنظيم داعش من مخازن الحكومة في نينوى والأنبار وبعض معارض بيع السيارات، إضافة إلى استيلائه على سيارات الدفع الرباعي الأمنية والعسكرية العراقية.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت في بيان لها أنها بصدد القيام بمراجعة واسعة لمعرفة سبل تدفق البضائع إلى منطقة الشرق الأوسط. وكشفت مصادر مطلعة أن هذا الإجراء سيمكن الوزارة من فهم أعمق لطريقة تمويل المنظمات الإرهابية وملاحقة الأشخاص الذين يقفون وراء تلك المعاملات التجارية، لا سيما أن بعضها يجري بطرق عادية ومن خلال عملاء لتلك المنظمات.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.