الحرب الروسية في سوريا: ارتفاع أسعار النفط والروبل.. وترويج للصناعات الحربية

خبراء: مصالح روسيا في مجال الطاقة دافع رئيسي للتحرك العسكري

الحرب الروسية في سوريا: ارتفاع أسعار النفط والروبل.. وترويج للصناعات الحربية
TT

الحرب الروسية في سوريا: ارتفاع أسعار النفط والروبل.. وترويج للصناعات الحربية

الحرب الروسية في سوريا: ارتفاع أسعار النفط والروبل.. وترويج للصناعات الحربية

دخل الاقتصاد بقوة على خط العملية العسكرية الروسية في سوريا وردود فعل الأطراف الإقليمية على هذه العملية، لا سيما تركيا التي اخترقت طائرات روسية مجالها الجوي. ويلفت المحللون الاقتصاديون الانتباه إلى تأثير العمليات العسكرية الروسية في سوريا على أسعار النفط، وبالتالي تعزيز سعر صرف العملة الوطنية الروسية، مع ما سيكون لذلك من نتائج إيجابية على مجمل الوضع الاقتصادي في روسيا.
وبين هذا وذاك لم يفت موسكو على ما يبدو الاستفادة من أداء أسلحتها في سوريا، وتسخير الأمر اقتصاديا بالترويج لمجمع الصناعات العسكرية الروسي الذي يدر المليارات سنويا على خزينة البلاد.
وفي آخر تطورات أزمة اختراق طائرات روسية للأجواء التركية، أعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن عدم رضاه عن التوضيحات التي ساقتها موسكو حول الحادثة، ولوح بالعصا الاقتصادية في وجه روسيا حين قال إنه «يجب على روسيا أن تكون أكثر حساسية في هذه المسائل. نحن المستهلك رقم واحد للغاز الروسي. خسارة روسيا لتركيا خسارة جدية. وعند الضرورة يمكن أن تشتري تركيا الغاز من أماكن أخرى». كما هدد الرئيس التركي بإعادة بلاده النظر في المشروع الروسي لبناء محطة «آكويو» الكهروذرية، وقال: «إن لم يبنها الروس فسيأتي أحد آخر لبنائها».
ويرجح مراقبون أن يؤثر هذا التوتر في العلاقات بين موسكو وأنقرة على مشروع «السيل التركي» الذي توليه روسيا أهمية استراتيجية، كونه سيشكل البديل عن شبكة الغاز الأوكرانية، التي تعتمد عليها «غاز بروم» في تأمين احتياجات السوق الأوروبية.
وتشكل صادرات الغاز إلى أوروبا، فضلا عن مشاريع بناء الشركات الروسية لمحطات كهروذرية في دول العالم، أحد أهم مصادر دخل الخزينة الروسية، وعمادا رئيسيا في الاقتصاد الروسي الحديث. ويرى خبراء روس أن مصالح روسيا في مجال الطاقة دافع رئيسي في خلفية التحرك العسكري الروسي في سوريا. يقول الخبير الروسي فلاديمير ألكسييف في هذا الصدد، إن «خسارة روسيا لسوريا ستعني تمكين قطر من مد شبكات غاز عبر دول المنطقة وصولا إلى الساحل السوري، ومن هناك إلى جنوب أوروبا. ومن شأن هذا الأمر أن يعطل خطط روسيا لمد شبكة غاز جنوبية لا تمر عبر أوكرانيا، وسيتسبب أيضًا في تقليص مبيعات الغاز الروسي لأوروبا بنسبة 30 - 40 في المائة»، ولهذا السبب فإن «العملية العسكرية الروسية في سوريا لإنقاذ الأسد هي حرب روسيا من أجل البقاء كدولة كبرى مستقلة اقتصاديا»، حسب ما يقول ألكسييف.
من جانب آخر، شهد سعر صرف الروبل الروسي ارتفاعا ملموسا خلال اليومين الماضيين، على خلفية ارتفاع أسعار النفط، الأمر الذي يقول محللون في أسواق المال إنه جاء نتيجة التوتر في الشرق الأوسط مع أولى الغارات التي شنتها الطائرات الروسية في سوريا. وبينما استبعد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن يؤثر الوضع في سوريا على أسعار النفط في السوق العالمية، أشارت توقعات بنك «Societe General» الفرنسي إلى أن سعر مزيج برنت قد يرتفع حتى 150 دولارا للبرميل نتيجة العمليات العسكرية الروسية في سوريا. ويبني الخبراء هذه التوقعات انطلاقا من اعتقادهم أن الضربات الجوية الروسية ستدمر البُنى التحتية التي يستخدمها «داعش» لنقل النفط من مناطق سيطرته في العراق وسوريا إلى الأسواق الخارجية، مما سيدفع مستهلكي هذا الغاز إلى توجيه طلبهم إلى الأسواق الشرعية، وهذا سيؤدي إلى زيادة نسبية في الطلب وارتفاع في أسعار النفط. وكان الروبل قد سجل ارتفاعا أمام الدولار خلال اليومين الماضيين بقدر 2.86 روبل.
جانب آخر من الجوانب الاقتصادية التي إما تكمن في خلفية شن الحروب أحيانا، أو يتم استغلال الحروب لتنشيطها، ألا وهو الجانب المتعلق بتجارة الأسلحة وما تدره من أرباح على الدول المصنعة للسلاح. هذا الأمر لم يفت الرئيس بوتين وهو يعلق على مستوى الأداء العالي للقوات الروسية، لا سيما بعد مشاركة سفن تعوم في بحر قزوين في قصف أهداف في سوريا بصواريخ شبيهة بـ«توماهوك» الأميركية. وإلى جانب مشاهد الفيديو الاستعراضية لأداء الأسلحة الروسية، قرر بوتين لفت انتباه الراغبين في شراء أسلحة إلى الصناعات الروسية، قائلا إن هذا الأداء يدل على الكفاءة والمستوى العالي لما ينتجه مجمع الصناعات العسكرية الروسية.
إن العملية العسكرية الروسية في سوريا لا تختلف في خلفياتها وأهدافها بشكل عام عن حروب مثيلة، فهناك دوما أكثر من هدف يسعى إليه الطرف الذي يطلق شرارة الحرب، ولعل روسيا رأت في المغامرة السورية فرصة، بما في ذلك لتجاوز بعض نتائج أزمتها الاقتصادية، لكنها لم تضع في حساباتها احتمال لجوء الشركاء الاقتصاديين إلى وسائل تؤثر سلبا على أسس الاقتصاد الروسي في أحد أهم مكوناته، ألا وهو الغاز الطبيعي.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.