نوبل للآداب للبيلاروسية سفيتلانا أليكسييفيتش لابتكارها نوعًا أدبيًا جديدًا

المرأة الرابعة عشرة التي تحصل على الجائزة منذ تأسيسها عام 1901

سفيتلانا أليكسييفيتش تتلقى التهاني بمدينة مينسك في روسيا البيضاء بعد الإعلان عن فوزها بجائزة نوبل للآداب 2015
سفيتلانا أليكسييفيتش تتلقى التهاني بمدينة مينسك في روسيا البيضاء بعد الإعلان عن فوزها بجائزة نوبل للآداب 2015
TT

نوبل للآداب للبيلاروسية سفيتلانا أليكسييفيتش لابتكارها نوعًا أدبيًا جديدًا

سفيتلانا أليكسييفيتش تتلقى التهاني بمدينة مينسك في روسيا البيضاء بعد الإعلان عن فوزها بجائزة نوبل للآداب 2015
سفيتلانا أليكسييفيتش تتلقى التهاني بمدينة مينسك في روسيا البيضاء بعد الإعلان عن فوزها بجائزة نوبل للآداب 2015

حازت الكاتبة والصحافية البيلاروسية سفيتلانا أليكسييفيتش أمس (الخميس)، جائزة نوبل للآداب لعام 2015 «على أعمالها المتعددة الأصوات التي تمثل معلمًا للمعاناة والشجاعة في زماننا. إنها تعمق بأسلوبها الاستثنائي - الذي يقوم على تداخل دقيق بين صوت البشر - فهمنا لعصر كامل»، كما جاء في إعلان الأكاديمية السويدية التي تمنح الجائزة.
وقالت سارة دانيوس الأمينة الدائمة للأكاديمية السويدية: «لقد ابتكرت نوعًا أدبيًا جديدًا. تجاوزت القوالب الصحافية ومضت قدمًا في نوع ساعد آخرون في ابتداعه.. إذا أخليت الأرفف من أعمالها ستكون هناك فجوات، وهذا يوضح كثيرًا مدى أصالتها».
وبذلك تكون أليكسييفيتش المرأة الرابعة عشرة التي تحصل على هذه الجائزة منذ تأسيسها عام 1901.
وقالت أليكسييفيتش إنها «فوجئت» باتصال الأكاديمية السويدية الملكية في استوكهولم لإبلاغها بالفوز بجائزة نوبل للآداب.
وقالت للتلفزيون السويدي، بعد دقائق فقط من الإعلان عن فوزها: «الفوز بهذه الجائزة شيء عظيم». وأشارت إلى أنها كانت قد انضمت إلى أمثال إيفان بونين، الأديب والشاعر الروسي الذي فاز بالجائزة نفسها عام 1933، وبوريس باسترناك، الكاتب والشاعر الروسي الذي فاز بالجائزة عام 1958. ومن المقرر أن تحضر الفائزة حفل تسليم الجوائز في 10 ديسمبر (كانون الأول) في استوكهولم، ولكنها لم تقرر بعد الأوجه التي تنفق فيها قيمة الجائزة البالغة ثمانية ملايين كورونا سويدية (نحو 860 ألف يورو). وأضافت: «لدي أفكار لكتب جديدة وآمل في أن تدعم الجائزة ذلك».
واختتمت المقابلة القصيرة مع التلفزيون السويدي بالقول «شكرًا للسويد».
وكانت أليكسييفيتش من أكثر الكتاب المرشحين للفوز في السنوات الأخيرة وهي صاحبة مؤلفات كثيرة حول كارثة تشرنوبيل كما في كتابها «أصوات من تشرنوبيل»، الذي استندت فيه إلى شهادات حقيقية من خلال أشخاص عانوا من ويلات الكارثة، وكتبت أيضًا عن معاناة الجنود السوفيات في أفغانستان. وكانت هذه الكتب قد حظرت في الاتحاد السوفياتي السابق.
وقد ترجمت أعمالها إلى لغات عالمية كثيرة، ليس بينها العربية، وحولت بعض هذه الأعمال إلى مسرحيات عرضت في فرنسا وألمانيا كما أنها حازت عام 2013 جائزة السلام العريقة في إطار معرض فرانكفورت للكتاب.
ولدت سفيتلانا أليكسييفيتش في 31 مارس 1948 في مدينة إيفانا فرانكوفسك الأوكرانية لأب من روسيا البيضاء، وأم أوكرانية. وبعد تسريح والدها من الجيش، انتقلت العائلة إلى قرية في روسيا البيضاء، حيث عمل والدها في التدريس. ثم تركت سفيتلانا أليكسييفيتش المدرسة لتعمل صحافية في جريدة محلية في مدينة ناروفل. وبدأت آنذاك تكتب القصة القصيرة والمقالات والتحقيقات الصحافية. لكنها، كما تقول، وجدت صوتها الخاص فيما بعد تحت تأثير الكاتب البيلاروسي آليس أداموفيتش، الذي طور جنسًا أدبيًا سماه «الرواية التعاونية»، «الكورس الملحمي» أو «الرواية - الشهادة»، حيث يتحدث أشخاص عن أنفسهم وتجاربهم. إنها بأسلوبها المتعدد الأصوات تبتكر شكلاً أدبيًا بسيطًا، كما في عملها «أصوات تشرنوبيل»، وأعمالها الأخرى عن سقوط الاتحاد السوفياتي، بمزج أصوات عشرات الشهود لتسجل اختفاء ثقافة، وترسم ملامح إنسان جديد قد ينهض من بين الركام. وطريقتها في مقاربة ذلك بسيطة جدًا.
تقول في مقابلة معها: «أنا لا أسأل الناس عن الاشتراكية، بل أسألهم عن الحب، والغيرة، والطفولة، والشيخوخة، وعن الموسيقى والرقص، وتسريحة الشعر.. هذه هي الطريقة الوحيدة للكشف عن الكوارث في سياق الحياة اليومية. ثم، أحاول أن أفعل شيئًا حول ذلك. الشيء العادي، والحياة اليومية لا يكفيان عن إدهاشي. هناك عدد لا نهائي من الحقائق الإنسانية. والتاريخ مهتم فقط بهذه الحقائق. الانفعالات خارج اهتمام التاريخ. لكنني أنظر للعالم باعتباري كاتبة ولست مؤرخة. إنني مسحورة بالناس».
* من أعمالها
* أصوات من تشرنوبيل
* ليس للحرب وجه نسائي
* أولاد الزنك: أصوات سوفياتية من حرب أفغانستان
* المسحورون بالموت
* آخر الشهود
* آخر الشهود: عزف منفرد لصوت طفولي
* الزمن المستهلك



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».