الأزمة المالية تضرب قوة روسيا النفطية

«روسنفت» تبيع أصولها إلى شركات أجنبية لسداد ديونها

احدى المنشآت النفطية لشركة « روسنفت»
احدى المنشآت النفطية لشركة « روسنفت»
TT

الأزمة المالية تضرب قوة روسيا النفطية

احدى المنشآت النفطية لشركة « روسنفت»
احدى المنشآت النفطية لشركة « روسنفت»

انتقلت ملكية منشأة تكرير إلى شركة صينية، بينما تحولت ملكية حصة من حقل نفط سيبيري إلى شركة «بريتيش بتروليم»، وفي الوقت ذاته فإن شركة إقليمية كبرى يسود اعتقاد بأن شركة «روسنفت» الروسية الحكومية اشترتها، ما تزال مسجلة في موازنة وكالة حكومية.
ومع ترؤسها من قبل حليف قوي للرئيس فلاديمير بوتين، نمت «روسنفت» على امتداد أكثر من عقد بمعدل ضخم داخل روسيا وخارجها، وأصبحت تجسد ثروة وقوة روسيا خلال فترة الازدهار النفطي.
إلا أن هذا الوضع تبدل العام الحالي، حيث شرعت «روسنفت»، التي تبقى أكبر شركة نفطية عالميًا يجري التداول العام في أسهمها قياسًا بالإنتاج، في بيع أصولها بينما تناضل لسداد ديونها.
في هذا الصدد، قال إدار دافليتشين، محلل معني بشؤون الطاقة لدى مصرف «رينيسنس كابيتال» الاستثماري بموسكو: «تواجه الحكومة بالفعل أوقاتًا عصيبة».
يذكر أن متوسط سعر مزيج «أورال»، العنصر التصديري الأساسي لدى روسيا، بلغ 97 دولارًا العام الماضي، بينما وصل متوسط سعره إلى 57 دولارًا فقط خلال النصف الأول من هذا العام، بل وجرى بيعه بسعر أقل خلال هذا الخريف.
بداية من هذا الصيف، رأى بعض المحللين حدوث تحول بعيدًا عن النموذج الاقتصادي السائد في السنوات الأخيرة، عندما قاد حلفاء سياسيون أمثال رئيس «روسنفت»، إيغور سيشين، شركات حكومية عملاقة نحو التركيز على الكفاءة، بل والمنافسة.
ورغم أنه ما يزال من المبكر للغاية التعرف على مدى جدية هذا التحول، فإن تأثيراته بدأت تظهر بالفعل داخل صناعة النفط. مثلاً، عانى سيشين، الذي كان يعد من قبل شخصية حصينة داخل المشهد السياسي الروسي، ومثل بوتين سبق له العمل لدى جهاز الاستخبارات السوفياتية، من إهانات قللت من مكانته. ومع ذلك، فإنه حتى الآن خلال العام الحالي، جرى فصل مسؤول واحد رفيع المستوى سياسيا من منصب تنفيذي بصناعة النفط.
وبعد إعادة تأميم شركة النفط الإقليمية «باشنفت» العام الماضي في أعقاب معركة قانونية، فإن هذا الأصل لم يتم دمجه على الفور في «روسنفت» مثلما كان متوقعًا. بعد ذلك، قوبل طلب لتقديم إعانة مالية إلى «روسنفت» لسداد ديونها، بالرفض. وأجبرت الشركة بدلاً من ذلك على بيع أصول لها وعرضت على الصين حصة في مشروعات بترولية في سيبريا، الأمر الذي ظلت روسيا تعارضه حتى الآن.
وقد باعت «روسنفت» للشركة الوطنية الصينية الكيماوية» في سبتمبر (أيلول) حصة في منشأة تكرير تحت الإنشاء في أقصى شرق روسيا مقابل أسهم في منشآت تكرير داخل الصين، وهي صفقة منحت الصين وضعًا متميزًا على صعيد منشآت التكرير الروسية.
من جهته، قال دافليتشين: «يتعين عليهم تعديل النموذج القديم الذي اعتمد على الشركات الحكومية الضخمة. وأشك في أن يقدم بوتين على ذلك في خضم الأزمة، لكن إذا استخدموا هذا النموذج، عليهم ضمان نجاحه»، وعدم استنزافه أموال الخزانة العامة.
بعد عامين فقط من شراء مشروع مشترك مع «بريتيش بتروليم» في روسيا: «تي إن كيه - بريتيش بتروليم»، فيما جرى النظر إليه باعتباره خطوة أخرى نحو تعزيز سيطرة الدولة على الصناعة النفطية، حولت «روسنفت» اتجاهها هذا الربيع وباعت حصة 20 في المائة من حقل «تاس - يوريكه» في شرق سيبريا إلى «بريتيش بتروليم».
في أغسطس (آب)، تنازلت الشركة رسميًا عن طلبها بالحصول على إعانة مالية من صناديق الثروة السيادية الروسية، ما ترك أمامها خيار بيع بعض من أصولها. وقال مسؤولون تنفيذيون في «روسنفت» إن استراتيجية الشركة تقوم على محاولة خفض الديون التي ترتبت على صفقة شراء «تي إن كيه - بريتيش بتروليم». يذكر أن موعد استحقاق قرض بقرابة 25 مليار دولار لمصارف غربية ضخمة، منها «باركليز» و«بنك أوف أميركا»، خلال الشهور الستة القادمة.
خلال فترة الازدهار النفطي، باعت «بريتيش بتروليم» مشروعا مشتركًا لها هنا بسعر قدر الاحتياطيات بنحو 4.50 دولار للبرميل. إلا أنها خلال العام الحالي دفعت نحو دولارين للبرميل مقابل نصيبها في الحقل الجديد. ونظرًا لبيعها بسعر مرتفع وشرائها بسعر منخفض، قال رئيس «بريتيش بتروليم» في روسيا، ديفيد كامبل، خلال حفل توقيع في سانت بيترسبرغ في يونيو (حزيران): «إنني سعيد أننا نجحنا في إتمام هذه الصفقة».
إلا أن الحكومة الروسية لم تعرب عن السعادة ذاتها حيال ما يصفه مسؤولون بارزون الآن بأنه إدارة متخبطة للشركات الحكومية الكبرى.
يذكر أنه بعد استقالة رئيس الشركة المحتكرة للسكك الحديدية بروسيا، فلاديمير ياكونين، وهو أحد المقربين من بوتين منذ فترة طويلة وعميل بارز سابق لدى جهاز الاستخبارات السوفياتية، قال وزير الاقتصاد، أليكسي أوليوكاييف، إن إدارة السكك الحديدية عادت إلى «أرض الواقع». وأوضح أن المسؤولين التنفيذيين لم يعودوا يطلبون إعانات حكومية بقيمة 140 مليار روبية، وإنما بات بإمكانهم بدلاً من ذلك تخفيض التكاليف.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي لدى «هاير سكول أوف إكونوميكس»، ألكسندر أبراموف، إن الحكومة تناضل لحل مشكلة صنعتها بيديها على امتداد العقد الماضي من خلال تشكيلها شركات احتكار حكومية عملاقة تفتقر إلى الكفاءة، التي تعد سمة مميزة لسياسات بوتين الاقتصادية.
ومن غير المثير للدهشة أن نجد أن هذا الوضع تسبب في تفاقم الإهدار وغياب الكفاءة. يذكر أن رسملة «روسنفت» الآن في سوق لندن للأسهم، البالغ قرابة 38 مليار دولار، يقل عن ما دفعته الشركة، 56 مليار دولار، مقابل شركة «تي إن كيه - بريتيش بتروليم» منذ عامين.
وفي بيان لها، أشارت «روسنفت» إلى التكاليف المنخفضة على نحو استثنائي للإنتاج لدى الشركة من حقول الضخ حاليًا، وهامش الربح المرتفع. يذكر أن تكلفة إنتاج برميل النفط لدى «روسنفت»، البالغة 3 دولارات للبرميل، تعد من بين الأدنى على مستوى شركات النفط الكبرى. يذكر أن أسهم «روسنفت» ارتفعت قليلاً هذا العام، بينما تراجعت أسهم المنافسين العالميين، بنسبة بلغت 27 في المائة بالنسبة لـ«شل».
وأشارت الشركة إلى أنه في ظل إدارة سيشين، ارتفعت الاحتياطيات بنسبة 40 في المائة وحققت الشركة أرباحًا على امتداد أرباع العام الـ13 المتتالية الماضية. ومع ذلك، فإن المستقبل العام للشركة يبدو غير مؤكد، حيث من المتوقع تراجع الإنتاج بنسبة 1.1 في المائة هذا العام مع بداية تراجع طويل وبطيء ليس لـ«روسنفت» فقط، وإنما للصناعة النفطية ككل، مع وصول الإنتاج من حقول سيبريا لذروته وتحوله باتجاه التراجع.
يذكر أنه قبل اندلاع التوترات في أوكرانيا، كانت «روسنفت» خططت لتحقيق استقرار في إنتاجها من خلال نقل الصناعة إلى «الأوفشور»، إلا أن العقوبات أرجأت هذه الخطط لأجل غير مسمى. وفي الوقت الحاضر، تقول الشركة إن استراتيجيتها تدور حول استخراج النفط بكثافة أكبر من داخل الحقول المنتجة بالفعل في غرب سيبريا.
يذكر أن «روسنفت» ستدفع هذا العام ضرائب أقل بقرابة 23 مليار دولار مقارنة بالعام الماضي بسبب التراجع النفطي، ما ينهي احتكارها للمكانة الأولى كأكبر جهة دافعة للضرائب على مستوى البلاد. ومن المعتقد أن «غازبروم» ستحل محلها.

* خدمة «نيويورك تايمز»



ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

أعرب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، ومرشح حزب «الخضر» لمنصب المستشار، عن اعتقاده بأن ألمانيا والاتحاد الأوروبي على استعداد جيد للتعامل مع رئاسة دونالد ترمب الجديدة، لكنه حذر ترمب من أن الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، وسيضر الاقتصاد الكلي.

وقال هابيك، نائب المستشار الألماني، وفق «وكالة الأنباء الألمانية»: «أقول إنه يتعين علي وأريد أن أواصل العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. لكن إذا تصرفت الإدارة الأميركية الجديدة بطريقة قاسية، فسنرد بشكل جماعي وبثقة بوصفنا اتحاداً أوروبياً».

يذكر أن الاتحاد الأوروبي مسؤول عن السياسة التجارية للدول الأعضاء به والبالغ عددها 27 دولة.

وهدد الرئيس الأميركي المنتخب ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع البضائع الصينية وما يتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من دول أخرى، ومن بينها الاتحاد الأوروبي، والتي ستشمل السيارات الألمانية الصنع، وهي صناعة رئيسية.

وقال هابيك إنه سيتم التوضيح للولايات المتحدة، من خلال الحوار البناء مع الاتحاد الأوروبي، أن العلاقات التجارية الجيدة تعود بالنفع على الجانبين، إلا أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إظهار قوتهما.

وأضاف هابيك: «ردي على ترمب ليس بالخضوع، ولكن بالثقة بقوتنا. ألمانيا قوية وأوروبا قوية».

كانت دراسة أجرتها شركة «بي دبليو سي» لمراجعة الحسابات، قد أظهرت أن اختيار دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، يُشكل تحدياً لصناعة الشحن الألمانية.

وكشفت الدراسة عن أن 78 في المائة من ممثلي الصناعة يتوقعون تداعيات سلبية من رئاسة ترمب، بينما يتوقع 4 في المائة فقط نتائج إيجابية. واشتمل الاستطلاع على ردود من 124 من صنّاع القرارات في قطاع الشحن.

وتمحورت المخاوف حول احتمالية زيادة الحواجز التجارية، وتراجع حجم النقل تحت قيادة ترمب.

كما ألقت الدراسة الضوء على الأزمة الجارية في البحر الأحمر، حيث تهاجم جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران السفن التجارية بطائرات مسيّرة وصواريخ.

وبدأت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية، والمرتبطة بإسرائيل، أو تلك المتوجهة إليها، وذلك نصرة للشعب الفلسطيني في غزة.

وتجنبت عدة شركات شحن قد شملها الاستطلاع، البحر الأحمر خلال فترة الاستطلاع الذي أجري من مايو (أيار) إلى يونيو (حزيران)، فيما لا تزال ثلاث شركات من أصل 72 شركة تبحر عبر المسار بشكل نموذجي، تعمل في المنطقة.

ووفقاً للدراسة، فإن 81 في المائة من الشركات لديها اعتقاد بأن الأسعار سوف تواجه ضغوطاً هبوطية في حال كانت مسارات النقل في البحر الأحمر تعمل بشكل سلس.