غارات روسيا تهدف لتأمين المطارات العسكرية في سوريا

الائتلاف يحذّر من مخطط لإفراغ محافظة حمص

صورة مقتطعة من شريط فيديو بثته وزارة الدفاع الروسية امس تظهر طيار طائرة سو-25 يلوح بيده في مطار حميميم العسكري قرب اللاذقية على الساحل السوري (رويترز)
صورة مقتطعة من شريط فيديو بثته وزارة الدفاع الروسية امس تظهر طيار طائرة سو-25 يلوح بيده في مطار حميميم العسكري قرب اللاذقية على الساحل السوري (رويترز)
TT

غارات روسيا تهدف لتأمين المطارات العسكرية في سوريا

صورة مقتطعة من شريط فيديو بثته وزارة الدفاع الروسية امس تظهر طيار طائرة سو-25 يلوح بيده في مطار حميميم العسكري قرب اللاذقية على الساحل السوري (رويترز)
صورة مقتطعة من شريط فيديو بثته وزارة الدفاع الروسية امس تظهر طيار طائرة سو-25 يلوح بيده في مطار حميميم العسكري قرب اللاذقية على الساحل السوري (رويترز)

ركّزت الطائرات الحربية الروسية ولليوم السادس على التوالي غاراتها على مواقع تابعة لـ«جبهة النصرة» والجيش الحر في محافظتي حمص وإدلب، بعكس ما تفيد البيانات الصادرة عن وزارة الدفاع في موسكو والتي تؤكد استهداف مواقع «داعش».
وأعلنت روسيا الاثنين شن غارات جوية على 9 مواقع لـ«داعش» في سوريا في الساعات الـ24 الأخيرة، في سياق تدخلها العسكري في البلاد. وأفادت وزارة الدفاع الروسية بأن طائرات سو 34 وسو 24م وسو 25 نفذت 25 طلعة تهدف إلى «زعزعة السلسلة القيادية وضرب لوجيستية الإرهابيين»، لافتة إلى أن قاذفات سو - 24 دمرت «مركزا قياديا لتنظيم داعش» في الرستن في محافظة حمص وسط البلاد. كما استهدفت الطائرات الروسية مدينة تلبيسة التي تبعد مسافة 25 كلم جنوب حمص، وأوضحت موسكو أن طائراتها دمّرت هناك «ثلاثة أهداف» هي مستودعات ذخيرة ومركز اتصالات، كما ضربت مركزا قياديا ثانيا في محافظة اللاذقية.
وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن طائراتها استهدفت في محافظة إدلب معسكر تدريب في جسر الشغور ودمرت مخزن ذخيرة وآليات مدرعة.
وفي منطقة جبل القبة في المحافظة نفسها، دمرت الطائرات الحربية الروسية «ثلاث قطع مدفعية ومخزون ذخيرة، وقاعدة مموهة في منطقة غابات قرب إدلب كانت تحوي ثلاثين آلية بينها دبابات تي - 55 استولى عليها (الجهاديون) من الجيش السوري»، بحسب موسكو.
واستهجن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن بيانات الروس التي تتحدث عن استهداف «داعش» في إدلب وحمص، وتساءل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أين (داعش) في حمص وإدلب؟ نحن نؤكد أن لا وجود للتنظيم في هاتين المحافظتين إلا في الريف الشرقي لحمص، حيث لم يصب أي عنصر لـ(داعش) نتيجة الغارات الروسية».
وأوضح عبد الرحمن أن الهدف الأساسي لموسكو حاليا في سوريا هو «السيطرة على المطارات، وهذا ما تؤشر إليه مواقع المعارك الدائرة والمراكز التي تستهدفها الطائرات الروسية»، لافتا إلى أن موسكو «تسعى لنشر قواتها في مطارات: حماه العسكري، ومزة العسكري، وكويرس، والنيرب، كي يسهل عليها موضوع الإمدادات العسكرية».
وكرر المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس أن «هدف العمليات الروسية في سوريا دعم القوات السورية في مكافحتها التنظيمات الإرهابية والمتشددة»، مؤكدا أن «أهداف الطائرات الروسية هي تلك المجموعات». ووصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف العمليات الروسية بـ«الشفافة»، مضيفا أن موسكو اقترحت على واشنطن «اتصالا مباشرا» بهذا الخصوص.
في المقابل، جدّد الائتلاف السوري المعارض إدانته لـ«الأعمال الإرهابية التي يرتكبها نظام الأسد والعدوان الروسي والإيراني»، مستنكرًا الموقف الأممي «الهزيل» إزاء هذه الانتهاكات. ونبّه الائتلاف في بيان إلى أن «التصعيد العسكري الأخير الذي يقوده المثلث الروسي الإيراني الأسدي في ريف حمص يمثل استكمالاً لمخطط إفراغ محافظة حمص من مواطنيها، وإتمام عملية تهجير طائفي، وإنفاذ مشروع «سوريا المفيدة» التقسيمي الذي تتولاه ميليشيا إيرانية في حزام العاصمة دمشق، ويستكمله الروس وقوات النظام في حمص عبر إبادة المدنيين واستهداف تجمعات سكنية فيها بزعم مكافحة الإرهاب».
وقد أدت عمليات القصف وغارات الطيران الروسي خلال الأيام الثلاثة الماضية على مدن وقرى ريف حمص (الرستن وتلبيسة وغرناطة وأم شرشوح)، بحسب الائتلاف، إلى «سقوط عشرات الشهداء والجرحى، بينهم نساء وأطفال، وسط حالات من الفوضى (وثقتها صور ومقاطع فيديو) حالت دون تمكن فرق الإنقاذ من حصر وتوثيق الأسماء، إلى جانب استهداف حي الوعر المحاصر ضمن المدينة بالمدفعية الثقيلة، في الوقت الذي حشد فيه نظام الأسد مرتزقة إيرانيين وأفغانا لما يبدو أنه محاولة لاقتحام مدينتي الرستن وتلبيسة».
ونشرت وزارة الدفاع الروسية مقاطع فيديو للضربات الجوية الروسية قالت إنها استهدفت مواقع تنظيم داعش في سوريا، وبينت المقاطع تدمير عدد من المواقع في أماكن متفرقة من البلاد، والتي استخدمت فيها قنابل موجهة. وبيّن أحد المقاطع تحقيق إصابة مباشرة في أحد المواقع العسكرية في محافظة إدلب، بينما أظهر مقطع آخر إصابة مخزن للسلاح، وذلك في منطقة جسر الشغور، علاوة على تدمير منشآت مسلحة أخرى بحسب وزارة الدفاع الروسية.
وأكد ناشطون معارضون أن الطائرات الروسية شنت خلال الساعات الماضية غارات على أحياء تلبيسة الغربية وأحياء بلدات أم شرشوح وغرناطة والغجر في ريف حمص الشمالي، كما أغارت على مواقع عسكرية للمعارضة وأخرى مدنية في منطقة مكسر الحصان ومدينة الحولة بريف حمص الشمالي.
بدوره، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «طائرات حربية يُعتقد أنها روسية نفذت عدة غارات على أماكن في منطقة كسرة الشيخ جمعة، بينما قصفت الطائرات ذاتها مناطق أخرى في ناحية الكرامة بريف الرقة الشرقي».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.