النجيفي يزور أربيل لمناقشة أزمة الموازنة وموضوع الأنبار مع القيادة الكردية

رئيس البرلمان العراقي في كردستان لمعرفة حصة الإقليم واحتياجاته

النجيفي يزور أربيل لمناقشة أزمة الموازنة وموضوع الأنبار مع القيادة الكردية
TT

النجيفي يزور أربيل لمناقشة أزمة الموازنة وموضوع الأنبار مع القيادة الكردية

النجيفي يزور أربيل لمناقشة أزمة الموازنة وموضوع الأنبار مع القيادة الكردية

في محاولة منه لحل أزمة الموازنة العامة بالعراق التي لم يجر التصديق عليها من قبل مجلس النواب، وصل إلى أربيل أمس رئيس مجلس النواب العراقي، أسامة النجيفي، في زيارة رسمية لسماع وجهة نظر القيادة السياسية في إقليم كردستان لإنهاء الأزمة الموجودة بين القيادات العراقية حول الموازنة العامة.
مصادر من قائمة «متحدون»، التي يترأسها النجيفي، بينت في تصريحات صحافية أن زيارة النجيفي «لا تحمل في طياتها محاولات للعب دور الوسيط بين القيادة السياسية في الإقليم والحكومة العراقية التي لم تبعث حتى الآن رواتب ومستحقات موظفي حكومة الإقليم، مما شكل أزمة حقيقية بين الطرفين».
وأكد محمد الخالدي مقرر مجلس النواب وأحد قياديي «متحدون»، في تصريحات صحافية أن زيارة النجيفي لأربيل «ستتناول موضوع الموازنة واعتراضات حكومة الإقليم على النقاط التي تعدها مجحفة بحقها في مشروع القانون الذي لم يمرر حتى الآن في مجلس النواب، بالإضافة إلى حصة الإقليم ومستحقاته من هذه الموازنة».
وأوضح الخالدي أن الأزمة الحالية في الأنبار والمشاكل الأمنية فيها «ستكون محورا آخر للحديث بين النجيفي والقيادة السياسية في الإقليم».
من جهة أخرى، لم يستبعد النائب عن قائمة «الاتحاد الإسلامي» في برلمان الإقليم، أبو بكر هلدني، أن يكون للنجيفي دور في حل الأزمة السياسية الموجودة حاليا بين بغداد وأربيل، مؤكدا أن «ما جاء النجيفي من أجله هو الأساس في الأزمة الحالية الموجودة بين الطرفين، وأن محاور الحديث بينه (النجيفي) وبين القيادات الكردستانية ستقترب من هذه المسألة إن لم تجر مناقشتها بشكل مفصل».
وأشاد هلدني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بالمبادرة التي أخذها النجيفي على عاتقه لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتخالفة، مؤكدا أن «تنفيذ ما ينص عليه أي اتفاق نتيجة لهذه المبادرة يجب أن يكون من قبل الطرفين»، مشيرا إلى أن القيادة السياسية في الإقليم وممثلي الأكراد في مجلس النواب العراقي «لا يمكنهم القبول بقانون للموازنة يتضمن نقاطا تضر الإقليم، بل وتمثل نقاطا عقابية ضده»، مبينا أن «هذه التصرفات لن تكون ذات نفع فيما يتعلق بمستقبل العراق».
ولم يخف هلدني أن الحكومة الحالية في بغداد بجميع مؤسساتها «لا تمثل الشراكة الحقيقية التي اتفقت عليها الأحزاب والقيادات السياسية العراقية بمختلف قومياتها وطوائفها، حيث ما زال وجود الكرد مهمشا ولا يعد شريكا في العملية السياسية، بدليل أن نسبة الأكراد في الجيش العراقي في انخفاض مستمر، حيث أكدت الإحصائيات الأخيرة أن نسبتهم الحالية لا تتعدى الأربعة أو الخمسة في المائة». كما أوضح هلدني أن بغداد لم تدفع حتى الآن «مستحقات الشركات النفطية البالغة أكثر من 184 تريليون دينار، بالإضافة إلى تجاهلها ميزانية البيشمركة، بل إن هناك الكثير من المتنفذين في الحكومة العراقية ما زالوا يعدون البيشمركة ميليشيا ولا تشكل جزءا من المنظومة الدفاعية العراقية»، وأكد أن على الإقليم أن «يمتلك الكثير من الخيارات التي يمكن له أن يضغط بها على بغداد، لكن الأهم من كل ذلك أن الإقليم يؤكد على الدستور في حل المشاكل كافة العالقة بين الطرفين».
وطالب النائب بأن يكون برلمان الإقليم «هو المرجع الأساس ومصدر القرار المصيري لسياسة الإقليم المستقبلية، وألا يعتمد قادتها السياسيون على ما سماها المسكنات والحلول القصيرة في حل الأزمة بين الإقليم وبغداد، وأن يلتزم الطرف الآخر أيضا الدستور العراقي، وأن يتفهموا أن المركزية في العراق لم تعد باقية».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.