محامي معتقلي غوانتانامو: متفائل بإغلاق المعسكر قبل رحيل أوباما

كلايف سميث لـ {الشرق الأوسط} إنه نجح في إطلاق سراح 75 معتقلاً.. آخرهم شاكر عامر

معسكر دلتا شديد الحراسة الذي يحتجز فيه سجناء «القاعدة» وطالبان («الشرق الأوسط»)
معسكر دلتا شديد الحراسة الذي يحتجز فيه سجناء «القاعدة» وطالبان («الشرق الأوسط»)
TT

محامي معتقلي غوانتانامو: متفائل بإغلاق المعسكر قبل رحيل أوباما

معسكر دلتا شديد الحراسة الذي يحتجز فيه سجناء «القاعدة» وطالبان («الشرق الأوسط»)
معسكر دلتا شديد الحراسة الذي يحتجز فيه سجناء «القاعدة» وطالبان («الشرق الأوسط»)

قال المحامي الأميركي كلايف ستافورد سميث، الذي نجح في إطلاق سراح 75 معتقلا في معسكر غوانتانامو، آخرهم البريطاني شاكر عامر، إن «معسكر دلتا أشبه بوصمة عار في تاريخ بلاده». وأوضح الأميركي سميث، الذي يعرف بين عوائل المحتجزين بأنه محامي غوانتانامو: «أن القوانين باتت معطلة في غوانتانامو والأمل معقود على أجهزة الإعلام لإغلاق هذا المعسكر الرهيب». وأشار إلى أن لديه قناعة، بأن معسكر غوانتانامو (كوبا) سيغلق قبل رحيل أوباما عن البيت الأبيض، وقال إن «الكونغرس يدرس عددا من البدائل المهمة منها نقل المعتقلين إلى سجن كلورادو شديد الحراسة أو قاعدة في الداخل الأميركي».
وأوضح ردا على أسئلة «الشرق الأوسط»: «بكل تأكيد سوف يُغلق المعتقل في وقت ما. ولكن النقطة ذات الأهمية هي ما إذا كان سوف يُغلق قبل مغادرة الرئيس أوباما لمنصبه، وإلى أي وقت سوف يتعين على المعتقلين المعاناة. إنني متفائل بحذر حيال إغلاق المعتقل قبل رحيل الرئيس أوباما، وإعادة الكثير من المعتقلين إلى أوطانهم.، وربما نقل عدد محدود منهم إلى إحدى القواعد العسكرية داخل الولايات المتحدة. ولكن الوقت وحده هو من يحدد ذلك».
وقال سميث: «لدينا الآن نحو 8 معتقلين نحاول السعي لمساعدتهم. ولقد تمكنا من الإفراج عن 75 معتقلا آخرين. وعلى العموم، ورغم كل شيء، لا يزال هناك 112 سجينا آخرين من أصل 779 معتقلا كانوا في المعسكر عند افتتاحه عام 2002». وأفاد بأن موكله شاكر عامر آخر معتقل بريطاني من أصول سعودية سيتوجه إلى بريطانيا عند الإفراج عنه قبل نهاية الشهر، ليعيش مع زوجته وأطفاله.
وتحدث المحامي الأميركي عن خرق فظيع لحقوق الإنسان في معسكر دلتا، الذي احتجز فيه المئات من سجناء «القاعدة» وطالبان. وقال سميث إن «الإدارة الأميركية تبقي على معتقل غوانتانامو لتوهم الرأي العام الأميركي بأنها في الطريق الصحيح لكسب حربها ضد ما تسميه الإرهاب».
وقال ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن «معتقل غوانتانامو بات كثقب أسود في رداء العدالة الأميركية»، بالقول: «إنه من ألطف الأوصاف التي أطلقت على المعتقل الشهير. إنه يعتبر علامة سوداء رهيبة على جبين الولايات المتحدة ولسوف يستغرق الأمر وقتا طويلا جدا ونحن نحمل عار إنشاء مثل ذلك المكان أو الكابوس إذا ما شئت أن تسميه».
وقال إن مجرد ذكر اسم غوانتانامو يثير الفزع في النفوس، فهذا السجن، الذي مضى على وجوده نحو 13 عاما، صار لغزا محيرا، وأحد أكثر الأماكن سرية ورعبا، فلا أحد يستطيع الوصول إلى تلك الجزيرة الصغيرة المعزولة عن العالم بالقرب من كوبا، قلة من المحامين والصحافيين فقط استطاعت الوصول إلى هناك لمعرفة ما يجري بداخله من ممارسات لا إنسانية بحق سجناء من ثماني عشرة جنسية، أغلبهم من العرب اختطفوا من أفغانستان، وبعضهم بيع بمبلغ قدره خمسة آلاف دولار أميركي.
وقال إنه زار معسكر غوانتانامو حتى الآن 35 مرة، والتقى هناك عددا من موكليه في جلسات منفردة لمدة ثلاث ساعات في اليوم، من بينهم سامي محيي الدين الحاج مصور قناة «الجزيرة»، الذي اعتقل في باكستان، وكذلك موكله البريطاني شاكر عامر، المتزوج من بريطانية، وعمر خضر الكندي من (أصول مصرية)، والفلسطيني جميل البنا، والعراقي بشر الراوي، والليبي عمر الدغايس، وعدد آخر من السجناء من موريتانيا والصين وتونس ومصر وسوريا والكويت والسودان، إلا أنه أعرب عن يقينه بأن السلطات الأميركية كانت تتنصت بطريقة ما على جلساته الخاصة مع موكليه.
وأكد المحامي سميث أن موكله شاكر عامر آخر معتقل بريطاني في غوانتانامو تعرض بطريقة بشعة للغاية للتعذيب، مضيفا: «لقد استمرت عمليات تعذيبه لمدة تتجاوز 5 آلاف يوم أو نحوها. أيمكنك أن تتصور ذلك؟ وكما يقول شاكر نفسه، لا يتعلق الأمر بحقيقة أساليب التعذيب الفردية، بل يتعلق بأنها أساليب مستمرة من دون توقف».
وأشار إلى أن مؤسسة ريبريف المهتمة بحقوق الإنسان ومقرها لندن ساعدت في تأمين إطلاق سراح نحو 75 معتقلا من غوانتانامو، وما زالت تمثل الدفاع عن 8 آخرين. وتعمل ريبريف حاليًا بالنيابة عن 70 شخصا يواجهون الحكم بالإعدام في 16 دولة مختلفة بالإضافة إلى 14 معتقلا في سجن خليج غوانتانامو. وتتصدر المعركة ضد الغارات الجوية الأميركية «الدرون» في اليمن وباكستان أغلب اهتمامات المؤسسة الحقوقية.

أسوأ قضايا التعذيب في غوانتانامو

وحول أسوأ القضايا التي مرت به خلال رحلة الدفاع عن سجناء معسكر الأسر الأميركي في كوبا الذي افتتح في سنة 2002، لسجن من تشتبه أميركا في كونهم إرهابيين، ويعتبر السجن سلطة مطلقة لوجوده خارج الحدود الأميركية، وذلك في أقصى جنوب شرقي كوبا، قال المحامي سميث: «أنا لا أعرف ما هي أسوأ القضايا. لقد رأيت بعض الأشياء المريعة التي حدثت بحق موكلي مؤسستي. ربما كان تعذيب المعتقل بنيامين محمد، كان أشدها. ولقد عهدوا به إلى السلطات الأمنية المغربية حيث كانوا يجرحون أعضاءه التناسلية بشفرة حادة مرة كل أسبوعين لمدة 18 شهرا، ثم نقلوه إلى سجن الظلام ليخضع للمزيد من التعذيب هناك. ولماذا كل ذلك؟ إنه أمر مثير لكل الاشمئزاز، وإنني اعتقدت أن الولايات المتحدة قد نأت بنفسها كثيرا عن أسسها وقيمها الأخلاقية لتقوم بذلك».
وتطرق إلى موكله الإثيوبي بنيامين، 28 عاما، الذي نقل إلى المغرب لمدة 28 شهرا، حيث قال إنه «تعرض للتعذيب الشديد ليعترف بأنه تناول العشاء مع خالد شيخ محمد، الرجل الثالث في (القاعدة) وابن الشيخ الليبي ورمزي بن الشيبة، منسق هجمات سبتمبر (أيلول)، وخوسيه بادييه في باكستان يوم 3 أبريل (نيسان) 2002».
وبالنسبة لعمليات الإضراب عن الطعام بين سجناء «القاعدة» وطالبان، كشف المحامي سميث أن هناك الكثير من السجناء مضربون عن الطعام. و«أحد الموكلين لدي، أحمد رباني، مستمر في إضرابه منذ عامين حتى الآن. ولقد عاد عامر شاكر إلى الإضراب عن الطعام منذ فترة».
وقال: «قضيت شهورا في غوانتانامو في زيارات متتالية (35 زيارة)، حيث مثلت أشخاصًا مسجونين في أسوأ سجون الولايات المتحدة على مدى عملي كمحام لأكثر من 25 عامًا. فغوانتانامو أسوأ من أي سجن يواجه فيه الأميركيون عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة».
ولم يبد المحامي الأميركي تشاؤما بخصوص معظم موكليه المحتجزين في غوانتانامو، مؤكدا أنه سيتم الإفراج عنهم، لكن ذلك يتطلب تضافر جهود عدة جهات. وفي هذا السياق ذكر سميث أن أحد موكليه البريطانيين أفرج عنه تحت ضغط سياسي وإعلامي، مشيرا إلى أن جميع الأوروبيين الذين كانوا محتجزين في غوانتانامو والبالغ عددهم 20 سجينا أفرج عنهم بضغوط سياسية وإعلامية وحقوقية. وأوضح: أن «السؤال الآن ليس عن الماضي، بل عما يمكن أن نفعله في المستقبل لإخراج هؤلاء السجناء من العزلة في غياهب غوانتانامو». وقال إن «أحد موكليه وهو البريطاني شاكر عامر خسر نحو نصف وزنه من 260 رطلا إلى 130 رطلا بسبب إضرابه عن الطعام المستمر، والسبب يعود في ذلك إلى سوء المعاملة من قبل الحراس في معسكر دلتا». وأضاف أن موكله شاكر يعرف بين السجناء باسم «زعيم المضربين».
وأكد سميث في الختام أنه سيستمر في عمله في الدفاع عن سجناء غوانتانامو حتى النهاية. ولقد ألفت كتابا حول ذلك اسمه «الظلم»، وآخر اسمه «الرجال الأشرار.. غوانتانامو والسجون السرية» ولقد مر وقت طويل على ذلك، وهناك الكثير مما يجب قوله وإخبار الناس به.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.