تتوالى انتصارات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية المدعومة بقوات التحالف في المحافظات الشمالية بعد دحر الميليشيات من المحافظات الجنوبية، وهو ما يشير إلى اقتراب معركة الحسم وإنهاء الانقلاب الذي قاده المتمردون الحوثيون وحلفاؤهم من أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
ورأى مراقبون ومحللون أن الانتصارات الأخيرة في مأرب وباب المندب تمهد الطريق نحو تحرير العاصمة صنعاء من الميليشيات. وقال الدكتور عبد الباقي شمسان أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، إن استعادة مضيق باب المندب، وسيطرة الجيش والمقاومة الوطنية المدعومة من دول التحالف العربي له أكثر من أثر واقعي ودلالة رمزية. وأضاف شمسان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «السيطرة على الممر الحيوي رسالة للخارج قبل الداخل الذي وضع كثيرًا من التحفظات على الحسم العسكري والتوجه نحو التسوية بغض النظر عن تحقيق الأهداف التي تأسس عليها تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية»، مشيرًا إلى أن استعادة مضيق باب المندب يرفع من منسوب الثقة بالجيش والمقاومة الوطنية والتحالف العربي على حماية الملاحة الدولية، وهو ما يعطيها موقفا تفاوضيا قويا من خلال تقليل مخاطر الصراع.
ولفت شمسان إلى أن تحرير هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة يمهِّد الطريق لتطهير ما تبقى من مناطق في محافظة تعز الواقعة وسط البلاد، التي تمثل موقعا استراتيجيًا في معادلة الصراع على مستوى الجغرافيا والسكان، ويمكن لذلك أن يوقف نزيف الدم والدمار والفوضى التي جلبها الانقلابيون إلى المدن التي احتلوها سواء في الشمال أو الجنوب. ويعتقد شمسان أن الهزائم الأخيرة للانقلابيين ستغير من مواقع القوى في فضاء الصراع العسكري والسياسي، علاوة على إضعاف معنويات الانقلابين وحليفتهم إيران التي راهنت على قدرتها على التحكم بالممر المائي الدولي وتهديد دول المنطقة من خلال ذلك.
ويقع باب المندب غرب البلاد، وهو البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وقد كان خلال العصور التاريخية سببًا للصراع الدولي بين القوى الاستعمارية الكبرى، خصوصا فرنسا وإيطاليا وإنجلترا، باعتباره مصدر تحكم بين الشرق والغرب، ويبلغ اتساع مضيق باب المندب 23.2 كيلومتر فيما بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيعان غربا، وتطل ثلاث دول على المضيق، هي اليمن وإريتريا وجيبوتي، غير أن اليمن يتحكم في الممر الدولي، عبر جزيرة ميون التي لا تبعد عن اليابسة اليمنية سوى 4.8 كيلومتر، فيما تبعد عن الساحل الأفريقي 33 كيلومترًا.
ويعد المحلل السياسي عبد الله إسماعيل، انتقال إدارة معركة الشرعية من عدن إلى جبهتين جديدتين هما مأرب وتعز، بداية واضحة لمعركة تحرير صنعاء بمعناها الشامل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه التطورات على جبهة مأرب، وإن ظن البعض أنها بطيئة إلا أنها كما هو واضح تسير بخطط مدروسة تستهدف تحقيق انتصارات كاملة تؤسس للاتجاه للجوف وعمران والضغط على صعدة، وبما يعني عزل العاصمة من هذا الاتجاه». ويرى أن «التصور العام لمعركة تحرير محافظة تعز، يقوم على محور استنزاف كبير للمتمردين، ونجحت في تشتيت قواتهم»، مشيرا إلى أنه وعلى الرغم من شعور الكثيرين بخذلان تعز، فإن الشواهد تدل على غير ذلك، ويضيف أن «الدعم لجبهة تعز متواصل ولولا ذلك لسقطت منذ وقت مبكر، كما أن الانقلابيين لم يحققوا أي تقدم رغم امتلاكهم للقوة العسكرية بالمعسكرات التي خان قادتها وجنودها شرفهم العسكري وخضعوا لهذه الميليشيات، ويؤكد إسماعيل أن التطورات الأخيرة في تعز ومأرب، يمكن فهمها بأن المسارين متوازيان، فبمجرد تحقيق تقدم كبير في مأرب انعكس على جبهة تعز في تقدم مهم ومماثل».
وعن معركة صنعاء قال المحلل عبد الله إسماعيل إن «خطة معركة صنعاء تسير برؤية واضحة، وأن مسألة حسم المعركة في تعز أصبحت مسألة أيام، وستصنع مع جبهة مأرب طرفي الكماشة للضغط على صنعاء للوصول إلى تسليم وانسحاب قد يجنّب مدينة صنعاء المعركة المباشرة»، وتابع أن «الجهد الأصعب في معركة صنعاء هو جبهة مأرب - الجوف - عمران - البيضاء، أما جبهة تعز - الحديدة - إب فهي في متناول الحسم بجهد عسكري أقل».
أما الإعلامي مأرب الورد فيرى أن التقدم الكبير في محافظتي تعز ومأرب يمثل مؤشرًا قويًا على اقتراب الحسم وفصله الأخير سيكون استعادة العاصمة صنعاء. وقال الورد إن «استعادة الجيش الوطني والمقاومة بدعم التحالف مواقع استراتيجية في مأرب مثل تبة المصارية وجبل البلق وسد مأرب وقطع خطوط الإمداد للمتمردين يدل على أن تحرير مأرب مسألة وقت، وهذا سيتبعه تحرير الجوف، وبالتالي تأمين محافظات الحدود واستنزاف الانقلابيين حد الإنهاك لتسهيل معركة صنعاء بحكم القرب الجغرافي»، معتبرا أن تحرير باب المندب من قبضة الانقلابيين رسالة قوية من الحكومة الشرعية لإيران وحلفائها بأن نفوذهم يتلاشي ويقترب من نهايته.
تقدم الجيش اليمني في مأرب وتعز يمهد لاستعادة صنعاء بأقل الخسائر
محللون: الانقلابيون يلفظون أنفاسهم الأخيرة.. وتلاشي طموحات إيران في اليمن
تقدم الجيش اليمني في مأرب وتعز يمهد لاستعادة صنعاء بأقل الخسائر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة