صعوبات في «مدن داعش» بالعراق بعد قطع رواتب موظفيها

تحذيرات من نتائج سلبية لقرار بغداد الهادف إلى قطع التمويل عن التنظيم

عنصر في «داعش» يوزع أكياسًا فيها قرطاسية على تلميذات في إحدى مدارس الموصل (أ.ب)
عنصر في «داعش» يوزع أكياسًا فيها قرطاسية على تلميذات في إحدى مدارس الموصل (أ.ب)
TT

صعوبات في «مدن داعش» بالعراق بعد قطع رواتب موظفيها

عنصر في «داعش» يوزع أكياسًا فيها قرطاسية على تلميذات في إحدى مدارس الموصل (أ.ب)
عنصر في «داعش» يوزع أكياسًا فيها قرطاسية على تلميذات في إحدى مدارس الموصل (أ.ب)

أغرق قرار الحكومة العراقية التضييق ماليًا على تنظيم داعش، من خلال وقف كل الأجور والرواتب في المدن الخاضعة لسيطرة التنظيم، الناس في أزمات قد تمكن المتشددين من تعزيز قبضتهم، حسبما يقول مسؤولون ومواطنون.
وخلال العام الذي سيطر فيه مقاتلو «داعش» على ثلث أراضي العراق ظلت بغداد تدفع رواتب ومعاشات موظفي الدولة داخل المناطق التي هيمن عليها التنظيم. لكن، حسب تقرير لوكالة «رويترز»، كل تلك المدفوعات توقفت منذ يوليو (تموز) الماضي؛ مما قطع دخل جميع أرباب المعاشات والموظفين والأطباء والمعلمين والممرضين والشرطة والعاملين بالشركات المملوكة للدولة، وقطع ما قد يكون آخر صلة رسمية تربطهم ببغداد.
وتهدف الخطوة إلى حرمان متشددي «داعش» من شريان دخل كانوا ينهلون منه لتمويل بناء دولة خلافة في العراق وسوريا. لكن مسؤولين ومواطنين بالمناطق الخاضعة لسيطرة المتشددين يقولون إن هذا جعل السكان أكثر إحباطًا وابتعادًا عن حكومة يشعر كثيرون أنها تخلت عنهم.
وقال يونس خلف، وهو عسكري متقاعد من شرطة الحدود في الموصل كان يعتمد على معاشه في إعالة سبعة أفراد، إن الحكومة «قطعت آخر صلة لها بنا.. لم يكن الحال أشد بؤسًا مما نحن عليه الآن».
ويعول «داعش» على عدة وسائل لتمويل أنشطته، منها سلب ملايين الدولارات من البنوك، ومنها بيع نفط من الحقول التي استولى عليها، وخطف أفراد لتحصيل فدية، وابتزاز أبناء المناطق التي سيطروا عليها أو تحصيل «الجزية» منهم.
ووصفت مجموعة العمل المالي - وهي هيئة مقرها باريس تعمل بين عدة حكومات وتشرف على الجهود العالمية للتصدي لغسل الأموال وتمويل الإرهاب - مدفوعات الرواتب العراقية بأنها «مصدر متجدد للدخل» بالنسبة للتنظيم قد يدر عليه مئات الملايين من الدولارات سنويًا. ويقر مسؤولو الحكومة بأن قطع الرواتب مؤلم للأفراد، لكنه كان لازمًا لوقف تمويل التنظيم فعليًا. وقال علي الفريجي، المستشار باللجنة الاقتصادية التابعة لمجلس الوزراء: «نحن نقاتل (داعش) وإيقاف دفع الرواتب هو جزء من الحرب ضد (داعش)». وأضاف «للأسف في كل حرب يوجد هناك أضرار جانبية».
وتقول الحكومة إنها ستستأنف دفع رواتب العاملين بالدولة بمجرد «تحرير» مناطقهم، وأن من تمكن منهم من الفرار من المناطق الواقعة تحت سيطرة «داعش» يمكنه المطالبة براتبه أو معاشه. لكن التنظيم يضع قيودًا صارمة على الحركة تحول دون مغادرة الناس للمناطق الواقعة تحت سيطرته، وإن كانت هناك دلائل على فرار المزيد من المواطنين من هذه المناطق منذ وقف المدفوعات.
وقال حسن العلاف، نائب محافظ نينوى، إن «كارثة إنسانية» يمكن أن تقع إذا لم يستأنف ضخ المدفوعات. وتخضع معظم أنحاء محافظته لسيطرة «داعش» ويعمل مجلس المحافظة الآن من إقليم كردستان المجاور. وحسب الفريجي، فإن ما يصل إلى 400 ألف شخص مدرجون على قوائم المدفوعات الحكومية في المناطق الخاضعة لتنظيم داعش.
وكل راتب أو معاش قد يعيل أسرًا بأكملها، والأثر يمتد لنطاق أوسع يندرج فيه من يعتمدون في أرزاقهم على الزبائن الذين يدفعون نقدًا. وفي مدينة الموصل التي كانت تؤوي ما يقرب من مليوني نسمة قبل أن يدخلها «داعش»، قال بائع ملبوسات في سوق السرجخانة، إن عمله تقلص بنسبة 70 في المائة تقريبًا منذ إيقاف الرواتب. وتحدث سكان بالموصل ومناطق أخرى يسيطر عليها التنظيم عن قيام الناس بتوفير المال والإنفاق على الضروريات اللازمة وحسب. ويبيع البعض أشياءهم الثمينة رغم انخفاض أسعار الكماليات. وقال أحمد فتحي الذي يدير متجرًا صغيرًا في سوق باب الطوب بالموصل، إن معظم زبائنه هذه الأيام من المتشددين.
ولم تطرح بغداد استراتيجية عسكرية فعالة لهزيمة المتشددين الذين صمدوا مع الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة منذ عام. ولم تنجح أيضًا محاولات سابقة لوقف تمويل التنظيم. وعندما حاولت بغداد إيصال المدفوعات من خلال مدينة ثالثة تكلف فيها شخصًا بتحويل الأموال عبر شركات خاصة في الموصل أصبح مال هذه الشركات في يد المتشددين. ولم يستفد «داعش» من النهل مباشرة من المبالغ النقدية وحسب، بل واستفاد بطريق غير مباشر أيضًا. فالمدفوعات الشهرية كانت تعني أن بوسع السكان شراء الوقود وأسطوانات الغاز التي يحصل المتشددون رسومًا عليها، وكذلك دفع ثمن الخدمات التي يقدمها التنظيم مثل تنظيف الشوارع وتوفير مياه الشرب. ويقول الفريجي: «بطريقة أو بأخرى هي تنتهي في جيوب (داعش). هذه المهزلة يجب أن تنتهي».
لكن سكان ومسؤولين محليين يقولون إنهم لم يلمسوا إلى الآن أي علامات تدل على أن قطع الرواتب فت في عضد «داعش». وكان التنظيم قد خفض رواتب مقاتليه بنسبة 30 في المائة في ذات الوقت الذي قطعت فيه الحكومة الرواتب تقريبًا، لكن لم يتضح ما إن كانت هناك صلة بين الأمرين.
وحسب أيمن جواد التميمي، الزميل بمنتدى الشرق الأوسط، وهو معهد أبحاث مقره الولايات المتحدة، أن إيقاف الرواتب سيضر بـ«داعش» ماليًا، لكنه لن يمثل ضربة قاصمة نظرًا لتنوع مصادر دخل التنظيم. وقال: «المشكلة تكمن في أن هذا ليس هو السبيل الوحيد الذي يتدفق منه المال على (داعش)». وتابع: «إيقاف دخل (داعش) يتطلب تفكيك هيكله الشبيه بهيكل الدولة، وهو ما لن يحدث في أراضيه في أي وقت قريب».
في الوقت ذاته، يقول بعض السكان إن قطع الرواتب قد يصب في صالح المتشددين؛ إذ سيعزز رسائل «داعش» الدعائية. وقال الشرطي المتقاعد خلف: «أعتقد أن (داعش) سيستفيد من هذا القرار، لأنه سيجتذب مزيدًا من المتطوعين ممن سيلجأون له للحصول على راتب يعيلون به أسرهم. لديهم المال الوفير ويعيشون في رغد».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.