حزب الله يعرقل انتخاب رئيس لبنان قبل حسم ملف سوريا

المشنوق يحذّر من وجود خطر على الاستقرار السياسي

عناصر من قوى الأمن يحرسون مبنى مجلس النواب اللبناني في وسط بيروت (رويترز)
عناصر من قوى الأمن يحرسون مبنى مجلس النواب اللبناني في وسط بيروت (رويترز)
TT

حزب الله يعرقل انتخاب رئيس لبنان قبل حسم ملف سوريا

عناصر من قوى الأمن يحرسون مبنى مجلس النواب اللبناني في وسط بيروت (رويترز)
عناصر من قوى الأمن يحرسون مبنى مجلس النواب اللبناني في وسط بيروت (رويترز)

على وقع التطورات السياسية والعسكرية الكبرى التي يشهدها الملف السوري، توافد نواب قوى «14 آذار» إلى المجلس النيابي، أمس (الأربعاء) تلبية لدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الـ29 لانتخاب رئيس جديد للبلاد. وكما جرت العادة وبسبب عدم اكتمال النصاب القانوني بفعل إصرار قوى «8 آذار» وعلى رأسها حزب الله وتكتل «التغيير والإصلاح» الذي يتزعمه النائب ميشال عون على مقاطعة الجلسات مشترطين الاتفاق على اسم الرئيس العتيد مسبقًا، أجّل بري الجلسة، وحدّد الحادي والعشرين من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي موعدًا للجلسة 30 لانتخاب رئيس.
وتعوّل قوى «8 آذار» على متغيرات إقليمية تصب لصالحها، وبالتحديد في الملف السوري بعد الدخول الروسي على الخط ما قد يتيح لها تسمية الرئيس الذي تريده لرئاسة الجمهورية، فيما تتمسك قوى «14 آذار» بوجوب انتخاب رئيس توافقي لا يكون محسوبًا على أي من الفريقين ما يتيح له التواصل مع الجميع ويساهم برأيها بحل الأزمات المتفاقمة التي تتخبط فيها البلاد.
وارتأت معظم الكتل السياسية قبل فترة قصيرة تلبية دعوة بري إلى حوار وطني يتصدر جدول أعماله بند الرئاسة. وقد اتفق الفرقاء في الجلسات الثلاث التي تم عقدها على وجوب أن تتم مراعاة أحكام الدستور في الانتخابات الرئاسية، وهو ما أسقط طرح عون الرامي إلى انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، وأدّى لتراجع حظوظ المرشحين الرئاسيين الذين يستدعي انتخابهم تعديلاً دستوريًا وهما قائد الجيش جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة باعتبارهما موظفي فئة أولى.
وتوتر المشهد السياسي في الساعات الماضية على خلفية ملف الترقيات العسكرية ودفع النائب عون باتجاه ترقيه صهره، قائد فوج المغاوير شامل روكز، مقابل سعي أخصامه السياسيين لتمرير تسوية شاملة لإعادة تفعيل العمل الحكومي والتشريعي.
وحذّر وزير الداخلية نهاد المشنوق من وجود «خطر على الاستقرار السياسي». وقال بعد لقائه رئيس حزب «القوات» سمير جعجع: «نحن دائمًا نأمل خيرًا من الحوار الحاصل، ولكن الوقائع التي نشهدها لن توصلنا إلى مكان طبيعي، فنحن لدينا ثقة بالرئيس نبيه بري وبإدارته لكل مسائل الوطن، ولكن الظروف المحيطة بطاولة الحوار لا تساعد كثيرًا».
بدوره، شدّد رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة على وجوب أن يكون «الهاجس إتمام التسويات تبعًا لأحكام الدستور وليس بمخالفته»، مؤكدًا أن «موقف المنتمين إلى الرابع عشر هو موقف ثابت واضح أنه لا بحث في أي أمر آخر على طاولة الحوار، قبل أن يبت موضوع رئيس الجمهورية».
وتحدث السنيورة في مؤتمر صحافي من مجلس النواب عن «إنجاز» حققته جلسات الحوار «بعد التقدم على مسارين مهمين. الأول، الاتفاق على ضرورة العودة إلى احترام الدستور، إذ إن إجراء تعديلات أو مخالفة الدستور فعليًا ليست من صالح أحد من اللبنانيين ولا أي مكون من اللبنانيين أن يستمر ويتعود على مخالفة الدستور». وأضاف: «أما الأمر الثاني، فالتفاهم على أهمية التوصل لوضع مواصفات لرئيس الجمهورية، لجهة وجوب ألا يزيد من حدة الخلاف بين اللبنانيين، بل يستطيع أن يجمع اللبنانيين.. يعني يجب أن يكون رئيسًا توافقيًا ويكون بداية مقبولاً ومؤيدًا في بيئة ومقبولاً ومؤيدًا من البيئة الأخرى».
وتتجه قوى «14 آذار» إلى إبلاغ الرئيس بري في الجلسة الحوارية المقبلة التي تنعقد في السادس من الشهر الحالي بأنّها لن تقبل ببحث أي بند قبل إيجاد حل للأزمة الرئاسية، كرد مباشر على محاولة العماد عون طرح موضوع قانون الانتخاب في الجلسة الماضية وإصراره على وجوب إجراء انتخابات نيابية تسبق تلك الرئاسية. وهو ما عبّر عنه وزير الاتصالات بطرس حرب بعد إرجاء جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، قائلاً: «من المعيب استمرار تعطيل نصاب انتخاب رئيس للجمهورية، فإذا كان البعض يراهن على أن طاولة الحوار الوطني المنعقدة في هذا المجلس هي مناسبة لتأخير انتخابات رئيس الجمهورية في انتظار توافر الظروف الدولية الإقليمية لانتخاب الرئيس للجمهورية فهذا أمر لن نتشارك فيه»، مشددًا على أن «موضوع رئاسة الجمهورية هو البند الأول الذي يجب أن يبت قبل الانتقال إلى البنود الأخرى، وهذا ما سنعلنه على طاولة الحوار في أول جلسة، لأن الشعور الذي تولد لدينا بعد الجلسات التي عقدناها، أن محاولة البحث في بنود أخرى تشجع الفرقاء الذين يعطلون النصاب على الاستمرار في التعطيل».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.