بوادر أزمة دبلوماسية بين الخرطوم وفرنسا وبريطانيا بسبب زيارة أسر ضحايا أحداث سبتمبر

السودان اعتبرها مسًا بكرامته وتدخلاً في سيادة البلاد

بوادر أزمة دبلوماسية بين الخرطوم وفرنسا وبريطانيا بسبب زيارة أسر ضحايا أحداث سبتمبر
TT

بوادر أزمة دبلوماسية بين الخرطوم وفرنسا وبريطانيا بسبب زيارة أسر ضحايا أحداث سبتمبر

بوادر أزمة دبلوماسية بين الخرطوم وفرنسا وبريطانيا بسبب زيارة أسر ضحايا أحداث سبتمبر

تلوح في الأفق بوادر أزمة دبلوماسية بين دول الاتحاد الأوروبي والحكومة السودانية على خلفية زيارة قامت بها لجنة التضامن السودانية برفقة دبلوماسيين غربيين في الخرطوم، لأسر ضحايا أحداث سبتمبر (أيلول) 2013. التي راح ضحيتها أكثر من مائتي متظاهر، هددوا خلالها باتخاذ «قرار قوي» ضد الحكومة.
ولقي أكثر من مائتي مدني مصرعهم في أحداث الاحتجاجات التي تعرف محليًا بـ«انتفاضة سبتمبر» والتي أعقبت إعلان الحكومة عن زيادات في أسعار الوقود والمحروقات قبل عامين، وتتهم منظمات دولية وذوو الضحايا والمعارضة السودانية أجهزة الأمن والشرطة الحكومية بارتكابها. ورغم مرور عامين على هذه الفاجعة لم تقدم الخرطوم خلاصة التحقيق حول أحداث القتل المأساوية للمحتجين السلميين، بيد أن الرئيس عمر البشير أعلن أخيرًا عن تعويضات لأسر الضحايا، فيما ذكر برلمانيون أن سيارات بلا لوحات أطلقت الرصاص ضد المحتجين.
وكانت وزارة الخارجية السودانية قد وعدت بالتقصي واتخاذ إجراءات ضد دبلوماسيين غربيين بشأن ما أوردته وسائل إعلام محلية عن زيارتهم بصحبة معارضين لأسر الضحايا أحداث 2013، معتبرة الزيارة تدخلاً في سيادة البلاد ومسًا بكرامتها، وقالت في بيان «ستتخذ الوزارة إجراءاتها بما يحفظ للسودان كرامته وسيادته، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية»، مضيفة أن «القضية لها إجراءات ومسار قانوني».
واستبقت الوزارة الإجراءات المزمعة بإعلان رفضها لما سمته «أي سلوك يعبر عن تدخل في الشأن الداخلي السوداني، ويعتبر سلوكا منافيا للأعراف والنظم الدبلوماسية».
من جهتها، قالت لجنة التضامن مع أسر الضحايا عقب زيارة نظمتها بمناسبة ذكرى الأحداث المأساوية التي رافقت الاحتجاجات الشعبية، والتي راح ضحيتها أكثر من مائتي قتيل حسب تقارير أممية، فيما اعترفت الخرطوم بمقتل 80 في تلك الأحداث، إن ممثلين للاتحاد الأوروبي، ومنهم السفير الفرنسي ونائب السفير البريطاني بالخرطوم رافقا اللجنة لزيارة ومعايدة أسر «شهداء» وجرحى تلك الأحداث، وأبدت أسفها واندهاشها للتصريحات الحكومية بقولها «كيف تحاسب الحكومة من زاروا أسر الضحايا وعزوهم في مصابهم، بدلاً من شكرهم.. قوات الحكومة قتلتهم وهؤلاء زاروهم ليعزوهم، فكيف يعاقب من قام بواجب العزاء والمعايدة؟».
وتوقع اللجنة أن يبقي مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، السودان تحت البند العاشر الخاص بالتعاون والدعم الفني، كما كان في الدورة السابقة، إثر اتفاق بين الوفد الأميركي والوفد السوداني، على مشروع قرار يبقيه تحت البند العاشر، وقالت في هذا الشأن «أصبح في حكم المؤكد أن يبقى السودان تحت البند العاشر، رغم أنف أسر الضحايا، دون أن يعد هذا انتصارًا للحكومة السودانية»،
واعتبرت الموقف الأميركي «خذلانًا» لشعب السودان، وتراجعًا عن المواقف السابقة التي كانت تطالب بإعادة السودان للبند الرابع «المراقبة» كما في مسودة قرار سابق قدمتها الإدارة الأميركية، وفقًا لصفقة غير معلنة بين الطرفين.
من جهتها، جددت الأسر التي زارها الوفد تمسكها بالقصاص ومحاكمة الجناة والمتورطين في إطلاق الرصاص على المتظاهرين، وطالبت من مجلس حقوق الإنسان، الذي من المتوقع أن يصدر قرارا بشأن ولاية الخبير المستقل لحقوق الإنسان، بإعادة الحكومة السودانية للبند الرابع تحت ولاية المقرر الخاص لحقوق الإنسان، بسبب اتساع انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد مقارنة بما كانت عليه في السابق، في الوقت الذي كشفت فيه اللجنة عن تعرض أسر بعض الضحايا لتهديدات حكومية.
ووفقًا للجنة التضامن فإن الدبلوماسيين الذين رافقوا لجنة التضامن، أعلنوا دعم حكوماتهم لجهود الخبير المستقل لحقوق الإنسان لتحقيق العدالة، وأعلنوا عن اتجاه لممارسة ضغوط على حكومة الخرطوم بإصدار «قرار قوي»، في مجال حقوق الإنسان في الجلسة التي ما تزال منعقدة في جنيف.
ونقلت تقارير صحافية عن متحدث باسم لجنة أسر الضحايا ووالد الطبيبة سارة عبد الباقي الخضر التي لقيت مصرعها في الأحداث، أن أسرًا كثيرة واجهت تهديدات للحيلولة دون انخراطها في اللجنة لمتابعة القضية.
ودعا الخضر لممارسة ضغوط قوية لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الأحداث لتتوقف عن ارتكاب مزيد من الانتهاكات ضد مواطنيها، وطالب الاتحاد الأوروبي بعدم إعفاء ديون السودان حتى لا تستخدمها في مزيد من البطش وإرهاب «الشعب السوداني» حسب عبارته.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.