الفلسطينيون محبطون وغاضبون من إهمال قادة العالم قضيتهم

عباس سيقول إن محاربة الإرهاب لا تتجزأ والوضع الحالي سينتهي.. والضفة تنتصر للأقصى

الرئيس أوباما.. ويبدو إلى اليسار الرئيس النيجيري والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وزراء العراق.. وإلى اليمين رئيس وزراء النرويج متحدثًا بصفته رئيسًا لقمة مكافحة الإرهاب (أ.ب)
الرئيس أوباما.. ويبدو إلى اليسار الرئيس النيجيري والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وزراء العراق.. وإلى اليمين رئيس وزراء النرويج متحدثًا بصفته رئيسًا لقمة مكافحة الإرهاب (أ.ب)
TT

الفلسطينيون محبطون وغاضبون من إهمال قادة العالم قضيتهم

الرئيس أوباما.. ويبدو إلى اليسار الرئيس النيجيري والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وزراء العراق.. وإلى اليمين رئيس وزراء النرويج متحدثًا بصفته رئيسًا لقمة مكافحة الإرهاب (أ.ب)
الرئيس أوباما.. ويبدو إلى اليسار الرئيس النيجيري والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وزراء العراق.. وإلى اليمين رئيس وزراء النرويج متحدثًا بصفته رئيسًا لقمة مكافحة الإرهاب (أ.ب)

ترك خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قناعات كبيرة لدى الفلسطينيين بأنه لا ينوي التركيز على الملف الفلسطيني الإسرائيلي خلال فترة رئاسته المتبقية، مما خلف حالة من الإحباط والغضب في أوساط القيادة الفلسطينية، التي كانت تعول على تحرك دولي قريب، بعد الانتهاء من الملف النووي الإيراني.
وقالت مصادر فلسطينية مقربة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لـ«الشرق الأوسط»: «بالتأكيد إهمال فلسطين في خطاب أوباما يحمل رسائل، وستكون له تداعيات على المرحلة المقبلة وعلى خطواتنا كذلك». وأضافت المصادر: «وحتى على خطاب الرئيس عباس».
ويفترض أن يلقي عباس اليوم كلمته أمام الجمعية العامة في السابعة بتوقيت فلسطين. وينتظر الفلسطينيون فحوى ما سيحمله الخطاب الذي أعلن سابقا أنه سيتضمن قنبلة. وقالت المصادر إنه بعد إهمال الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في كلمات كبار قادة العالم، أصبح على الرئيس أن يجري تعديلا على خطابه. وأضافت: «سيقول الرئيس للعالم ماذا يعني هذه الإهمال، وسيقول لكبار القادة في العالم، إنه من دون حل القضية الفلسطينية فلا سلام ولا استقرار في المنطقة، وإنه لا يمكن تجزئة محاربة الإرهاب».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما ركز في خطابه على الملف السوري ومحاربة الإرهاب، متجاهلا الملف الفلسطيني تماما، الأمر الذي انسحب، بدوره، على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وعبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، عن خيبة أمله صراحة من إهمال الرئيس الأميركي باراك أوباما للموضوع الفلسطيني في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتساءل عريقات: «هل يعتقد الرئيس أوباما أن بإمكانه هزيمة (داعش) والإرهاب، أو تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بتجاهله لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان الإسرائيلي والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على المسجد الأقصى؟!».
وقال قاضي القضاة، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، محمود الهباش، المقرب جدا من عباس، أمس، إن الرئيس عباس سينقل للعالم الوضع المأساوي الذي آلت إليه الأوضاع في دولة فلسطين، جراء العدوان الإسرائيلي وإطلاق يد المستوطنين تعبث وتحرق الشجر والحجر والبشر، وتعيث فسادا في الأقصى المبارك وتمنع حرية العبادة للفلسطينيين. وأضاف في بيان أن «إسرائيل هي من أوصدت الأبواب في وجه أي حل سياسي يجلب حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال وإقامة دولته المنشودة وعاصمتها القدس». واتهم الهباش المجتمع الدولي بإهمال القضية الفلسطينية تحت شعارات الانشغال «بما يسمى الجماعات الإرهابية التي أنشأتها دول كبرى لتدمير عالمنا العربي والإسلامي وإنشاء شرق أوسط جديد بأيدي الجهلة وشذاذ الآفاق».
ويفترض أن يحذر عباس اليوم، من أن استمرار الأوضاع الحالية قد يؤدي إلى انتهاء دور السلطة وبدء دوامة عنف جديدة. وسيقول إنه لا يمكن استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه، وإن على إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها بصفتها دولة تحتل الدولة الفلسطينية، وقد يلجأ إلى الإعلان عن فلسطين «دولة تحت الاحتلال». كما سيركز الرئيس على اتفاقات أوسلو، وسيقول للعالم إن السلطة لا تستطيع الآن الالتزام ببعض بنود الاتفاق التي أخلت بها إسرائيل وشطبتها تماما.
وبينما ينتظر الفلسطينيون ما سيقوله عباس، تظاهر آلاف منهم أمس واشتبكوا مع الجنود الإسرائيليين عند نقاط التماس على مداخل مدن الضفة الغربية، في مسيرات دعت إليها حركة فتح «نصرة للأقصى». وأصيب عشرات الفلسطينيين بالرصاص والغاز المسيل للدموع، فيما شل الإضراب الشامل المصالح التجارية لمدة ساعتين.
وجاب ملثمون في مشهد أصبح نادرا، شوارع الضفة الغربية، وفرضوا الإغلاق على المحال التجارية لمدة ساعتين، احتجاجا على المس الإسرائيلي المتواصل بالمسجد الأقصى، قبل أن ينطلقوا إلى نقاط التماس مع إسرائيل.
وسجلت أعنف المظاهرات عند مستوطنة «بيت إيل» في رام الله، وعلى حاجز «قبة راحيل» في بيت لحم، وفي محيط مدينة طولكرم. وقالت مصادر طبية إن 8 فلسطينيين، على الأقل، أصيبوا بالرصاص في مواجهات الضفة. وبخلاف مرات سابقة، لم تتدخل قوى الأمن الفلسطينية لرد المتظاهرين عن الوصول إلى الحواجز الإسرائيلية.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، إن المحافظات الفلسطينية خرجت لتدافع عن المسجد الأقصى ورفضا لأي محاولة إسرائيلية لتهويده والاعتداء عليه. وطالب المجتمع الدولي بالوقوف عند مسؤولياته و«تقديم آليات لتعزيز صمود شعبنا». وأكد أبو يوسف على تمسك القيادة والشعب بأقصاه، مشيرا إلى أن الرئيس يجري اتصالات رسمية مع رؤساء وقادة العالم لوقف الممارسات الإسرائيلية ضد الأقصى والمقدسات.
وشهد المسجد الأقصى على مدار الأيام الماضية مواجهات عنيفة بين القوات الإسرائيلية ومصلين إثر اقتحامات مستوطنين وقوات إسرائيلية لساحات المسجد.
ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بمحاولة تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، فيما تقول إسرائيل إنها لن تغير الوضع القائم.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.