مصير الأسد يتصدر أولويات اجتماعات الأمم المتحدة اليوم.. ولقاء مرتقب بين الرئيسين الروسي والأميركي

موسكو تعلن عن اجتماع يشمل «اللاعبين الرئيسين» في النزاع السوري الشهر المقبل

مصير الأسد يتصدر أولويات اجتماعات الأمم المتحدة اليوم.. ولقاء مرتقب بين الرئيسين الروسي والأميركي
TT

مصير الأسد يتصدر أولويات اجتماعات الأمم المتحدة اليوم.. ولقاء مرتقب بين الرئيسين الروسي والأميركي

مصير الأسد يتصدر أولويات اجتماعات الأمم المتحدة اليوم.. ولقاء مرتقب بين الرئيسين الروسي والأميركي

تشهد الأمم المتحدة اليوم (الاثنين) مع افتتاح اعمال جمعيتها العامة، صداما مرتقبا بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي نجح في فرض نفسه في قلب الجدل حول النزاع في سوريا، ونظيره الأميركي باراك اوباما الذي يبحث عن استراتيجية حيال هذا البلد، حيث يلقي الرئيسان الروسي والاميركي كلمتين في الجمعية العامة قبل لقاء على انفراد.
ويعقد الرئيسان الروسي والاميركي عصرا اول لقاء رسمي بينهما منذ اكثر من سنتين بعد ان يلقيا بفارق دقائق خلال النهار كلمتيهما من منبر الامم المتحدة اللتين ستعكسان الخلاف في مواقفهما حيال الملف السوري الشائك.
من جانبها، اعلنت وزارة الخارجية الروسية اليوم أيضا ان "اللاعبين الرئيسين" في النزاع السوري كالولايات المتحدة وروسيا والسعودية وايران وتركيا ومصر سيجتمعون في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بينما توجه الرئيس الروسي الى الامم المتحدة لكشف النقاب عن خطته حول سوريا "سيتم تشكيل اربع مجموعات عمل في جنيف، كما ان لقاء مجموعة الاتصال التي تضم اللاعبين الرئيسين سيكون الشهر المقبل على ما اعتقد بعد انتهاء اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة".
وبعدما عزله الغرب على خلفية دوره في النزاع في اوكرانيا، تمكن بوتين بشكل ملفت من التموضع من جديد في قلب السجال حول سوريا التي تشهد نزاعا داميا مستمرا من اربع سنوات ونصف السنة.
وفي وقت تعمد روسيا الى تكثيف وجودها العسكري في سوريا حيث تنشر قوات وطائرات حربية في احد معاقل النظام، اعلن بوتين انه يسعى لتشكيل "ارضية مشتركة" مع دول المنطقة لمكافحة تنظيم "داعش".
واكد البيت الابيض الذي باغتته الهجمة الدبلوماسية الروسية، انه سيكون من "غير المسؤول" عدم اعطاء فرصة للحوار مع بوتين، داعيا الى نهج براغماتي مع الكرملين يقوم على تناول كل من الملفات على حدة.
وقال بن رودز مستشار اوباما "اننا نراقب الافعال وليس الاقوال فحسب"، مضيفا "بالنسبة لاوكرانيا، نادرا ما ترجمت الاقوال الى افعال. لكن في الملف النووي الايراني، فان روسيا وفت بالتزاماتها ولعبت دورا بناء". غير ان التعاطي مع هذا الملف سيكون في غاية الدقة بالنسبة لواشنطن.
واقر مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية أمس (الأحد) "اننا ما زلنا في بداية محاولاتنا لفهم نوايا روسيا في سوريا والعراق، ورؤية ما اذا كان هناك سبيل لايجاد مخرج مفيد" للأزمة.
وتغتنم موسكو البلبلة في صفوف الغربيين حول مصير الرئيس السوري بشار الاسد، فتؤكد ان دعمه هو الوسيلة الوحيدة لوضع حد لحرب اوقعت اكثر من 240 الف قتيل حتى الآن.
وتطالب الولايات المتحدة منذ سنوات برحيل الرئيس السوري غير انها لطفت موقفها مؤخرا، اذ اقر وزير الخارجية جون كيري قبل اسبوع بان الجدول الزمني لخروج الاسد من السلطة قابل للتفاوض.
وتقود واشنطن منذ اكثر من سنة ائتلافا عسكريا يضم ستين بلدا اوروبيا وعربيا يشن ضربات على مواقع لتنظيم "داعش" في سوريا والعراق.
غير ان هذه الحملة العسكرية لم تمنع التنظيم المتطرف من تعزيز مواقعه ولم تحد من تدفق المقاتلين الاجانب للانضمام الى صفوفه حيث بلغ عدد المقاتلين الاجانب الوافدين الى سوريا والعراق ثلاثين ألفا منذ 2011، بحسب ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين في الاستخبارات الاميركية بتقرير نشرته أمس.
وحول تباينات المواقف لتحديد مصير الأسد، نقلت صحيفة تركية اليوم عن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، قوله ان بلاده لا تزال تعارض أي انتقال سياسي في سوريا يكون فيه دور للرئيس بشار الاسد، وجاءت تصريحاته موضحة موقف تركيا فيما يبدو.
لكن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ردد في الاسبوع الماضي الفكرة التي تقول ان الاسد يمكن أن يكون جزءا من فترة انتقالية. وفي وقت لاحق قال اردوغان ان تصريحاته لا تمثل تغييرا في سياسة أنقرة.
وقالت صحيفة "حرييت" ان داود أوغلو الموجود في نيويورك لحضور دورة الجمعية العامة للامم المتحدة، قال أمس ان تركيا تقبل أي حل سياسي يوافق عليه السوريون، لكن يجب ألا يكون الأسد جزءا منه. ونقلت عنه قوله "مقتنعون بأن بقاء الاسد في السلطة خلال الفترة الانتقالية لن يجعلها انتقالية. نعتقد أن هذا الوضع سيتحول الى أمر واقع دائم. ما نقتنع به في هذا الشأن لم يتغير".
بدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لقناة "سكاي نيوز" التلفزيونية أمس، ان الاسد يمكن أن يكون جزءا من حكومة انتقالية لكن ينبغي ألا يكون جزءا من مستقبل سوريا على المدى الطويل.
وتدور التساؤلات حول الاجواء التي ستسود اللقاء بين اوباما وبوتين. حيث قال جوش ارنست المتحدث باسم الرئيس الاميركي "لا أتوقع عداء صريحا لكن هناك موضوعات جدية يتحتم على الولايات المتحدة وروسيا طرحها"، مؤكدا ان اوباما "لن يتردد ثانية في بحث مخاوفنا الفعلية حول موقف روسيا في اوكرانيا وفي مواقع اخرى من العالم".
ومن المحطات المهمة في هذا اليوم من النشاطات الدبلوماسية المكثفة في نيويورك، خطاب الرئيس الايراني حسن روحاني من منبر الامم المتحدة في اول كلمة له منذ توقيع الاتفاق حول برنامج طهران النووي في يوليو ( تموز) المنصرم في فيينا.
وأبدى روحاني لاول مرة أمس استعداد بلاده للقيام بعملية تبادل سجناء مع الولايات المتحدة، مؤكدا ان ايران ستعمل للافراج عن ثلاثة اميركيين من سجونها بينهم صحافي في "واشنطن بوست" لقاء اطلاق سراح سجناء ايرانيين معتقلين في الولايات المتحدة.
كما يلقي الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ايضا كلمة امام قادة العالم غداة اول ضربة فرنسية على معسكر تدريب لمتطرفي تنظيم "داعش" قرب دير الزور في شرق سوريا.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.