مقتل 175 من «الجيش الحر» في كمين أعدته قوات النظام وحلفائه

دمشق قالت إنهم تسللوا من الأردن * مصرع 3300 في المواجهات بين «داعش» وكتائب معارضة

رجال إنقاذ في حي المشهد بحلب بعد غارة جوية نفذتها القوات النظامية أمس (رويترز)
رجال إنقاذ في حي المشهد بحلب بعد غارة جوية نفذتها القوات النظامية أمس (رويترز)
TT

مقتل 175 من «الجيش الحر» في كمين أعدته قوات النظام وحلفائه

رجال إنقاذ في حي المشهد بحلب بعد غارة جوية نفذتها القوات النظامية أمس (رويترز)
رجال إنقاذ في حي المشهد بحلب بعد غارة جوية نفذتها القوات النظامية أمس (رويترز)

لقي عشرات المقاتلين التابعين للمعارضة السورية حتفهم في كمين نظامي بمؤازرة مقاتلين من حزب الله اللبناني في الغوطة الشرقية بريف دمشق أمس. وفي حين أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، مقتل أكثر من 175 مقاتلا معارضا في كمين على مدخل أحد معاقل المعارضة بريف دمشق، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل ما لا يقل عن 70 مقاتلا وفقدان الاتصال بـ89 آخرين، من دون أن يستبعد احتمال مقتلهم أيضا، مشيرا إلى أن مقاتلين من حزب الله اللبناني نصبوا الكمين بالتعاون مع القوات النظامية. وكانت وكالة «سانا» ذكرت أمس أنه «بناء على معلومات استخباراتية أردت وحدة من جيشنا الباسل أفراد مجموعة إرهابية مسلحة قتلى في الغوطة الشرقية بريف دمشق»، ناقلة عن قائد ميداني قوله إن «وحدة من جيشنا رصدت إرهابيين من جبهة النصرة وما يسمى لواء الإسلام أثناء تنقلهم على محور النشابية - ميدعا - عدرا الصناعية - الضمير - بئر القصب - الأردن وأوقعت أكثر من 175 قتيلا بينهم وأصابت آخرين».
وتعد الغوطة الشرقية التي تقع إلى الشرق من دمشق معقلا أساسيا لكتائب المعارضة، وبينها جبهة النصرة التي تعد الذراع الرسمية لتنظيم القاعدة في سوريا، وتشارك في قتال القوات النظامية منذ مطلع عام 2012، ويعتقد أنها ناشطة في الميدان السوري منذ صيف 2011.
في المقابل، أفاد المرصد السوري بمقتل «ما لا يقل عن 70 مقاتلا من الكتائب الإسلامية المقاتلة»، مشيرا إلى «معلومات مؤكدة عن فقدان الاتصال مع 89 آخرين قد يكونون استشهدوا، خلال كمين نفذته قوات حزب الله اللبناني مدعمة بالقوات النظامية بين بلدتي العتيبة وميدعا في الغوطة الشرقية». وأشار المرصد إلى أن «العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود عشرات المفقودين».
وتقع العتيبة على المدخل الشرقي من الغوطة التي تعد إلى جانب منطقة القلمون الواقعة كذلك في ريف العاصمة أحد مسارح الاشتباكات بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية. وأفادت «سانا» نقلا عن «القائد الميداني» بأن «هذه العملية تأتى نتيجة تضييق الخناق على المجموعات الإرهابية المسلحة في الغوطة الشرقية واستعداد وحدات الجيش لمنع الإرهابيين من التسلل باتجاه الغوطة الشرقية». وأوضحت أن «المجموعة الإرهابية كانت تحاول تخفيف الضغط عن الإرهابيين الذين يتلقون ضربات قاصمة من جيشنا الباسل في منطقة القلمون عبر استقدام إرهابيين مدعومين من دول عربية وإقليمية عبر الحدود الأردنية». وقال مصدر أمني إن «المجموعة أتت من الأردن وتسللت الأربعاء عبر الحدود»، مشيرا إلى أن «المعركة جرت نحو الساعة الخامسة فجرا».
ويأتي هذا الكمين بعد أيام على بدء المعارضة استعدادها لشن معركة دمشق من الجبهة الجنوبية، وتأكيد المعارضة أن مجموعات من مقاتليها تدربوا في الأردن برعاية أميركية سيشاركون في معركة دمشق الهادفة إلى فك الحصار عن الغوطتين الشرقية والغربية. وكانت اتفاقات هدنة عقدت بين طرفي النزاع في عدد من البلدات الواقعة في الريف الدمشقي التي تشهد اقتتالا داميا منذ أكثر من سنة.
وتزامن هذا التطور الأمني لصالح النظام مع تعرض مناطق في أطراف مدينة يبرود لقصف نظامي، فيما شن الطيران النظامي غارات على أطراف المدينة ومناطق أخرى. واستمرت الاشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة وجبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام من جهة، والقوات النظامية وقوات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني من جهة أخرى. وأفاد المرصد السوري باشتباكات بين الكتائب المقاتلة والقوات النظامية على أطراف المتحلق الجنوبي بالقرب من زملكا، بالتزامن مع قصف بقذائف الهاون وإطلاق نار بالرشاشات الثقيلة، على مناطق في مدن وبلدات الغوطة الشرقية، وقصف على أطراف مدينة عربين. كما تعرضت المنطقة الغربية في مدينة داريا لقصف نظامي، ترافق مع قصف مروحي بالبراميل المتفجرة. وقال المرصد السوري إن «مسلحين مجهولين اغتالوا رئيس بلدية حرستا بإطلاق النار عليه في مدينة التل»، مشيرا كذلك إلى غارات جوية على أطراف يبرود وجرود قرية فليطة، التي شهدت أمس اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة ومقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى.
وفي درعا، دارت اشتباكات أمس في جنوب مدينة الشيخ مسكين، بالتزامن مع تعرض مناطق في بلدة الحراك لقصف نظامي. كما وقعت اشتباكات على أطراف مخيم درعا، وسط قصف نظامي على منطقة الاشتباك طال أيضا أنحاء عدة في مدينة نوى. وفي حلب، نقل المرصد السوري أنباء عن اعتقال القوات النظامية أكثر من 17 شخصا على طريق حلب بالقرب من بلدة خناصر، اقتادتهم إلى جهة مجهولة، في حين تجددت الاشتباكات بين مقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية من جهة، والقوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني وضباط من حزب الله اللبناني من جهة أخرى في منطقة النقارين. وشهدت مناطق في حلب القديمة اشتباكات بين القوات النظامية مدعمة بمسلحين موالين لها، والكتائب المقاتلة بالقرب من المسجد الأموي، بحسب ناشطين.
أما في الحسكة، فقد أطلقت وحدات حماية الشعب الكردي سراح 25 موقوفا لديها اعتقلتهم خلال الاشتباكات التي دارت مع «الدولة الإسلامية» والكتائب المبايعة لها في بلدة تل براك بين مدينتي الحسكة والقامشلي في الثاني والعشرين من الشهر الجاري وانتهت بسيطرة وحدات الحماية على البلدة. وأورد المرصد السوري أنباء عن «توقف الاشتباكات بين داعش من جهة ومقاتلي جبهة النصرة وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى في محيط بلدة مركدة، نتيجة اتفاق على هدنة بين الطرفين». وفي موازاة ذلك، استمرت الاشتباكات العنيفة بين وحدات حماية الشعب الكردي ومقاتلي داعش في محيط حي غويران بمدينة الحسكة.
وفي حصيلة جديدة، أحصى المرصد السوري أمس مقتل 3300 شخص منذ بدء الاشتباكات بين داعش وكتائب المعارضة الأخرى، في الفترة الممتدة بين الثالث من يناير (كانون الثاني) الماضي وحتى منتصف ليل أول من أمس. وقال إن 2591 شخصا منهم قتلوا خلال تفجير السيارات والعبوات والأحزمة الناسفة والاشتباكات بين الطرفين، في محافظات حلب وإدلب والرقة وحماه ودير الزور وحمص والحسكة، في حين لقي 1380 مقاتلا من الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية مصرعهم خلال اشتباكات واستهداف سيارات للكتائب، وتفجير سيارات مفخخة، في محافظات إدلب وحماه، وحلب والرقة وحمص ودير الزور ودمشق.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.