زعماء العالم يتبنون خطة نحو عالم أفضل في غضون 15 سنة

في التعليم ومكافحة الفقر والرعاية الصحية والبيئة

ملالا يوسفزاي الشابة الباكستانية الناشطة
ملالا يوسفزاي الشابة الباكستانية الناشطة
TT

زعماء العالم يتبنون خطة نحو عالم أفضل في غضون 15 سنة

ملالا يوسفزاي الشابة الباكستانية الناشطة
ملالا يوسفزاي الشابة الباكستانية الناشطة

تبنى قادة الكوكب أمس الجمعة، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك خطة طموحة تعد بعالم أفضل في غضون 15 سنة في شتى الميادين، لكن كلفتها باهظة ونجاحها لا يبدو مضمونًا.
وعند افتتاح القمة التي تجمعهم حتى الأحد، حدد 150 رئيس دولة وحكومة 17 هدفًا للتنمية المستدامة يفترض تحقيقها بحلول نهاية 2030.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على «وجوب البدء بالعمل على الفور» طالبا من «الحكومات بأن تقرّ في باريس في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، اتفاقا متينا وشاملاً حول المناخ».
وناشدت ملالا يوسفزاي الشابة الباكستانية الناشطة من أجل حق النساء بالتعليم، الحكومات «الإيفاء بوعودها (لتأمين) تعليم للجميع».
من جهّتها دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى «معالجة أسباب» نزوح اللاجئين الذين «يهربون من الرعب والعنف»، مشددة على أنّ السلام «شرط مسبق» للتنمية.
ورحب رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي من ناحيته، بالتركيز على «أولوية التغير المناخي» في الأهداف المحددة مبديًا «أمله في أن تفي الدول المتطورة بتعهداتها».
كما وعد الرئيس النيجيري محمد بخاري في أول خطاب له في الأمم المتحدة، بمكافحة الفساد والممارسات الإجرامية الأخرى بشكل أفضل.
وطالب رئيس زيمبابوي روبرت موغابي مرة أخرى «برفع العقوبات بلا شروط عن بلاده»، موضحًا أنّ ذلك سيسهل عليه تطبيق أهداف الأمم المتحدة.
بينما اعتبر البابا فرنسيس الذي ألقى قبل ذلك مباشرة كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنّ خطة العمل الجديدة «مؤشر مهم على الرجاء». لكنه نبّه إلى أنّه لا يكفي «وضع لوائح طويلة من النيات الطيبة».
والهدف الأول هو «القضاء على الفقر بكل أشكاله» لا سيما وأن 836 مليون شخص ما زالوا يعيشون بأقل من 1.25 دولار في اليوم.
وسيتوجب أيضا تأمين التعليم والرعاية الصحية للجميع وتشجيع النساء والإدارة الرشيدة والحد من ارتفاع حرارة الكوكب.
وهذه الخطة العملاقة تأتي بعد أهداف التنمية الألفية التي شملت الفترة من العام ألفين حتى 2015.
لكن الخطة الجديدة أكثر طموحًا بكثير من الخطة الألفية برأي المشككين.
وستنطبق خطة العمل الجديدة أيضا على البلدان المتقدمة وستتوسع إلى ميادين حساسة سياسيًا مثل الحوكمة والمساواة بين الرجال والنساء ومكافحة الفساد.
لكن سيتعين توفير التمويل لها والتأكد من أنّ الحكومات تلتزم بها ومن ألا أحد سيترك مهمشا أثناء تطبيق الخطة الإنمائية.
وسيضاف إلى هذه التحديات النمو الديموغرافي المتوقع بحلول 2030 في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والنزوح إلى المدن وشيخوخة السكان مما يثقل الحسابات الاجتماعية.
وكما تذكر السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامنتا باور «فإن الحرب الأهلية في بلد نام يمكن أن تعيد اقتصاد هذا البلد 30 سنة إلى الوراء».
لكن تطبيق الخطة الأممية سيكون طوعيا إذ يبقى كل بلد حرا في تطبيق أو عدم تطبيق أهدافها كما سيكون بإمكانه اختيار الوسائل لتطبيقها.
ويعتبر الخبراء أنّه سيتعين لتمويل الخطة، رصد ما بين 3500 و5000 مليار دولار سنويا على مدى 15 عاما، أو أكثر. وذلك يتخطى على سبيل المثال إجمالي الناتج الداخلي في فرنسا والمملكة المتحدة أو ألمانيا.
وفي الوقت نفسه فإن المساعدة الإنمائية التي تمنحها الدول الثرية للأكثر فقرًا في تراجع بسبب الأزمة الاقتصادية.
وفي هذا الإطار تعول الأمم المتحدة على تحسين جباية الضرائب في كل بلد وعلى مكافحة الفساد.
وجاءت نتائج الخطة السابقة متفاوتة حيث سجلت تراجعا للفقر المدقع ووفيات الأطفال إلى النصف، قياسا إلى العام 1990، والأمراض مثل الملاريا، تراجعت بشكل ملحوظ وبات الهاتف الجوال في متناول 92 في المائة من سكان الدول النامية (مقابل 10 في المائة في العام 2000).
لكن البيئة عانت من النمو المتسارع في دول كالصين والهند، كما ازداد التفاوت لا سيما وأنّ أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا بقيا في المؤخرة.
فهناك شخص من أصل أربعة يعاني من سوء التغذية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فيما يهدر 1.3 مليار طن من الأغذية كل سنة في العالم، و75 مليون طفل لا يذهبون إلى المدرسة.
إلى ذلك لا تتوفر مراحيض لمليارين ونصف المليار من سكان الأرض، كما أن هناك 1.3 مليار ما زالوا محرومين من شبكة كهربائية حديثة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.